عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غوانتانامو مأرب .. 14 سجنا وقتل بالتعذيب الجسدي والنفسي
نشر في 26 سبتمبر يوم 13 - 11 - 2019

في منطقة المصلوب، أصيب ماجد الوتاري (30 سنة) في رجله اليسرى، بشظية أدت إلى كسر عظمة الفخذ، في 21 مايو 2016م، بينما كان يقاتل ضمن صفوف الجيش واللجان الشعبية ضد التحالف الذي يشن عدوانا على اليمن منذ مارس 2015م.
حاول من أسماهم ب «البدو» (مسلحون مرتزقة يتبعون حركة الإخوان المسلمين، يقاتلون في صف العدوان ) قتله، ثم حدث شجار بينهم وقرروا أسره، يقول ماجد ل « صحيفة الثورة»: «أخذوني إلى منطقة الحزم في الجوف، ومن ثم إلى هيئة مستشفى مارب العام، وبقيت أتألم طوال الطريق دون أن يعطوني أي مهدئات»، ويضيف: «في مارب أخبرتني الطبيبة الهندية أني قد أصبت بفيروس الكبد، رغم أنني أجريت فحصاً قبل الذهاب إلى المصلوب ولم أكن مصاباً، لقد أعطوني دماً ملوثاً بالفيروس في مستشفى الحزم».

استمع معد التحقيق إلى شهادات أكثر من 20 أسيراً، أفرج عنهم بعمليات تبادل للأسرى بين قوات الجيش واللجان الشعبية مرتزقة النظام السعودي عبر وساطات محلية، وقال جميع المفرج عنهم: إنهم تعرضوا لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي.

قتل مباشر
شاهد ماجد مجموعة من المسلحين المرتزقة يقتلون أحد الجرحى من الأسرى في مستشفى مارب بالجنابي ، وذلك في ال 23 مايو 2016م، حيث يقول ل«الثورة»: في المستشفى تركونا دون ملابس، وظلت معاناتنا تتضاعف لمدة عشرة أيام، كانوا يغلقون علينا باب غرفة الرقود ويتركونا دون قضاء حاجاتنا لساعات، وأرغمونا على الشرب من دورة المياه».
في سجن «معهد الصالح»، الذي نقل إليه ماجد، بدأت التحقيقات رغم إصابته حيث قال: «طلبت منهم ألا يضربوني لأني جريح وسأجيب على كل أسئلتهم، أثناء إجابتي صفعني أحدهم على وجهي بقوة، ثم داس جلّاد اسمه «أبو قعشة» (اسم الشهرة) بقدمه على مكان الكسر في فخذي، ثم أمسك بي في قاعدة تثبيت المسامير ورفعني، صرخت حتى كدت أفقد وعيي، بعدها تقرحت الجراح في رجلي فأعادوني للمستشفى».

محاولة اعتداء جنسي

قضى ماجد في مستشفى مارب أربعة أشهر مع (12) آخرين في غرفة رقود واحدة. يفيد بأن شاوشاً في المستشفى يدعى «منير» مارس تعذيباً يومياً بحق الجرحى، مضيفاً: «شاهدته يدوس على فم أحدهم أكثر من مرة، ويحاول الاعتداء الجنسي على شاب جريح، لم يبلغ ال 18 من عمره، لولا تدخّل الممرضة الهندية»، ويضيف:» كان منير يضرب رجلي بقوة أو يرفعها إلى أعلى مستوى ويلقي بها حتى أصرخ من الألم، أو يمسكني بمكان الكسر ويسحبني، كرر هذه التصرفات بشكل شبه يومي».
في المستشفى، لا يسمح بدخول دورة المياه غير مرة واحدة كل 24 ساعة، كما أكّد من استمع معد التحقيق إلى شهاداتهم، وهم يرون أن معاناة المستشفى أقسى من معاناة السجن، حيث يقول أحدهم «تمنيت لو أني بقيت في السجن دون أخذي إليها».

