هل ستجرؤ أميركا فعلا على ضرب إيران عسكريا. ؟ وهل يا ترى ستقدم على فعل ذلك وحدها.؟ أم أنها ستقوم بها مع شقيقتها الأقرب في الشرق الأوسط.؟أم ستوكلها إليها وتبقى في وضع الاستعداد.؟أم انهاستواصل عملها السري؟ تلك عدد من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لها في هذه الآونة وهو ما سنحاول الاجتهاد فيه هنا. بداية ما من شك في ان إيران لا تزال حاليا هي الرقم الإقليمي الأصعب في الشرق الأوسط بعد العراق الذي حسم الأمر فيه و سوريا التي التزمت بضبط الأعصاب وآثرت الهدوء و العقلانية والخيار الدبلوماسي وما يزيد من صعوبة هذه المهمة أمام أمريكا هو التجارب و العبر التي استفادتها إيران من خلال الاحتلال الأمريكي للعراق إضافة إلى ذلك هناك عدة أسباب ترجح عزوف الولاياتالمتحدة عن استخدام الخيار العسكري منها :. -خوف الولاياتالمتحدة على مصالحها في المناطق القريبة من مرمى الصواريخ الإيرانية والتي ستصبح الفريسة السهلة أمامها خصوصا والتجارب الإيرانية أصبحت تشكل خطرا وشيكا على إسرائيل إضافة إلى أن إيران دولة لها سلاحان فتاكان هما الرؤوس النووية وصادرات النفط الإقليمية فالأخير تراهن عليه إيران فهي من مصادر القوة لها وغيرها أسباب أخرى تؤكدها دراسات وتقارير أمريكية وغير أمريكية عن إيران واحتمالات تعرضها لهجمة أمريكية ففي تقرير روسي صدر اليوم يتحدث عن صفقة سرية بين إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية قال التقرير ان هناك دولتان لا تزالان في محور التحفظ الأمير كي الكلي.وهما سوريا وإيران أما بالنسبة لسوريا فقد نجحت الدبلوماسية الإقليمية والدولية في اجتذابها إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من جهة، واتصالات مباشرة مع أوروبا بوساطة فرنسية من جهة ثانية أما إيران فهل ستجتذبها الدبلوماسية الأمير كية، بعدما عجزت التحركات الأوروبية عن ذلك؟ يمكن استشفاف بعض الخيوط المستقبلية مما سربه أحد التقارير الروسية، الذي أشار إلى وجود مباحثات بين الولاياتالمتحدةوإيران للتوصل إلى صفقة سرية تنظم علاقاتهما للفترة القريبة المقبلة. التقرير لفت إلى الدور الذي لعبته طهران في انخفاض أسعار النفط المفاجئة أخيرا، وتدني أسعار الذهب الأسود في السادس من الشهر الحالي إلى ثلاثة فاصل اثنين وتسعين دولارا مقابل تخفيف واشنطن مواقفها الحادة من طهران. وذكر التقرير ان الصفقة السرية تنص على ألا تعلو أسعار النفط عن سقف المئة وخمسين دولارا للبرميل. وبحسب معطيات التقرير، فان الاتفاقات المذكورة ستكون مؤقتة، نظرا لان حرس الثورة الإسلامية يقف ضد اي اتصالات بأميركا. ووفقا للتقرير أيضا، فان واشنطن تعهدت بتجميد أسعار النفط في الأسواق العالمية وعدم اللجوء إلى القوة العسكرية ضد طهران حتى نهاية فترة الرئيس جورج بوش. ولأن واشنطن غير قادرة على إعطاء أي تعهدات نيابة عن اسرائيل، فان البيت الأبيض سيستخدم نفوذه لاحتواء تل أبيب وعدم مساعدتها في استكمال البحث عن المعلومات التجسسية المطلوبة لضرب إيران. وخلص التقرير الى ان المرونة المستجدة، تجلت أيضا، عندما لم ترد واشنطن بشكل حاد كالسابق على التجارب الصاروخية التي أجرتها طهران أخيرا، مكتفية بالقول أنها استفزازية. وتقضي الصفقة أيضا بوجوب ألا تحرّك الجمهورية الإسلامية حلفاءها في العراق لاستهداف القوات الأمريكية و العراقية، وكذلك ان يتبادل الضباط الإيرانيون والأمريكيون المعطيات اللوجستية على الساحة