الأرصاد: استمرار حالة عدم الاستقرار على معظم المحافظات اليمنية وتوقعات بهطولات متفاوتة الغزارة    تعز .. مسلح يغلق مقر صندوق النظافة والتحسين بعد تهديد الموظفين وإطلاق النار    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في الحيمة    أرسنال يسقط يونايتد في قمة أولد ترافورد    الثالثة تواليا.. الأستراليون أبطال سلة آسيا    مركزي عدن يمهل شركات الصرافة 3 أيام لنقل أموال المؤسسات الحكومية لحساباته    رشاوي "هائل سعيد" لإعلاميي عدن أكثر من الضرائب التي يدفعها للسلطة    اصلاحات فجائية لن تصمد الا إذا؟!    لماذا تم اعتقال مانع سليمان في مطار عدن؟    في حفل تخريج دفعة "مولد الهادي الأمين" الذي نظمته وزارة الداخلية..    فيما تبنت الحكومة الخطة الأمريكية والإسرائيلية لنزع سلاح المقاومة.. لبنان على مفترق طرق    بعملية عسكرية نوعية.. القوات المسلحة تؤكد.. استهداف مطار »اللد« المحتل بصاروخ »فلسطين 2«    الأوهام التلمودية تدق ناقوس الخطر    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (9)    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 51)    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    اغتيال كلية الشريعة والقانون    الالتزام بشروط تزيين السيارات بذكرى المولد النبوي    فيما العيدروس يطلّع على سير أداء عدد من اللجان الدائمة بالمجلس: رئاسة مجلس الشورى تناقش التحضيرات لفعالية المولد النبوي للعام 1447ه    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    كمال الزهري .. عين الوطن    التشكيلية أمة الجليل الغرباني ل« 26 سبتمبر »: مزجت ألم اليمن وفلسطين في لوحاتي لتكون صوتاً للجميع    متى وأيّ راعية ستمطر…؟ ها هي الآن تمطر على صنعاء مطر والجبال تشربه..    نفحات روحانية بمناسبة المولد النبوي الشريف    اجتماع موسع لقيادة المنطقة العسكرية السادسة ومحافظي صعدة والجوف وعمران    دعا المواطنين للتعاون مع رجال الأمن في تنظيم الفعاليات وضبط حركة السير..    مرض الفشل الكلوي (17)    منتخب الشباب الوطني يتعادل مع فريق الأمانة استعدادا لكأس الخليج    المؤتمر الشعبي العام.. كيان وطني لا يُختزل    وزير الثقافة يزور دار المخطوطات ومركز الحرف اليدوية بمدينة صنعاء    القبض على شبكة تهريب مهاجرين افارقة في المهرة    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    إبراهيم حيدان يؤدي دور الزوج المخدوع.. وزير الداخلية الحقيقي "بن عبود الشريف"    شباب المعافر يهزم الصحة ويقترب من التأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان    ميسي يعود من الإصابة ويقود إنتر ميامي للفوز على غالاكسي وينفرد بصدارة الهدافين    غارات إسرائيلية تستهدف بنى تحتية للحوثيين في صنعاء    أمطار غزيرة وعواصف رعدية.. الأرصاد يرفع التنبيه إلى الإنذار ويتوقع توسع حالة عدم استقرار الاجواء    الهيئة العليا للأدوية تعلن صدور قائمة التسعيرة الجديدة للأدوية لعدد 3085 صنفا    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    حملة توعوية لانتقالي الضالع لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال    ترسيخ الطبقية والتمييز الاجتماعي: السلطة تحتكم لجرحى القبيلة وتتجاهل شهيد الطبقة المستضعفة    بيان السفارة الأمريكية في اليمن: إصلاحات عاجلة خلال 90 يومًا    عشر سنوات من الغرام، واليوم فجأة.. ورقة طلاق!    الشركة اليمنية تصدر قائمة أسعار جديدة للغاز المنزلي    طريقة بسيطة للوقاية من أمراض القلب    بين أمل البسطاء ومؤامرات الكبار    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    الضالع .. جريمة قتل مروعة على خلفية خلاف عائلي    بايرن ميونخ بطلًا للسوبر الألماني بثنائية في شتوتجارت    إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    الكشف عن عصابة لخطف الأطفال في مدينة ذمار    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممرُ زنغيزور .. استثمار امريكي لقرن .. ما تأثيره على أمن ايران ؟؟ فيديو
نشر في 26 سبتمبر يوم 11 - 08 - 2025

ممرُ زنغيزور في شمالِ ايران ، تحتَ الوصايةِ الأميركيةِ للقرن المقبل ، فما هي أهميتُه وما تأثيرُه على الأمنِ الايرانيِّ والاقليمي؟؟
القوقاز، رقعة جبلية صغيرة تقع بين روسيا وايران وتركيا، ليست مجرّد حدود على الخريطة، بل هي مسرح مفتوح لصراعات القوى الكبرى منذ القرن التاسع عشر. واليوم، يعود الإقليم إلى واجهة التوترات الدولية عبر مشروع "ممر زنغزور" الذي يربط أذربيجان بجيب نخجوان مروراً بأراضي أرمينيا، وهو على مرمى حجر من الحدود الإيرانية.
في ظاهر الأمر، يُسوّق المشروع كخط للتجارة والسلام، لكن في العمق، تتداخل فيه أهداف أميركية – أطلسية، تركية، وإسرائيلية، ترسم ملامح مواجهة جديدة، قد تمتد من البحر الأسود إلى بحر قزوين، وتهدد الأمن القومي للجمهورية الاسلامية مباشرة، المشروع يرسم طرق التجارة والطاقة الإقليمية، ويعيد تشكيل الشرق الأوسط الجديد.
خلفية المشروع: اتفاق "سلام" بطعم الحصار
توقيع اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان جاء تحت رعاية امريكية، وبمشاركة شركات أميركية وأخرى أرمينية في التنفيذ. العنصر الأخطر في الاتفاق هو منح الولايات المتحدة الحق في إنشاء ما يُسمّى "ممر السلام"، الذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ب"ممر ترامب"، وهو في الواقع النسخة المُحدَّثة من ممر زنغزور التاريخي.
الممر لن يكون مجرد طريق، بل كيان جغرافي – أمني تسيطر عليه واشنطن وحلف الناتو، مع تعيين قيادة عسكرية لحمايته. عملياً، سيشكل هذا الممر شريطاً جغرافياً يعزل إيران عن أرمينيا، ويقطع خط اتصالها البري مع روسيا وأوروبا عبر القوقاز، ما يضرب أحد أهم منافذها الاستراتيجية والتجارية شمالاً.
تقرير | ممرُ زنغيزور في شمالِ ايران ، تحتَ الوصايةِ الأميركيةِ للقرن المقبل ، فما هي أهميتُه وما تأثيرُه على الأمنِ الايرانيِّ والاقليمي؟؟ pic.twitter.com/95nhNeefJd
— قناة المنار (@TVManar1) August 11, 2025
الأبعاد الجيوسياسية للممر
1. حصار استراتيجي لإيران
إيران تعتبر أرمينيا نافذتها الوحيدة نحو أوروبا عبر القوقاز، وقطع هذا الممر يعني إدخال طهران في طوق جغرافي خانق من الشمال الغربي. بالنسبة للولايات المتحدة، الهدف مزدوج: شلّ الدور الإيراني في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وحرمانها من العمق الاستراتيجي مع روسيا.
2. تموضع أطلسي في قلب القوقاز
بوجود قوات أميركية أو أطلسية على الممر، تكون واشنطن قد رسّخت أول موطئ قدم مباشر لها في جنوب القوقاز، وهو ما يعني مراقبة لصيقة للحدود الشمالية لإيران، وضغط جيوسياسي على روسيا التي تخوض صراعاً مفتوحاً مع الناتو في أوكرانيا. مع ان الرئيس الأميركي حاول إخفاء هذه الابعاد الاستراتيجية وانها مجرد اتفاق سلام بين أذربيجان وأرمينيا، وان " شركات أميركية ستستثمر في البلدين بمبالغ كبيرة".
3. مكاسب تركية – أذرية
تركيا ترى في الممر خطوة نحو تحقيق حلم "الوطن التركي الكبير" الذي يربط الأناضول بآسيا الوسطى عبر أذربيجان. بالنسبة لباكو، الممر يختصر طرق التجارة والنفط نحو تركيا ومنها إلى إسرائيل، مع تجاوز الأراضي الإيرانية كلياً. هو خطوة مهمة لتعزيز نفوذ تركيا في آسيا الوسطى، وإحياء الهوية القومية التركية العابرة للحدود.
4. النفوذ الإسرائيلي
الكيان الاسرائيلي، الحليف الوثيق لباكو، سيحصل على قناة لوجستية غير معلنة تمر عبر تركيا وسوريا (ممر داوود) نحو أراضيه، ما يعزز روابطه الأمنية والاقتصادية مع أذربيجان، لا سيما في مجال النفط الذي سيتدفق من باكو نحو إسرائيل
المعادلة الأميركية: حصار رباعي
من زاوية واشنطن، ممر زنغزور يخدم أربعة أهداف استراتيجية:
1. محاصرة إيران من الشمال الغربي، وقطع تواصلها مع أرمينيا وروسيا.
2. إضعاف روسيا عبر طرد نفوذها من جنوب القوقاز.
3. عرقلة الصين بمنع مرور "طريق الحرير" عبر إيران إلى أرمينيا وأوروبا.
4. تعزيز الناتو في منطقة لطالما كانت خارج سيطرته المباشرة.
ولايتي: إيران ستمنع الممر الأمريكي مع روسيا او بدونها
طهران لم تتأخر في إعلان موقفها، حيث شدد الرئيس مسعود بزشكيان على أن مطالب طهران المتعلقة بالسيادة الوطنية وضمان طرق الاتصال أُخذت بعين الاعتبار، وفق ما أفاد به وزير الخارجية عباس عراقجي" وأضاف أن موضوع زنغزور جرى تضخيمه إعلامياً، وأما مستشار قائد الثورة الإسلامية علي أكبر ولايتي فقد حذّر من أن الممر الأميركي "سيغيّر الجغرافيا ويهدد بتقسيم أرمينيا" والشعب الأرميني يرفض ذلك، وقال" جنوب القوقاز ليس أرضاً بلا صاحب ليستأجرها ترامب، بل سيصبح مقبرة لمرتزقته". وأضاف:" ادعاء استئجار الممر من قبل ترامب ساذج ومستحيل كاستئجار قناة بنما". مؤكداً "ان إيران ستتحرك لمنع هذه المؤامرة مع روسيا او بدونها".
حرس الثورة الاسلامية من جانبه صعّد اللهجة، محذراً قادة أذربيجان وأرمينيا من تكرار "خطأ زيلينسكي" بجلب الناتو إلى حدود روسيا وإيران. الرسالة الإيرانية واضحة: طهران مستعدة للتحرك لمنع تنفيذ الممر.
انعكاسات على الأمن القومي الإيراني
من وجهة نظر أمنية، وجود قوات أميركية أو أطلسية على بعد كيلومترات من الحدود الإيرانية يرفع مستوى التهديد المباشر. كما أن قطع الطريق البري نحو أرمينيا يحد من قدرة إيران على المناورة التجارية والسياسية مع أوروبا وروسيا.
الأخطر هو أن هذا التطور قد يشجع قوى انفصالية أو معارضة داخلية، مستغلة الضغط الخارجي لإضعاف النظام الإسلامي في إيران.
لكن ما هي استراتيجيات إيران المحتملة للرد؟
1. التصعيد الدبلوماسي عبر تفعيل التعاون مع روسيا والصين في المحافل الدولية لرفض أي تغيير جغرافي قسري.
2. دعم أرمينيا سياسياً واقتصادياً لمنع تمرير الممر.
