ولم يحل العام 2011 م , الموعد المنتظر , والمتوقع لسقوط ونهاية نظام عفاش , إلا وقد تهيأت وترتبت كل الأمور تماما لذلك السقوط المريع الذي كان.قد تأجل غير مرة حتى استكمل واستوفى شروط سقوطه في المكان والزمن المحددين!. وقد وجد صالح نفسه يقف وجها لوجه في مواجهة حلفاء وأصدقاء الأمس وعلى رأسهم وفي مقدمتهم حزب التجمع اليمني للإصلاح الإخواني والقبائل التابعة والموالية له الذين دعموا وقادوا ثورة الشباب ضد نظامه في عام 2011 م , بل وفرضوا وصايتهم عليها وكانوا المحرك لها والمتحكم في خطابها السياسي والإعلامي. وكانت ثورة الشباب في اليمن جزء لايتجزأ من ثورة الربيع التي اندلعت في عدة بلدان عربية وابتدأت بتونس , وشملت مصر وليبيا وسوريا .وقد كابر صالح وعاند في البداية وهو يرى بأم عينيه ويتابع عبر شاشات التلفزة مايحدث في تلك البلدان العربية , وتحدث عن ذلك بنوع من اللامبالاة والتوجس والخوف في الوقت نفسه , وقال صالح في أكثر من خطاب : اليمن ليست تونس وليست ليبيا وليست مصر , وبدا كمن يطمئن نفسه ويستبعد ان تتطور الأحداث والإحتجاجات في اليمن وتصير ثورة تقتلع نظامه الفاسد من الجذور. وقد أخذت تطورات الأحداث بعد استكمال الشباب الثائرين هنا اعتصامهم في ساحة الجامعة منحى خطيرا ميالا إلى العنف حيث استخدمت قوات الأمن والجيش التابعة للنظام الرصاص الحي في مواجهة مظاهرات واحتجاجاجات الشباب السلمية وقتلت العشرات منهم إلا أن ذلك كان كفيل بإتساع الهوة وانعدام الثقة بين الجانبين , وهو ماجعل صالح يدرك أنه في مأزق وان دائرة الخطر بدأت تضيق عليه اكثر فأكثر ليجد نفسه في النهاية وحيدا في ساحة المواجهة . وبعد ازديادحدة المواجهة بين الشباب الثائرين وأجهزة نظام صالح القمعية وسير الأمور لغير صالح النظام تنامى شعور صالح بالخطر على نظامه واستحالة السيطرة على الوضع لاسيما بعد اعلان صديقه وذراعه الأيمن الجنرال العجوز علي محسن صالح كما كان يصفه إلى ثورة الشباب وتأييده لها , سارع علي عبدالله صالح إلى اطلاق عدد من المبادرات السياسية لحل الأزمة وأبدى استعداده لتقديم تنازلات عدة وحاول ان يراوغ وسعى مساعيه لتجاوز الأزمة والخطر بعد ان كان قد استنفد وسائله وحيله وألاعيبه القديمة التي عرف بها لترقيع المرقع واستخدام المسكنات الآنية وأدرك ان كل ذلك لم يعد مجديا هذه المرة ليصل في النهاية إلى مرحلة السقوط والخروج من قصر الحكم مجبرا ومرغما. وبرغم.الحصانة والضمانات الكثيرة التي وفرتها المبادرة الخليجية لخروجه الآمن من السلطة وتوفير الحصانة له وللمئات من رموز نظامه وعدم ملاحقتهم إلا أن ذلك لم يرض صالح وغروره وحبه وعشقه للسلطة التي ادمنها ادمان المدمن للمخدرات فظل يراوغ ويتآمر لإفشال خطة السلام الجديدة التي نصت على اختيار رئيس توافقي وظل يمارس انشطته بعد خلعه من السلطة وكأنه مازال رئيس الجمهورية . وقد لعب صالح دورا كبيرا وخطيرا في تأزيم الوضع وتعقيده في اليمن بعد ترك السلطة .ولم.يعتبر من حادث تفجير جامع دار الرئاسة الذي استهدفه ومعه عدد من كبار مسؤولي نظامه ونجا منه بإعجوبة واستمر في ممارسة هوايته المفضلة في تأزيم الأوضاع والتآمر على سلطة المرحلة الجديدة , معلنا للخارج أن يمن بدون صالح يمن مضطرب وقلق وغير آمن ولا مستقر ويوحي لهذا الخارج أنه الأجدر والوحيد المؤهل للسيطرة على الوضع المضطرب في بلد يغلي غليانا . ولم يستفد صالح من اخطائه وتجارب الماضي ويتمتع بخاتمة جميلة وهادئة لحياته بعيدا عن متاعب السلطة ومشاكلها بل ظل على غيه وعناده نازعا إلى خلق الفوضى وزعزعة الأوضاع في البلاد , مدعيا لنفسه حق الثآر والإنتقام من كل من كان يعتقد أنهم تآمروا على اقصائه وإبعاده عن السلطة , وهذا ماأوصله إلى النهاية المأساوية التي وصل إليها في 2 ديسمبر 2017 م بصنعاء مقتولا بطلقة قناص استقرت في جبهته لتسكته إلى الأبد وترسله إلى العالم الآخر وتنهي حياة رجل أشغل اليمن والعالم ومات ميتة لم يكن يتوقعها او يتوقعه له غيره !.