للأسف معظم حكامنا وزعمائنا وأصحاب الحل والعقد لم يكونوا على كلمة سواء.. إلا ما رحم ربي إنما هم أحزاب وشيع متفرقين متناحرين يتآمر بعضهم على البعض ويكيد كل منهم على الآخر زوراً وبهتاناً.. ويتبادلون القذف بألفاظ نابية.. كما لو كانوا يتقارضون المدح والثناء.. فالعدل الذي جاء به الإسلام أصبح حبراً على ورق.. فنحن اليوم لا نعرف من العدل إلا اسمه ولا نجد تحت هذا الاسم إلا المكر والدهاء والمحاباة والمحسوبية العمياء وكل أمةٍ تلعن أختها وهكذا يبررون الظلم بالظلم والفساد بالفساد حتى بات الفساد ظاهرةً حضاريةً يتفاخرون بها.. فالزعامات الورقية عندما يتلونون كل يوم بلون ويلبسون لكل حالة لبوسها وتراهم جميعاً وقلوبهم شتى وهم يفعلون كل ذلك سعياً وراء تحقيق أهدافهم وإشباع نزواتهم وشهواتهم لذلك يربطون أنفسهم بكل ذي سلطان ونفوذ قوي, فإذا أحسوا بهذا السلطان في طريق الزوال والرحيل انقلبوا عليه ينهشون عرضه ويهتكون شرفه . وإذا فشا الفساد بين علية القوم وكبرائها عم النفاق وضاعت الأخلاق والمبادئ ولذلك نجد الكثير من شباب الأمة العربية والإسلامية يعتقدون أن التقدم والحضارة والحداثة هي في التحلل من كل شيء. المؤسف أن الكثير من شباب اليوم فارغو النفوس والقلوب, بل فارغو القيم والأخلاق والمبادئ لا يجيدون إلا تصفيف شعرهم وتقمص القدوات الساقطة.. بعض ضعاف النفوس والقلوب الخاوية من الإيمان يستحلون كل شيء ما دام يؤدي للغاية.. فالسرقة والرشوة والاختلاس وارتكاب المحرمات والتستر على الخيانة والفساد وإسكات صوت الحق كل ذلك جائز ومباح ما دام يؤدي إلى الوصول إلى كرسي الحكم أو الجاه.. او الثروة.. إن الدولة التي لا يسودها عدل تفوح بين أروقتها روائح الفساد وتعم أرجاؤنا الذئاب المستأسدة.. يكفي ما يحدث اليوم في ارض الحرمين الشريفين من فساد وإفساد باسم الترفيه.. كيف تبيح تلك الأنظمة الحاكمة المسلمة كما تدعي ما حرم الله وتحرم ما أحل الله, بل عطلت الإسلام وخرجت على حدود الله.. ورأينا كيف انساقت وراء تلبية طلبات المستعمرين وحمايتهم والدفاع عنهم.. الشيء المؤسف أن أغلب قادة وزعماء الدول الإسلامية مسلمون اسماً لا يعلمون من الإسلام إلا القشور ويتجاهلون أن الإسلام جمع بين الدنيا والآخرة.. ومزج بين الدين والحياة وبين المسجد والدولة.. هم يتجاهلون أن الدولة الإسلامية من واجباتها إقامة الدين بما فيه من شريعة كاملة ونصوص في الحكم والإدارة والسياسة والاقتصاد والمعاملات وما يتعلق بأحكام الحرب والسلم, بل كل شيء له صلة بشؤون الدين والدنيا والحياة.. وهم يدركون حقاً أن القوانين الوضعية من صنع البشر وأهواء الناس وشهوات الساسة ورجال الأحزاب ونزوات الحكام والمستبدين, ولكنهم يجهلون أو يتجاهلون تلك الشريعة السماوية.. وهكذا أذل الحرص على الجاه والسلطان طلاب الحكم والسلطان.. وابتلى الله الأمة بحكام وقادة وزعماء وملوك همهم الوصول إلى سدة الحكم والبقاء فيه.. وليذهب الشعب إلى الجحيم..!!