الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    فضيحة في سجون الحوثي النسائية...انتهاكات جسيمة في سجون النساء بصنعاء تدفع إحدى النزيلات لمحاولة الانتحار    المعارك تتواصل في اليمن.. الحوثيون يُعلنون عن مقتل 4 من مقاتليهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    فارس الصلابة يترجل    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    منظمات إغاثية تطلق نداءً عاجلاً لتأمين احتياجات اليمن الإنسانية مميز    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أول حوار مع كاتب رواية «مائة عام من الفوضى» عبدالله عباس الإرياني ل«26سبتمبر»: حان الوقت لقيام نظام مدني تسوده الحرية والعدل والمساوا
نشر في 26 سبتمبر يوم 21 - 06 - 2012

القاص والروائي عبدالله عباس الارياني درس الهندسة المعمارية بمصر وبعد ربع قرن من عمله في هذا المجال قرر اعتزال مهنة الهندسة والتفرغ للكتابة الابداعية. صدرت له عدة مجموعات قصصية واعمال روائية ومسرحية منها رواية «بدون ملل» و«الصعود الى نافع» و«مائة عام من الفوضى» ومجموعات قصصية منها «مقيل حاتم» و«الذمة الحائرة» ومسرحية « دجلة الشهيد» و«سيف العقدة» و«سيدة النهرين» وغيرها من الكتابات السردية والحوارية التي تلامس هموم الناس واوجاعهم وتفضح الشر واللاانساني في حياتنا وتعرى مظاهر الاستبداد والتسلط الذي تنهار معه القيم واساليب الحياة الكريمة، كما يلجأ عبدالله عباس عند اختيار مواضيعه الى الذاكرة الوطنية والتاريخية ليتسنى لنا ان نتطلع من خلالها الى المستقبل ونتجنب عند بناء الحاضر الوقوع في اخطاء من سبقونا.
تواصلت معه قبل ايام عبر التلفون وطلبت منه ان يسمح لي بفتح نافذة صغيرة يطل منها القارئ على تجربته الابداعية المتفردة رحب المهندس المعماري السابق بهذه الفكرة وتسنى لي ان اتسلل الى عزلته الاختيارية واجري معه هذا الحوار الشيق والمفيد:

حاوره: مرشد العجي
أين كانت بدايتك الأولى مع الكتابة في الشعر أم الرواية؟
بداية أشكرك على هذه الزيارة، بعد سبع سنوات من نشر قصصي القصيرة بصحيفة26«سبتمبر» الموقرة..أعود إلى سؤالك، و أقول: لعلك قرأت شيئاً مما نشرته في الصحف خلال العام الماضي، وهو العام الاستثنائي الذي دفعني لكتابة ست، أو سبع محاولات ليس إلا، ربما تصنف في مجال الشعر، أما عن بدايتي فقد كانت مع القصة القصيرة.
وكيف كانت ؟
بدأت متأخرا، لا تعجب، وعمري خمسين عاما..كان ذلك في يناير من عام 2005م، عندما وجدت نفسي أكتب قصة قصيرة عنوانها ( صنعاء ذات مقيل )، بعد أن عدت من مقيل يطل على جزء من العاصمة، وهذه القصة لم تنشر، ثم أستمريت في المحاولة، حتى نشر لي الصديق العزيز زيد الفقيه قصة قصيرة بعنوان ( هو، وهي والقمر ) في صحيفة »الثورة، فكانت أول ما نُشر لي في حياتي..ثم اتجهت إلى الدكتور عبد العزير المقالح، وناولته قصة قصيرة بعنوان ( سباق المغفلين ) ، ونُشرت في صفحة حضرته- كان ذلك في شهر يوليو من عام 2005م- بصحيفة« 26سبتمبر» بعنوان ( حكاية كل خميس )، وهو العنوان الذي اخترته لمجموعتي القصصية الأولى، وبعد تلك القصة قصص قصيرة، كان آخرها ( عودة الشاعر) التي نُشرت في صحيفة» 26سبتمبر« في عددها الصادر بتاريخ 3/5/2012م.
هكذا كتبت بدون مقدمات؟
لا شيء يأتي من فراغ: كنت شغوفا وأنا في سنوات المدرسة بقراءة القصص، والروايات، وأذكر وأنا في العاشرة من عمري، عندما كنت متيما بقراءة سيرة سيف بن ذي يزن، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الأدب العربي، والمترجم، وكان يوسف ادريس كاتبي المفضل، ومازال، وفجأة انتهى اهتمامي بالأدب بعد سنتين من التحاقي بكلية الهندسة جامعة القاهرة، إلى أن أدركتني حرفة الأدب بعد ربع قرن تقريبا، عندما عدت إليه كاتبا وأنا أحمل ما خزنته ذاكرتي.
أي أنك لم تواكب المتغيرات في كتابة القصة، والرواية.
