لا شك أن اللبيب يدرك أن التنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش، إضافة إلى تمكن العدوان من بناء الوهم الشرعي لصلاحياته في استدعاء التدخل الدولي وعلى كل التوجهات، يضاف إليها المظلة الأمريكية وأذنابها لم تعد مجدية لتضليل الشعوب كونها قد انكشفت ولم تعد قادرة على حماية من تحتها وانكشف أمر تلك التنظيمات وأدركت الشعوب أنها أداة تم استخدامها من حيث تعلم أو لا تعلم لمصالحها الخاصة. لكن أصحاب العقول والمفكرين وذوي الإحساس المرهف والصادق وذوي القلوب المحبة للسلام والسلم أصيبوا بالخيبة والتحسر، حيث طرأ على فكرهم سؤال كبير مفاده: لماذا هذه التنظيمات استمرت في القتل باسم الله وآياته وتحت هتاف الله أكبر، وترفع راية التوحيد وهي تسفك الدماء، وهذه تناقضات عجيبة تجعل كل ذي لب وعقل يقف كثيراً أمامها في حيرة وتحسر، لكننا عندما نعود إلى كتاب الله وبيانه العظيم يتجلى الأمر ويظهر النور مبصراً بالحق.. ألم يقل بيان الله "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت عليه وكيلاً". لقد اتخذت تلك التنظيمات هواها إلهاً دون أن تدرك ان الشيطان أخذها لحسابه وتعتقد أن عملها سليم وصائب وهو في الحقيقة عند الله باطل ومغضب "انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون". وقد لا يكون الشيطان هنا هو الشيطان الرجيم ابليس وحده.. الشياطين هنا هم الظلمة والدول العدوانية التي تعتقد انها تملك زمام الأمة بالقوة والمغفلون اتخذوها ولياً، دون أن يشعروا.. لذلك لم يدركوا أنهم في خط عدم الهداية واعتقدوا ان تلك الدول التي لها من الغناء والقوة والعظمة الكثير أن الله قد منّ عليها وانها ما وصلت إلى ما وصلت اليه إلا برعاية من الله وتمكينه.. ومن هنا تأتي حسبة الكثير من علماء ومفكرين انضموا إلى صف التحالف ظناً منهم أن هؤلاء قد منّ الله عليهم على اعتبار أنهم لو كانوا في غضب من الله ما اعطاهم الخيرات. هذا غير صحيح تماماً "إنما نملي لهم ليزدادوا إثما".. الله يوسع عليهم ليزدادوا كبراً وإثماً ليستحقوا العذاب الأليم في الدنيا على أيدي جند الله، وفي الآخرة كذلك عذاب أليم.. ولذلك التنظيمات الإرهابية التي اعتمدت الإرهاب وسيلة للتوسع والوصول إلى الخلافة كما تزعم، بدليل أننا نجدها لم تقف اسبوعاً واحداً أمام جند الله.. لماذا؟.. لأنها بيد الشيطان وأدوات له يستخدمها في المعاصي وهذا خلاف صحة ما يعتقدونه "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار".. "هل ننبئكم بالاخسرين أعمالاً الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً". هذا الحسبان غير الدقيق الذي ذكره الله في كثير من بيانه العظيم، يبين ان ما قام به كثير من العلماء بالحسبان الخاطئ وكذلك القادة والدول، وقد نوه الله سبحانه وتعالى عليه أنه من سلوكيات المنافقين، حيث يعتقدون أنهم بظنهم وشكهم قد يصلون إلى اليقين، وأنهم يخطون خطوات صحيحة ترضي الله ورسوله، وهم في الحقيقة يرضون أنفسهم ورغباتهم النفسية فأولئك الذين تربوا على تزكية أنفسهم فتحوا باباً للشيطان ومكنوه من السيطرة على قدراتهم وعقولهم. أن من يزكي نفسه ويعتقد أنه وحزبه ومذهبه على صح وغيره على باطل يعد خبثاً "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الله الخبيث من الطيب"، وهذا يعني أن المؤمنين منهم الخبيث ومنهم الطيب. والخبيث يعتبر "كمثل شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار|. لذلك هذا الزمن زمن الأشجار الطيبة الثمرة التي تستفيد منها الإنسانية والعالم وتظلل بأغصانها كل الناس دون استثناء "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم".