لفت نظري حكاية القطة اليمنية التي تسللت إلى إحدى الطائرات التي أقلعت إلى مطار برلين في ألمانيا بين أمتعة وحقائب المسافرين.. وعثرت عليها الشرطة الألمانية.. وكيف أن الألمان اهتموا بها, وأخضعوها لفحوصات طبية للاطمئنان أنها لا تحمل أوبئة أو أمراضاً.. وكيف وفروا لها طعاماً جيداً لا يجده المواطن اليمني في بلده.. ثم أخبرتنا الحكاية حول تنازع الجهات في ألمانيا من يرعاها ومن له الحق في الاهتمام بتلك القطة المسكينة والمحظوظة.. قصة طويلة.. من الحفاوة التي تميز الألمان والأوربيين عامة.. ثم نشروا صورتها على إحدى الصحف الألمانية فيمن يرغب في تبني قطة يمنية مسكينة دخلت مهاجرة اضطراراً إلى ألمانيا.. ثم تتبرع إحدى الأسر برعايتها.. والآن هي في رعاية إحدى الأسر تحظى بالرعاية الكاملة وتشاركهم حياتهم.. وليس عليها أن تبحث عن طعامها في القمامة كما كانت في اليمن أو تتصارع مع قطط أخرى حتى تنال بعض فتات لسد رمقها؟!.. الحكاية الأخرى التي يجب أن تروى هي أن هناك بشراً.. هناك ناس يعيشون حرباً هوجاء في اليمن.. ويختنقون من حصار ظالم.. ويحيط بهم الظلم, وأسلحة هؤلاء الألمان والبريطانيين والأمريكيين هي من تحصد أرواحهم.. وهي من تهدم السقوف على ساكنيها.. والحكومات الأوروبية هي من تبيع تلك الأسلحة للقتلة, وهي من تصدر إليهم الطائرات والذخائر والصواريخ الذكية والعتاد الحديث بضمائر ميتة وما تلك الحفاوة المبالغ فيها بقطة أو غيرها من الحيوانات إلا نوع من أنواع التكفير عن أنفسهم وعن ظلم وعن برودة ضمير, وفيما هم يبيعون للسعوديين والإماراتيين أسلحة فتاكة, وطائرات أسرع من الصوت وتقنينات قاتلة ويستلمون دولارات ويوروهات ويعيشون حياتهم الباذخة, وثم لا مانع لديهم من أن يتابعوا بعض الأخبار المؤلمة عن اليمن.. هذا إن وجدوا وقتاً يتابعونها!! اليوم الضمير الأوروبي- الغربي يعيش غياباً- بل وفي تغييب, يرى الكوارث تحل بشعب مسالم طيب مقهور معتدى عليه ولا تتحرك تلك الضمائر الميتة, فيما كتبهم القانونية وأدبياتهم تتحد ث عن الإنسانية وتبالغ في تضخيم مشاعر الكذب على الذات وعلى الآخر ثم تجدهم يرسلون جمعيات ومنظمات تهتم بالشأن الإنساني.. بشكل محدود يصرفون دولاراً على دواء أ وغذاء.. وفي المقابل منها يصرفون ملايين على بدلات ومصاريف واعتمادات لمن يديرون تلك المنظمات والجمعيات الإنسانية جداً.. وينفقون ملايين أخرى على الإعلام المرافق لها.. لو كان هناك قانون تحترمونه, أو احترام للإنسانية لرفعنا في محاكمكم قضايانا على مصانع الأسلحة التي تصدر أسلحتكم التي تفتك بأبنائنا, ولحاكمنا حكامكم وساستكم على الدعم السياسي والغطاء السياسي الذي يقدمونه لأنظمة طاغية وقاتلة في المنطقة ومنها النظام السعودي والنظام الإماراتي.. لكنه النفاق العالمي والضمائر التي ماتت ولم يبق لديكم غير التباهي بها, وفيما هي مفقودة ومحالة إلى الاستيداع.. لكننا بإذن لله قد قهرنا أسلحتكم.. وأطحنا بسمعة مصانع الأسلحة لديكم لأنها أصبحت كالجبنة الهشة تحت أيدي مقاتلينا الأبطال.. وأصبحت أجسادنا أقوى من صواريخ أنتجتموها وتباهيتم بقدراتها التدميرية.. تباً لكم من منافقين.. وتباً لكم من ضمائر ميتة!!! ثم نراكم تهتمون بقطة وتبالغون في الحفاوة بها وتذوب ضمائركم رقة ورأفة بالحيوان فيما تتناثر أشلاء أطفالنا تحت قذائف وصواريخ صنعتها أيديكم وصدرتموها إلى أعداء الحياة وإلى قتلة سفاكين, ومازالوا إلى اللحظة يوزعونها بسخاء خرافي على أحيائنا السكنية وعلى مزارع فلاحينا في أريافنا وجبالنا وحتى أسواقنا ومدارسنا وطرقاتنا تنالها صواريخكم.. سحقاَ لضمائر تفرط بالرأفة من أجل حيوان وتفعل عن عمد وتغاض عن فقدان حياة آلاف من الأطفال يموتون كل يوم تحت القنابل والصواريخ أو تحت جائحات كوارث كالفيروسات والأوبئة القاتلة والأمراض.. ولك الله يا يمن.. لك الله.