الأربعاء 06 نوفمبر 2013 01:30 مساءً ما من مناسبة تقتضي الكتابة عن صديق إلا وكان الأخ العزيز الزميل نعمان الحكيم سباقاً إلى الكتابة، ويخال لي أنه دخل موسوعة (جينيس) في باب ما يسمى في الأدب (الإخوانيات)، وفي توصيفي له أن الأخ الوفي والذي كتب عن السوماني الأول في اليمن الدكتور مبارك حسن الخليفة وشاطره الوفاء الدكتور قاسم المحبشي, أحد طلاب الدكتور الخليفة, أو الدكتور مبارك الدرماني العدني. مبادرة كريمة أقدم عليها منتدى (أبو علي مصطفى) بعدن (التابع لمكتب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، وللعزيزين محمد رجب جرادة (أبو رجب) ولأبي علي مصطفى مكانة خاصة في قلوبنا كونهما قد حققا الاندماج الاجتماعي في النسيج العدني، وتجسدت تلك البادرة في استضافة الدرماني العدني ثالث أيام عيد الأضحى المبارك في المنتدى الأغر. الحديث عن الدكتور مبارك حسن خليفة ذو شجون، له بداية ويصعب أن تكون له نهاية، فالرجل من مواليد أم درمان (السودان) في 3 مارس 1931م، وتأتي هنا أم درمان على الخط لأن فريق نادي الموردة السوداني قدم من أم درمان وسكن ذاكرة عدن عندما استقبلت عدن فريق الموردة في 31 يناير 1963م, أي قبل أكثر من خمسين عاماً وحظي بإعجاب شعبي منقطع النظير من جمهور الكرة العدني في زمن الراحل الكبير عبده علي أحمد, رئيس الجمعية الرياضية العدنية، ونائبه الراحل الكبير أيضاً أستاذنا إبراهيم روبله. حصل الدرماني العدني على الليسانس من جامعة القاهرة ثم الماجستير في الأدب العربي من جامعة الخرطوم والدكتوراه في باكستان. عمل في أم درمان مدرسا في ثانويتها وفي المعهد العالي للمعلمين (كلية التربية) وعمل بعد ذلك مدرسا في ثانوية دبي بدولة الإمارات عام 1974م واعتبارا من سبتمبر 1977م حتى طلب إعفائه من سلك التدريس بجامعة عدن عام 2011م, أي أنه أمضى بين ظهرانينا (34) عاماً، عرفته فيها كل كليات التربية في عموم محافظات الجنوب، وحقق قاعدة كمية ونوعية في صفوف الأكاديميين والمثقفين والطلاب وعموم المجتمع وخاصة في عدن الذين أحبوا فيه سعة الثقافة ورونق الإبداع وروح النكتة وسرعة البديهة والفطنة ولا يخلو أي مجلس من مجالسه مع الأصدقاء من تعالي الضحكات من نكات وقفشات وتعليقات الدرماني العدني مبارك الخليفة. لو كان الدكتور خليفة مقيماً في الولاياتالمتحدة الأميركية لكان الأسرع أو السباق في الدخول إلى البيت الأبيض قبل مبارك أوباما (الذي نزح والده حسين أوباما من كينيا وحصل على الجنسية الأمريكية) وعلى أقل تقدير وتقديراً لعطائه الأكاديمي والإبداعي وانتشاره الاجتماعي اللافت لأصبح السناتور مبارك الخليفة، ولكن عن الديمقراطيين أم الجمهوريين، لا أدري، وإن كنت أرجح تصنيفه في كتلة اليسار. عزفت نفسه عن اكتساب الجنسية اليمنية وعن تملك المنزل الذي كان يسكنه بعرض من المغفور له بإذن الله محمد أحمد سلمان, وزير الإسكان آنذاك، على الرغم من خصوبة المناخ الذي عاشه في عدن، وألف كتبا ودواوين فيها منها ديوان (الرحيل النبيل) الذي قدم القامة الكبرى د. جيلي عبدالرحمن, رحمه الله، وكتاب في (النقد والأدب) و(في علم الجمال) و(الأدب المقارن) غير مئات ومئات المقالات والقصائد التي نشرتها له صحف محلية مثل "الأيام" و"الطريق" و"التحديث" وشهرية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (الحكمة), أما في السودان فقد صدرت له (أغنيات سودانية) وهي مجموعة شهرية صدرت عام 1960م و(ألحان قلبي) وهي مجموعة شهرية أيضا صدرت عام 1964م و(مقدمة في تاريخ الشعر السوداني) وتحقيق ودراسة لديوان الشاعر عبدالله حسن الكرجي. احتفلت "الأيام" (المغدور بها والأسيرة مع حارسها الأخ المناضل أحمد العبادي المرقشي) بالذكرى (74) لميلاد هذه الشخصية الفذة في احتفالية بهيجة وحضور كمي ونوعي تصدره الناشران هشام باشراحيل (رحمه الله) وشقيقه تمام (متعه الله بالصحة وطول العمر) وكان لي شرف إدارة الفعالية، وقلت في التقديم لو سئلت من هو د. مبارك الخليفة لقلت إنه أبو الهول الذي يقف عند بوابة جامعة عدن, لأن هذه الشخصية الأكاديمية المرموقة عاصرت رؤساء جامعة عدن بدءا من الأخ د. محمد جعفر وانتهاء بالأخ د .عبدالكريم يحيى راصع (جاء بعد ذلك د. عبدالوهاب راوح ود. عبدالعزيز بن حبتور). نقول لعزيزنا وحبيبنا د. مبارك الخليفة: نتمنى عليك وعلى محبيك وأنت الآن في ال(82) عاماً أن تتفرغ وتسعفك الصحة على إفراغ جعبة ذكرياتك، ففيها الشيء الكثير في مختلف مراحل عمرك، فأنت لك ذكريات مع مفكرين وسياسيين وأكاديميين وأدباء مصريين، ولك ضعفها مع مفكرين وسياسيين وأدباء سودانيين لا يتسع المجال لذكرهم، ولك ضعف ذلك مع مفكرين وسياسيين وأكاديميين وأدباء يمنيين، ولك ذكريات شخصية لا يمكن الاستغناء عنها، فلا تبخل بها على محبيك وقرائك. إننا راحلون يا دكتور، وليبق وراءنا زاد لهذه الأجيال والأجيال المقبلة، لا سيما وأننا في زمن يسود فيه الإفلاس وتنتشر فيه الحثالات. وإلى لقاء قريب معك في منتدى "الأيام" لنستعيد ذكريات الأيام الخوالي مع "الأيام" ورجلها الشهيد (هشام) وتمام وكل الأصدقاء، وكلهم متلهفون لرؤيتك.