أجسام ميّتة
ويضيف ماجد: إن المسلحين المرتزقة «جاؤوا بعدد من الجرحى، كانت الطلقات النارية موزعة على أجسادهم، بعد أيام كانت صالة الرقود في المستشفى تعج برائحة الأجسام الميتة»، ويردف: «أخبرتني الممرضة أن أعضاءً من أجسادهم ماتت وبحاجة إلى البتر».
وبعد إعادة ماجد إلى السجن بقي بملابسه التي أعطتها له الممرضة الهندية لمدة عام، وهي عبارة عن قطعة صوف مربعة صنع منها ما يغطي به عورته، حيث يقول «خلال ثلاث سنوات لم يغيروا لنا ملابسنا سوى مرتين، بينما لم يسمح لنا بغسلها إلا مرتين في العام، واستمر التعذيب»، يتذكر وهو يسحب أنفاسه ببطء «ذات يوم صعد أبو قعشة على ساقي فأغمي عليّ، إنه رجل عنيف جداً، يضرب في أي مكان في الجسم».

تعذيب المعتقلين
لا يقتصر التعذيب داخل سجون مارب على الأسرى، إذ أن «الكثير من المدنيين المسافرين يتم اعتقالهم في نقاط العبور في محافظة مارب على أساس مناطقي وعنصري وسلالي، ويتعرضون أيضا لأنواع التعذيب دون ذنب» كما قال عبد القادر المرتضى، رئيس لجنة الأسرى في «الوفد الوطني» للمفاوضات.
مصطفى المطري (28 سنة)، اعتقل في نقطة «الفلج» بمارب في ال 7 أغسطس 2017م، وهو في طريقه إلى القاهرة لدراسة الماجستير، بعد تخرجه من جامعة الملكة أروى في صنعاء قبل بدء العدوان على اليمن، يقول ل «الثورة»: «ظللت أسبوعاً في المحكمة قبل التحقيق، ومن ثم بدأوا التحقيق معي واتهموني أنني حوثي ومؤتمري، بعد ذلك بقيت ثلاثة أشهر برفقة 85 معتقلاً في المحكمة، كثير من الذين في البدروم مصابون بحالات نفسية».
وفي المحكمة كانت دورة المياه تطفح في الشهر مرتين وتملأ البدروم وتظل لثلاثة أيام قبل إصلاحها، كما يضيف مصطفى، «نمنا أياما في مياه الصرف الصحي».

تعليق وكسر
ويقول مصطفى: «بعد نقلي إلى سجن الأمن السياسي بدأت التحقيقات مرة أخرى»، ويضيف: «قيّدوا ذراعيّ إلى الخلف برباط بلاستيكي، كما يفعلون مع جميع المعتقلين، ثم ربطوني فيهما ورفعوني، كدت أفقد وعيي من الألم لكنهم لم يكتفوا بذلك بل ضربني أحدهم بالعصا في كاحلي فكسره، صرخت بأعلى صوتي لكن أحداً منهم لم ينقذني »، وتظهر التقارير الطبية التي أجريت له في مستشفى السبعين بعد إخراجه في صفقة تبادل بالوساطة، انحرافاً في كاحله ناتجاً عن سوء التعامل الطبي مع مكان الكسر.

زنزانة ضيقة
ومن ضمن المعتقلين الذين تحدث معد التحقيق معهم، إبراهيم سلبة (35 سنة)، من صنعاء، وقد اعتقل في ال 3 أبريل 2017م، في «مجمع مارب» أثناء نزوله لمقابلة لجنة عسكرية من أجل تسجيل اسمه ضمن العسكريين المغادرين من جزيرة سقطرى بطلب من وزارة دفاع المرتزقة ، بناء على اتصال من بعض زملائه في مارب، حد قوله، إذ يضيف: «أخذوا بطائق جميع الواصلين ونقلونا إلى مبنى المحكمة».
بقي سلبة 11 يومًا، دون إجراء التحقيق معه حيث قال: «أثناء التحقيق معي وعدوني بإخراجي بعد ثلاثة أيام لكنهم أخرجوني إلى سجن معهد الصالح» واضاف: «استقبلونا في معهد الصالح بالضرب والتهديد والشتائم، كنا 15 معتقلا في زنزانة صغيرة، قضينا الحاجة معظم الأيام في أكياس حرارية، حتى المرضى بالإسهالات المائية (الكوليرا) كانوا يتبرزون مرة واحدة في دورة المياه والبقية في الأكياس شاهدنا أحدهم يموت دون تدخل طبيب السجن».