العراقية. وفي دراسة أعدها كاتبان أمريكيان هما: باتريك كلوسون ومايكل آيزنشتات، حيث أكدا في دراستهما على أن تقنيات الحرب المتوقعة وتفاصيل الهجوم المحتمل ليست هي المهمة وإنما السياق الذي ستجري فيه الحرب هو المهم. فإن كانت الصورة عن المسألة ترتسم على أنها ملحة وبرز المتشددون الإيرانيون على أنهم مصدر الأزمة، فسيقبل الكثيرون في الولاياتالمتحدةوإيران وبمناطق أخرى، وإن كان على مضض، العملية الاستباقية على أنها ضرورة غير سعيدة. ولربما امتد أثر مثل هذا الانطباع على قرار الإيرانيين فيما إذا كانوا سيعيدون البناء أو سيردون عسكرياً. وعلى سبيل المثال، فبينما لم يكن القبول الأوروبي بالعمل الوقائي قائما في الفترة التالية مباشرة للغزو الأميركي للعراق، فإن المزاج قد تغير وعلى الأقل في فرنسا. ويبين الكاتبان الأميركيان بأن طبيعة أي عمل وقائي قد تقدم عليه أميركا مترافقاً مع حجم العمل وأفقه سيؤثر على الأرجح على طبيعة الرد الإيراني وحجمه وأفقه. وضمن الاحتمالات المتوقعة يسرد الكاتبان الخيارات الأميركية الممكنة وكلها لا تستقرب حدوث هجمة عسكرية مباشرة على إيران منها: *العمل السري وهو أقل الأعمال خطورة إن كان من ناحية التعقيدات المحتملة أو الرد الإيراني العنيف. ويحتوي هذا العمل على أعمال تشابه تشجيع هروب المهندسين أو العلماء، وتسريب تصاميم تحتوي على خلل يتعلق بالأدوات والآلات، أو فيروسات مدمرة لأنظمة الكومبيوترات الأساس أو تخريب بعض تسهيلات جوهرية. وقد لا تكون طهران قادرة على التحقيق فيما إذا كان الخراب لخدمات أساس ناتج من حادث صناعي أو عملية تخريب. وحتى ما إذا شكّت في احتمال التخريب، فقد لا تكون قادرة على التحقق مما إذا كان ذلك عائداً لعمل منشقين إيرانيين أو لمخابرات أجنبية. * قصف إنشاءات سرية وهو الخيار بالقيام بعمل شبيه لما قامت به إسرائيل ضد سوري في 6 سبتمبر/ أيلول ,2007 هذا بالطبع إن وجدت إنشاءات سرية إيرانية. *الهجوم الشامل و رغم هذا الخيار لكنه لا يؤخذ بالجانب العسكري من الناحية الشكلية بل أنه مرتبط من الناحية الفعلية بالسياسة وإلى حد كبير فهو يترك أحد أهم الأسئلة دونما إجابة: ارتباط حجم وأفق الهجوم بالآثار السياسية المترتبة. فلو كان الهدف سيتحقق من ضربة واحدة لكان الأمر أقل كلفة سياسية، كما أنه لو أن التدمير لم يلحق إلا بجزء من الإنشاءات، واحتفظت إيران ببنيتها سالمة بغالبها، فلربما امتنعت من أن ترد بقوة حفاظاً على ما تبقى لها، ودرءا لأي استفزاز قد يؤدي إلى ضربات أخرى بسبب ان معظم معاملها النووية واقعة في قلب التركز السكاني، ويمكن لمثل هكذا قصف أن يؤدي إلى بروز سحاب من المواد الكيماوية السامة وأخرى مشعة ستؤثر بلا شك على الناس وتذكر العالم بحادث جوبال بالهند العام .1984م. ومن جهة أخرى نقرأ تصريحات الحكومة الإيرانية فهي تنبي عن ثقة بالنفس وردود قاسية وعنيفة في حال تعرضت بلادهم لأي هجوم فقد نقلت وكالات الأنباء عن احمدي نجاد قوله: ان إيران لن تتوانى في بتر أيدي من يضعون الإصبع على الزناد إيذانا بمهاجمتها وتأتي هذه التصريحات بعد تجارب على صواريخ بالستية أجرتها إيران في إطار مناوراتها العسكرية مما زاد من حدة التوتر بينها وبين الدول الغربية التي تتهمها بالسعي إلى امتلاك أسلحة ذرية وقال الرئيس الإيراني عن هذه التجارب ان "هذا يشكل فقط جزءا صغيرا من القدرات الإيرانية الدفاعية، وإذا كان ذلك ضروريا، فإننا سنظهر في المستقبل أجزاء