3. التحرك الميداني عبر المناورات العسكرية في الشمال الغربي لإرسال رسائل ردع.
4. فتح جبهات ضغط مضادة في مناطق نفوذ أميركا وحلفائها الإقليميين.
الموقف الروسي: خط أحمر استراتيجي
روسيا ترى في الممر تهديداً مباشراً لقدرتها على التأثير في جنوب القوقاز ونفوذاً أطلسياً في حديقتها الخلفية،، خصوصاً في ظل انشغالها بجبهة أوكرانيا. إذا سيطر الناتو على شريط جغرافي يربط أذربيجان بتركيا، فستجد موسكو نفسها محاصرة من الجنوب، وفاقدة لخطوط الإمداد والتأثير نحو الشرق الأوسط. لهذا السبب، من المتوقع أن تعمل موسكو مع طهران لعرقلة المشروع، سواء عبر الضغط الدبلوماسي أو عبر تحريك أدواتها في أرمينيا وأذربيجان.
القوقاز على حافة الانفجار
ممر زنغزور ليس مجرد مشروع نقل أو استثمار، بل هو أداة جيوسياسية لإعادة رسم خرائط النفوذ في القوقاز وآسيا الوسطى. بالنسبة لإيران، الأمر يتجاوز الاقتصاد أو التجارة، ليصل إلى صميم الأمن القومي والوجود الاستراتيجي في الشمال الغربي.
المشهد الحالي ينذر بأن الأشهر المقبلة قد تشهد مواجهة متعددة الأطراف، حيث ستتداخل خطوط الحرب الباردة الجديدة بين واشنطن وموسكو، مع صراعات النفوذ الإقليمي بين طهران وأنقرة وتل أبيب.
في هذه المعركة، ستسعى إيران بكل الوسائل لمنع تحول حدودها الشمالية إلى منصة أطلسية، لأن خسارة أرمينيا تعني فقدان نافذتها نحو أوروبا، وإضعاف موقعها في معادلات الشرق – الغرب، وهي كلفة لا يبدو أن طهران مستعدة لدفعها.
هل يتشكل محور ثلاثي إيرانروسياالصين؟
أمام خطورة مشروع ممر زنغزور، تبرز فكرة إنشاء تنسيق ثلاثي بين إيران وروسيا والصين، باعتباره رداً استراتيجياً على التحركات الأميركية – الأطلسية في القوقاز.
هذا التعاون ليس مجرد خيار سياسي، بل ضرورة جيوسياسية، إذ يجمع بين ثلاثة أطراف تمتلك مصالح مشتركة مهددة بشكل مباشر:
* إيران تحتاج للحفاظ على منفذها نحو أرمينيا وأوروبا، ومنع حصارها من الشمال الغربي.
* روسيا ترى في الممر تهديداً يطوّقها من الجنوب ويعزلها عن الشرق الأوسط، في وقت تواجه فيه استنزافاً في أوكرانيا.
* الصين تخشى من إضعاف أحد أهم مسارات "مبادرة الحزام والطريق" الذي يمر عبر إيران وأرمينيا نحو أوروبا.
التنسيق الثلاثي يمكن أن يتخذ أشكالاً متعددة:
1. تحالف دبلوماسي في مجلس الأمن والمحافل الدولية لرفض أي تعديل قسري على الجغرافيا الإقليمية.
2. تنسيق اقتصادي – لوجستي لإيجاد مسارات بديلة تعزز الربط البري والبحري بعيداً عن النفوذ الأميركي.
3. تنسيق أمني – استخباراتي لمراقبة التحركات الأطلسية في القوقاز ومنع تمركزها الدائم.
نجاح هذا التعاون سيعيد التوازن للقوقاز، ويحول دون تحوّله إلى منصة انطلاق لمحاصرة القوى الثلاث، كما سيبعث رسالة واضحة بأن أي محاولة لعزل إيران أو روسيا أو تعطيل طريق الحرير الصيني ستواجه برد جماعي، وليس بمواقف منفردة يمكن احتواؤها.
د . محمد شمص
-إعلامي وباحث سياسي.
- استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.