خلال السنوات الأولى من دراستي الجامعية كنت شغوفاً بقراءة الكتابات الاقتصادية والرؤى والكتب الاقتصادية، كنت أتابع عدداً من المجلات المحلية والعربية الاقتصادية لمتابعة الأوضاع الاقتصادية، وكان لدي عدد من الكتاب الصحفيين الاقتصاديين منهم الدكتور أحمد البواب الذي ترجل الاثنين مودعاً هذه الدنيا مخلفاً سمعة طيبة وكنوزاً من المعرفة في المجال الاقتصادي، كان البواب كاتباً في صحيفة “26 سبتمبر” وله عمود أسبوعي مميز، استطاع من خلاله أن يقدم للقارئ اليمني الكثير من الرؤى والأفكار فكان له دور بناء في مناقشة العديد من القضايا الاقتصادية الهامة التي تواجهها القطاعات الاقتصادية اليمنية المختلفة ، كتب كثيراً عن أهمية قطاع التأمين في البلاد وعن الدور الاقتصادي للاتصالات وعن التحديات التي تواجهها التنمية في اليمن وعن الصعوبات التي تعترض القطاع الإنتاجي ، كان يحاول أن يقدم أكثر من رؤية كان يبني مقاله الصحفي من الأساس حتى يصل إلى قمة الهرم ليقدم المشكلة وينقل أسبابها وتداعياتها على الاقتصاد اليمني وكيفية تجاوزها ويقدم أكثر من حل لمشكلة محددة ، من خلال كتاباته كان الراحل البواب موسوعة علمية في المجال الاقتصادي كان مطلعاً لا يعتمد على الحصيلة العلمية التي حصدها خلال مسيرته التعليمية التي بدأت من مدرسة الكويتبصنعاء – ولم تنته بحصوله على درجة الدكتوراه من الجامعة الأمريكية العالمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ولاية مسيسبي بسكاجولا في العام 2004م بدرجة امتياز، بل كان شغوفاً بالاطلاع على تجارب الدول والحكومات المتميزة في تجاوز مراحل الركود التنموي والاقتصادي. البواب كان كاتباً وأكاديميا ونموذجاً للموظف المثالي من خلال عمله مديراً للعلاقات العامة في البنك اليمني للإنشاء والتعمير، فالرجل كان ملتزما بمهامه مؤمنا برسالته التنويرية في مجال الإعلام الاقتصادي ، ذات يوم في العام 2012م ، فاجأني - رحمة الله عليه- برسالة قال لي فيها أرسلت لك خبراً سوف يعجبك كثيراً ، وعندما قرأت الخبر تفاجأت بأن الدكتور أحمد البواب تلقى كلمة شكر من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ردا على هديته المتمثلة بكتاب ألفه المرحوم بعنوان الرؤية الاقتصادية ، أوجز فيه رؤيته الاقتصادية ولخص فيه فكرة الاقتصادي الواعي والمتزن والمؤمن بأن الشعوب تمتلك من الخصوصيات والثروات والإمكانيات ومن الفرص ما يمكنها من الانتقال من مربع التخلف والتعثر الاقتصادي والتنموي إلى مصافي الدول المتقدمة، للأسف أعجب أوباما حينها بفكر البواب النقي ورؤيته الاقتصادية الثاقبة ولم يعجب حينها النظام السياسي السابق في صنعاء . الحديث عن صفات الراحل وعطائه وثرائه العلمي والعملي لا يمل ، فالدكتور أحمد البواب عاش كريما وحراً وطموحاً وقدم للمكتبة اليمنية الكثير من الكتب والمؤلفات وأثرى الصحافة اليمنية وعلى رأسها صحيفة “ 26 سبتمبر” التي كانت محرابه الأول بالمئات من المقالات والكتابات القيمة وكان له دوراً بارزاً في القطاع المصرفي اليمني ، فرحيل البواب في الوقت الذي يعيش اليمن أسوأ مراحله التاريخية جراء العدوان والحصار الذي يواجهه منذ أكثر من أربع سنوات ، يعد خسارة كبيرة، فالوطن برحيل هذا الهامة العلمية والاقتصادية وقد خسر واحداً من أهم رجالاته، رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته ,, نعزي أنفسنا ونعزي أولاد الفقيد ورفاقه وأصدقائه ومحبيه .