ساعات تعذيب متواصلة
أربعة أشهر هي الفترة التي قضاها إبراهيم في سجن الصالح التابع للمرتزقة ، قبل أن ينقل إلى السجن السياسي، يتذكر تلك الفترة بمرارة، ويضيف «كان المساء وقتا للتعذيب، يطلبون منا أن نصف أيادينا في الجدران ومن ثم نصعد ونهبط حتى تتقرح أكفّنا»، يستمر التعذيب على هذا النحو ثلاث ساعات في بعض الأوقات، ويردف: أنهم ناموا لأشهر على البلاط، فيما كان لون البول الذي يخرج منهم شبيهاً بعصير التوت من شدة التعذيب والركل في البطن وعلى الكُلى.
تتعدد أنواع التعذيب المستخدمة ضد الأسرى والمعتقلين في سجون المرتزقة بمارب، لكنها تمارس بشكل شبه يومي، وإلى جانب ذلك فالأسرى والمعتقلون يعيشون في وضع صحي ومعيشي غير مناسبين ما يجعلهم عرضة للأوبئة والأمراض الفتّاكة كالكوليرا وأمراض جلدية متنوعة كالجرب والصنافير، والكلى والغرغرينا، بحسب الدكتور أمير الدين جحّاف الذي اعتقل في نقطة الفلج بينما هو في طريقه إلى القاهرة لإكمال دراسته الجامعية(في المجال الطبي) التي بدأها في العام 2013م بمنحة من الحكومة اليمنية آنذاك.

موت في السجن
يقول أحد الناجين من سجون المرتزقة بمارب: «شاهدنا سجيناً كان يعاني من حالة نفسية، وأصيب بالكوليرا، فلم يسعفه أحد حتى تجمّدت أعضاؤه، وبعد يومين قالوا إنهم أطلقوا سراحه لكن حين وصلنا صنعاء لم نجد له أثراً»، ويضيف آخر: «أحد الأسرى أصيب باحتكاك في عموده الفقري نتيجة التعذيب»، وتعرض الدكتور جحاف للضرب لأنه أعطى الحقنة لأحد السجناء المرضى، كما يقول ناجٍ آخر مضيفاً «دكتور السجن كان جلاداً هو الآخر ويضربنا بحجة أننا لم نتناول الدواء».
وبحسب شهادات الناجين فإن أحد الأسرى، وهو رجل مسن، أصيب بانحناء في ظهره وغرغرينا في قدمه المصابة، كما عذّب السجانون أسيراً يدعى «حسين» حتى فقد القدرة على الحركة، وتوفي بعد ساعات من وصوله المستشفى، أما الأسير أبو راشد، فقد عذّب حتى تفطّر جسده، فوضعه الجلادون في دورة مياه صغيرة داخل السجن، إلى أن تقرّحت جراحه وكانت رائحته تملأ الزنازين.

واستمر التعذيب ببعض الأسرى والمعتقلين لثلاث سنوات، حتى مع انتهاء فترة التحقيقات ما دفع ببعضهم إلى محاولة الانتحار، كما أكد (11) أسيراً نجوا من سجون مارب، ممن تحدثوا إلى معد التحقيق. يقول أحدهم «حاول كثير من المعتقلين الانتحار في وقت متأخر من الليل، وذلك بمحاولة شنق أنفسهم بالملابس.
وأثناء التحقيق يشتد التعذيب لمحاولة انتزاع اعترافات من الأسرى والمعتقلين يتم بعدها إجبارهم على التبصيم على أوراق كثيرة لا يعلمون محتواها، يقول سلبة «ركلني جلّاد في خصيتي فسقطت أتألم وأصرخ بشدّة، في الوقت ذاته صاح المحقق غاضباً من فعل الجلّاد «قتلوهم يا أبو محمد، هذا ما يصلح!!».
ويضيف آخر: «ضربوا أحد زملائي بالحديد وطعنوا كل جزء في ظهره حتى سالت دمائه»، ويردف ثالث: «نزع المحقق ملابس أحد المعتقلين بينما هو صائم، عذبوه وأجبروه على الإفطار، وحاولوا اغتصابه من أجل الاعتراف بأنه يعمل لدى الحوثي رغم أنه من سكان مارب منذ أكثر من 14 سنة»، ويقول غيرهم «كنا نسمع صراخ بعض الزملاء أثناء التحقيقات، كانت أصواتهم موجعة وصراخهم لا ينتهي».

