يعيش طلاب اليمن ومعلموهم أوضاعاً مختلفة عن غيرهم من طلاب الدول الأخرى سواء من حيث التعليم أو الإجازة الصيفية، فبعد مرور ما يقارب 4 أشهر هاهي الإجازة الصيفية لتلاميذ اليمن بدأت تتلاشى وبدأت أجراس العودة إلى المدارس تقرع، لكن ما يبعث على الحزن والأسى هو أن هؤلاء الطلاب والطالبات لم ينالوا نصيبهم من الترفية العلمي والثقافي والدعم النفسي وصقل مواهبهم وإبداعاتهم وغيرها من الجوانب التي من شأنها أن تعمل على تغيير رتابة عامهم الدراسي الماضي لينتقلوا إلى عامهم الجديد بمعنويات عالية ونفسيات متفائلة اشتاقت للمدرسة وللمعلمين وللزملاء والكتب. نعم كان اسمها إجازة صيفية ولكنها في الحقيقة لم تفرق لدى صغار اليمن الذين باتوا يتقاسمون الهم والحزن مع الكبار جل تفكيرهم هو توفير لقمة العيش والحياة الكريمة وكيفية الخروج من الوضع الصعب الذي يعيشونه جراء استمرار الحرب والحصار للعام الخامس على التوالي، تسببت في تنغيص حياتهم وتكدير صفوهم وتأزيم نفسياتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم المتمثلة في اللعب والمرح وحقوق الطفولة، وسلبت منهم كل مقومات الحياة البريئة بعد أن ولدت بداخلهم الخوف والهلع. قضى طلاب اليمن الإجازة الصيفية بصورة غير طبيعية لا تليق بتلاميذ مدارس صغار، فالإجازة لديهم ليست سوى حرب وعدوان وحصار يستهدف الأرض والإنسان، بعكس ما كان يفترض بها أن تكون هذا الإجازة محطة لتأهيل الطلاب نفسياً من أجل العودة إلى المدارس باشتياق وسعة صدر بعد أخذ قسط من الراحة والمرح والمتعة والسفر عقب عام دارسي كامل أنقضى. ومع بداية استقبال العام الدراسي الجديد 2019 - 2020 يواجه الجانب الحكومي والمجتمعي تحديات كبيرة تستدعي الجميع للمشاركة في مواجهتها وتذليل الصعوبات والعوائق والتمهيد لبداية عام دراسي حافل بالعلم والنشاط والمثابرة ولو بأقل القليل، كون الحصار الجائر على بلادنا جوا وبحرا وبرا أثر بشكل عام على كافة القطاعات الخدمية وأنماط وأساليب الحياة والمعيشة لدى الكبار والصغار رجال ونساء، ومن أبرز تلك القطاعات المتأثرة هو قطاع التعليم فقد حاول العدوان استهدافه بصورة مباشرة وباسلوب ممنهج في كافة الجوانب فعلى سبيل المثال “قطع المرتبات” فمن خلال قطع رواتب المعلمين وحرمانهم من الحصول على مصدر دخلهم الشهري الذي يساعد في بقائهم داخل المدارس لتأدية واجبهم وبالتالي فقد تسبب ذلك في تسرب الآلاف من التلاميذ من داخل المدارس. الآن ومع نهاية الإجازة الصيفية تبدأ حملة العودة إلى المدارس تدشين مهامها استعداداً لعودة الطلاب إلى مدارسهم، لكن الوضع الآن في زمن الحرب والحصار يتطلب توفير إمكانات ضخمة وهائلة في كافة الجوانب ولا يقتصر هنا دور الجانب الرسمي فقط، بل يتطلب الأمر تكاتف المجتمع انطلاقاً من المسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية والأخلاقية، لذا لابد من الوقوف جنباً إلى جنب من أجل تسهيل عودة جميع الطلبة إلى مدارسهم عبر التوعية الإعلامية في كافة المنابر والإشارة إلى أهمية العودة تحت أي ظرف كان، بالإضافة إلى حشد الطاقات وتوفير الإمكانات المطلوبة للبدء بعام دراسي جديد يشتاق إليه كل التلاميذ. وهنا يأتي الموقف المهني والإنساني والأخلاقي للمنظمات الدولية والمحلية المعنية بالتعليم لتقديم الدعم والمساندة في هذه المهمة والتحدي وتسهيل وتذليل عودة ما يقارب ال5 ملايين من طلبة اليمن إلى مدارسهم، مجتمعين في ساحات مدارسهم يرددون بصوت واحد حروف النشيد الوطني مع إطلالة كل صباح ويوم دراسي كغيرهم من طلبة العالم. ولا ننسى بالمناسبة أن نوجه رسائل للجانب الحكومي بأن ينظر إلى صمود المعلمين والمعلمات ووضعهم المعيشي وهم مستمرون في تأدية واجبهم الوظيفي خلال خمس سنوات من الحرب في ظل انقطاع مرتباتهم، كما هي رسالة أخرى لرجال المال والأعمال في الداخل والخارج، بأن ينظروا من نافذة المسؤولية الوطنية والدينية والأخلاقية تجاه المعلم والملايين من تلاميذ اليمن، كما هي أيضاً لأولياء الأمور بضرورة القيام بواجبهم للدفع بأبنائهم إلى المدارس وتشجيعهم بكل الوسائل والسبل على مواصلة التعليم.