تشهد محافظة حضرموت هذه الأيام حالة متصاعدة من التوتر في ظل صراع النفوذ بين أطراف متعددة، أبرزها قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا، وقوات المنطقة العسكرية الأولى، إلى جانب قوى محلية تطالب بتمثيل حضرمي خالص بعيدًا عن أي هيمنة خارجية. الشارع الحضرمي يعيش موجة احتجاجات واسعة إثر تدهور الخدمات، وغياب الأمن، وتراجع مستوى المعيشة، رغم ما تتمتع به المحافظة من ثروات نفطية هائلة. هذا الواقع دفع الكثيرين إلى المطالبة بإدارة موارد حضرموت لصالح أبنائها، وإخراج القوات الوافدة التي يرون أنها تعيق استقرار المنطقة. وفي موازاة ذلك، يتصاعد الحضور الإقليمي، خصوصًا السعودي والإماراتي، في محاولة لإعادة رسم مستقبل حضرموت، وهو ما أثار قلقًا واسعًا لدى السكان الذين يعتبرون هذا التدخل تهديدًا لهويتهم وحقهم في تقرير مصيرهم. وسط هذا المشهد، يبرز صوت حضرمي متنامٍ يدعو إلى وحدة الصف وصياغة رؤية مشتركة تحفظ الاستقرار، وتضمن مشاركة عادلة في الثروة والقرار، بعيدًا عن التجاذبات وصراع المصالح. حضرموت اليوم تقف أمام منعطف حساس: إما أن تستعيد قرارها بيد أبنائها، وإما أن تبقى ساحة مفتوحة لتجاذبات الآخرين. ليست حضرموت مجرد محافظة تعيش اضطرابًا عابرًا، بل مساحة تمر بمرحلة صراع وتحول عميق. وبين تطلعات أبنائها، وتنافس القوى، وثراء مواردها، تبقى حضرموت مركزًا مهمًا في أي تسوية قادمة، ومحورًا لا يمكن تجاوزه في رسم مستقبل اليمن بأكمله.