تعذيب جنسي وجسدي
تعرض بعض المعتقلين في مارب للتعذيب الجنسي بطريقة مختلفة، بحسب بعض الناجين، حيث يقول: «وضعوا عصا المكنسة في فتحة الشرج لأحد المعتقلين لينتزعوا منه اعترافاً»، من طرق التعذيب، أيضا يضيف ناج آخر:»ربط الخصيتين وتعليق خمسة لترات من الماء عليها، ومحاولة الاعتداء الجنسي على اثنين من المراهقين، وضربهما بعنف لأنهما صرخا بصوت عالٍ جراء تلك المحاولة».
نفّذ الجلّادون المرتزقة ، الذين يتخذون أسماء شهرة للتمويه على أسمائهم الحقيقية، حفلات تعذيب متكررة بحق المعتقلين والأسرى، إذ «أقدموا على ضرب أحد السجناء بالعصا على رأسه حتى أغمي عليه، وبقي كل يوم يفقد اتزانه كلما نهض إلى دورة المياه، وكان (أبو قعشة) يأتي إلى السجن كل ثلاثة أيام، ذات يوم ضرب أحد الأسرى وهو يصلي، فيما جلد،(أبو ليث)،نزلاء معهد الصالح يوم عيد الأضحى، لأنهم طالبوا بتحسين الأكل ليوم العيد، كما أكد بعض الناجين، وأضافوا: «كان يأمرنا بإبراز مؤخراتنا للضرب عليها، نزع عنا ملابسنا، وجلدنا بأسلاك كهربائية، لمدة ست ساعات».
يقول الوتاري «أخرجنا أبو قعشة وأبو رعد ذات يوم إلى فناء السجن، ربطونا من أرجلنا ثم رفعونا إلى أعلى، فيما بقيت رؤوسنا بالقرب من الأرض، داس على رأسي ببيادته (جزمة عسكرية) حتى كسر أنفي وأمرني بلعق الدم المنسكب مني على الأرض، ثم أطفأوا جميعا السجائر في ظهري، وسملوا عين آخر».

حليف لا مكانة له
لا يقتصر التعذيب في سجون مرتزقة مارب على الأسرى والمعتقلين المسافرين بل للمؤيدين للتحالف نصيب من ذلك؛ لتمردهم أو لوشاية من عدوّ مقرّب من النافذين في المحافظة، كما أكد أحد الناجين (من محافظة إب وينتمي إلى حزب الإصلاح)، يقول إنه تعرض للاعتقال لمدة سنة ونصف تلقى خلالها أقسى أنواع التعذيب دون أن يكون قد اقترف أي ذنب، ليتم إخراجه بعد ذلك والاعتذار له لفظياً.
عن ذلك يقول سلبة «لقد انفجرنا في الزنزانة بكاء حينما شاهدناه والدم يغطي رأسه ووجهه وملابسه وهو من المحسوبين عليهم. ضربوه حتى فقدنا الأمل في تشافيه، ليس لأي سبب سوى أنه استفسر عن سبب احتجازه لأكثر من ثلاثة أشهر دون تحريك ملفه»، ويضيف: «ركلوا معتقلاً آخر مؤيدًا لهم في عنقه حتى قتلوه».
فيما يقول ماجد الوتاري: «كان أحد المعتقلين مبتور القدم اليسرى، وهو مقاتل في صفهم، في الجوف.. وقد سجنوه بتهمة سرقة طقم عسكري».
أثناء فترة إعداد التحقيق، وقعت في أيدينا وثيقة تتضمن شكوى قدّمها ورثة الملازم ضيف الله السوادي، إلى النائب العام التابع لسلطات المرتزقة في مارب، بتعرض والدهم «للتعذيب في المعتقلات السرية بمحافظة مارب، حتى تم إشعارنا بتاريخ 2 سبتمبر 2018م بأنه جثة هامدة في مستشفى الهيئة بمارب»، بحسب الوثيقة التي صدّرها النائب العام في سلطات المرتزقة إلى نيابة الاستئناف في المحافظة في ال 21 من الشهر ذاته، فإن السوادي «تمت إحالته من قبل قيادة الشرطة العسكرية على الاستخبارات ومن ثم إخفائه قسراً».