أخرى من قدراتنا" و لعل تلك الأجزاء الأخرى هي مبعث قلق واشنطن وتل ابيب فيؤكد خبراء ومسئولون أمريكيون ان المناورات الإيرانية الأخيرة التي تخللها إطلاق صواريخ من نوع شهاب3 قادرة على بلوغ اسرائيل لم تكشف التقدم الحقيقي في البرنامج الإيراني الصاروخي. *الخيار الإسرائيلي وهناك عدد من التصريحات الصحفية حول هجوم محتمل ستقوم به اسرائيل وان قامت ''إسرائيل'' بالهجوم فهذا سيفتح الباب لمخارج إيرانية أخرى. فلربما تفادت إيران الرد الموسع لئلا يؤدي ذلك إلى التدخل الأمير كي. ولكن ولنفس السبب فلربما فضل بعض المخططين الإيرانيين الاستفادة من ذلك وشن هجوم موسع مقابل يؤدي إلى استدراج أميركا فيقوى الربط في أعين الكثير من العرب والمسلمين بين إسرائيل وأميركا. ويمكن للرد الإيراني أن يكون إعلامياً ضد أميركا، وعسكرياً ضد إسرائيل. ولكن أي خيار ستقدم عليه إيران سيعتمد بالأساس على حجم الهجوم وأفقه. وهنك تقريراً استخباراتياً يفيد بمقدرة الأسطول الإيراني على إيقاف حركة النفط في الخليج لفترات قصيرة بالاعتماد على قوة متعددة التشكيل تتكون من غواصات تعمل بالديزل وقوارب لإطلاق الصواريخ وألغام بحرية وصواريخ مضادة للسفن تنطلق من البحر ومن السواحل. على أنه وإن تمكنت إيران من فعل ذلك بل وبث الرعب في أسواق المال والبترول إلا أنها لن تستطيع فعل ذلك لفترات طويلة. فهناك أسباب تقنية أولها أن الحاملات الضخمة بات من الصعب إغراقها لوجود أغلفة متعددة بها. ويمكن تنظيف المياه من الألغام. ثم أن مضيق هرمز متسع وعميق إلى درجة يصعب من خلاله تحقيق المنع الشامل.. *الخيار النفطي و كذلك يمكن لإيران أن تتخذ قرار إيقاف تصدير نفطها نفسه، وهي تملك من الاحتياطي النقدي ما يمكنها من العيش لسنة ونصف من دون تصدير (تمتلك ما يقرب من 70 مليار دولار). على أن تأثير هذا القرار سيعتمد على رد فعل المصدرين الآخرين، وكان المنتجون الخليجيون حسب التقرير قد أعدوا العدة لتوفير إنتاج زائد لمواجهة أي نقص قد ينشأ من جراء هذه الخطوة. كما يورد الكاتبان الأمريكيان احتمال مهاجمة البنية التحتية لمنشآت أمريكية أو لحلفاء أميركا في المنطقة. وعلى وجه التحديد ترد منشآت بقيق بالسعودية وهي أكبر مجمع نفطي بالعالم ويعالج نصف الصادرات السعودية. وجزءا كبيرا من الإيرادات النفطية الأمريكية وكانت السعودية قد أضفت الكثير من الحماية وأساليب الوقاية على تلك المنشآت بعد العام .2006م وهناك محطات تحلية المياه التي توفر ما يزيد على 60% من حاجات الخليجيين للشرب. وبالطبع يمكن لهذا الاحتمال أن يخفف عبر إجراءات تتمثل في ربط شبكات المياه في دول الخليج. ولكن يشير الكاتبان إلى أن أياً من هذه الأعمال ستعني زج دول الخليج والسعودية في مواجهة إيرانية أمريكية، ستنحاز فيها لأميركا، وهو تكرار لما جرى في حرب الخليج الأولى. وتبدو إيران أكثر ارتياحاً لاستعمال قواربها الصغيرة لمواجهة حرب ضد المنشآت الأمريكية، وشعورها أن بإمكانها أن توقع خسائر موجعة بالأسطول الأمريكي الخامس بالخليج. ومن جهة أخرى يمكن لإيران بهذا الصدد أن تزيد تدريجياً من دعمها للميليشيات الشيعية و''المجموعات الخاصة'' لتنغمس في شن هجمات ضد القوات الأمير كية و قوات التحالف إضافة إلى مهاجمة إسرائيل عبر لبنان بدعوة حزب الله لشن حرب صواريخ ضد إسرائيل إزاء الضربة الأمريكية، وبذلك يتم تسديد ضربة لحليف لأميركا من جانب ولزيادة النقاط التي ستحوزها إيران وسط الشارع العربي