أمراض نفسية
أدى التعذيب بكثير من الأسرى والمعتقلين إلى الإصابة بحالات نفسية، حيث يقول مصطفى المطري «كانوا يقيدون أشخاصاً إلى الخلف ويعتدون عليهم، منهم شاب خرّيج اقتصاد – سوريا، دخل في حالة نفسية عدائية، بينما جنّ فرض أبو طالب (مفرج عنه) من شدة التعذيب»، وفي سجن الأمن السياسي أكثر من 30 مريضاً بحالة نفسية، كما أفاد الناجون.
ولا يختلف الوضع المعيشي للأسرى والمعتقلين في سجون مرتزقة مارب عن الصحي والنفسي والجسدي، إذ يقول الناجون: إن نصيب كل معتقل لترين فقط من الماء في دورة المياه في اليوم الواحد، فيما نفس تلك الكمية مخصصة لزنزانة بكاملها للشراب.
يتحدث مصطفى بأسى: «صمنا أيامًا وليالي من الجوع، كانت الكدم (خبز مخصص للجنود) متعفنة»، ويضيف ماجد: «كانت قطعة الجبن المالحة الصغيرة تأتينا يومًا واحدًا في الأسبوع ولكل غرفة قطعة»، بينما يؤكد جحّاف قائلاً: «الأكل كان يحتوي على بعض الحشرات، رغم أننا لم نكن نحصل إلا على ماء البقوليات المطبوخة فقط وبقايا قشر البطاطا».
قانونياً
ووفقا لمعايير القوانين والاتفاقيات الدولية لحقوق الأسرى فإن ما يتعرض له الأسرى في سجون المرتزقة مارب يخالف اتفاقية جنيف الثالثة (ال 12 أغسطس 1949م)، التي تنص المادة (13) منها على وجوب «معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية. ويجب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، وعلى الأخص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير.وتحظر تدابير الاقتصاص منهم».
كما تخالف المواد (25، 26، 27، 28) من الفصل الثاني من الاتفاقية ذاتها في ما يخص المأكل والمشرب والملبس، وتخالف المادتين (29، 31) من الفصل الثالث من الاتفاقية في ما يتعلق بالشروط الطبية والرعاية الصحية، وكذا المادة (34) من الاتفاقية التي تنص على أن «لأسرى الحرب الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية، بما في ذلك حضور الاجتماعات الدينية الخاصة بعقيدتهم، شريطة أن يراعوا التدابير النظامية المعتادة التي حددتها السلطات الحربية»، علاوة على مخالفتها لكثير من مواد الاتفاقية التي صادقت عليها اليمن في ال 16 يوليو 1970م.

حقوق ووسيط
جمعنا المعلومات التي حصلنا عليها وتواصلنا بالعديد من المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، منها الصليب الأحمر بصفته وسيطاً في عملية تبادل الأسرى والمعتقلين، ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، للإجابة على أسألتنا بشأن الانتهاكات التي يمارسها تنظيم الإخوان المسلمين الذي يدير مارب تحت مظلة حكومة المرتزقة التابعة لهادي والمدعومة من قوات التحالف.
على رغم مرور ما يقرب من الشهر إلا أنه لم يأتنا رد من العفو الدولية أو رايتس ووتش، لكننا استطعنا الوصول إلى المتحدثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر، سارة الزوقري، التي بدورها أخبرتنا أن «طبيعة عمل الصليب الأحمر لا تسمح له بالإدلاء بأي تصريحات صحفية حول ما يشاهده في السجون، وإن كان ثمة انتهاكات فإنه يناقش ذلك مع السلطات المباشرة بشكل سري».
من جانبه يقول المرتضى: «نحن قمنا بتسهيل المهمة للصليب الأحمر وهو على اطلاع تام بكافة السجون التي يتواجد بها الأسرى في مناطق المجلس السياسي الأعلى، بينما لم يتمكن الصليب أو أي منظمة أخرى من الوصول إلى السجون في مارب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.