هذا صحيح، إلا أن عودتي للأدب قد حتمت أن أقرأ كل جديد في عالم القصة، والرواية.
والرواية؟! متى بدأت تكتبها؟
بعد القصة القصيرة، كتبت الرواية، صدرت روايتي الأولى ( بدون ملل ) في عام 2006م. وأنا لم أخرج عن المألوف، القصة القصيرة هي الرحم التي تخرج منها الرواية، والمسرحية فقد صدرت مسرحيتي الأولى ( دجلة الشهيد ) في عام 2007م.
ماذا تعني لك الكتابة بشكل عام ؟
الكتابة تعني أشياء كثيرة: فهي المتنفس، وهي الصديق الذي أعبر من خلاله عن مشاعري، وخلجات نفسي..الكتابة، هي من حفظت للتاريخ كينونته وبقائه، ولهذا أشعر أحيانا بالندم على السنوات التي ضاعت بدون كتابة. وإذا كانت الكتابة، الأدبية على وجه الخصوص، لا تأكل عيشا، إلا أنها تظل المتعة، والشعور بطعم الحياة..أحيانا يتملكني الشعور بالإحباط، وأنا أعيش تجاهل المجتمع لما أكتب بالرغم من أني قد وظفت كتابتي للناس، وانحزت للفئة المظلومة، أو هكذا أظن، إلا أن هاجس الكتابة يظل أقوى من أي شيء، يكفي أني راضٍ وسعيد بالكتابة، بالرغم من ضيق العيش أحيانا، وطلبات الأولاد، بعد أن هجرت حرفة الهندسة.
ولماذا تركتها ؟
ظروف، أو كما قال الكاتب المصري محمد مستجاب: (كل الظروف حولي كانت تساعدني على أن أصبح لصا، إلا أن الظروف ساءت فأصبحت كاتبا).
وما هي تلك الظروف ؟
لم أسأل الكاتب.
سأبحث عنها وأوافيك، ما نصيب تحديات المدن وأسئلة المعيشة في كتاباتك القصصية، والروائية؟
إذا كنت متابعا لقصصي القصيرة التي نشرتها صحيفة 26سبتمبر طوال ست، أو سبع سنوات، فإنك ستجد بأن مدينة صنعاء، بأسلوب غير مباشر، قد أخذت حيزا كبيرا من قصصي، أستوحي قصصي من لقطات صغيرة تمر عليّ خلال يومي، خذ مثلا الدباب، كتبت عنه قصة قصير بعنوان ( نائب الفاعل )، شبهت البلاد بالدباب الذي يتحرك في الشارع وكأنه بهلوان في السيرك وانتهى حاله بسقوطه في الحفرة، وغيره كثير، حتى قاعة الأفراح كتبت عنها قصة قصيرة بعنوان ( طلع البدر علينا )، وكذلك كتبت رواية ( الغُرم )، أردت أن أقول فيها أن التحدي الأكبر للمدينة والمدنية هو ( الغُرم )، صدرت عام ( 2008م)، سأهديك نسخة وستجد بأني قد حذرت من الواقع الذي نعيشه، كتب عنها الصديق العزيز زيد الفقيه دراسة نقدية جميلة، أظهرت مقدرته الفائقة على النقد، وعلى أظهار ما يرمي إليه الكاتب. والقات، هو الآخر تحدٍ كبير، كتبت عنه عدة قصص قصيرة..والمقيل مصدر الهام كبير، سميته «أدب المقيل»، نشرت – على سبيل المثال-: مقيل حانب، ومقيل عبد الدايم، وأخرى لم تنشر، ورواية لم تنشر بعد بعنوان( هل بلغك السر؟ )، 80% منها- تقريبا- دارت أحداثها في المقيل.
و أسئلة المعيشة؟
ماذا تعني؟
أعني هموم الناس،وهمومهم تطال كل شيء في حياة المدن؟
ذكرتني بقصة قصيرة نشرتها صحيفتكم الموقرة، كانت عن الكناس..تعرضت فيها لهموم الناس وما يعانيه من ظُلم الدولة، والمجتمع حيث قلت: الجميع ضده ويريدون شارعا نظيفا، واختتمتها بقوله: ياراقصة بالغدراء ما حد يقلش ياسين..والكناس يخاطب الجلاد بقوله: ويا راقصين علينا ونقول لهم ياسين، وكذلك في قصة قصيرة بعنوان ( حكاية عمر ) عن هموم عامل البناء فقد عايشتهم فترة طويلة بصفتي المهندس المشرف عليهم، وعن هموم الموظف المطحون، المظلوم، في قصة قصيرة بعنوان ( مقيل حانب )، وفي قصة قصيرة بعنوان ( الذمّة الحائرة )، وغيرها من القصص التي لا تسعفني ذاكرتي، وتطرقت لهموم الغّرامة من القبائل في رواية (الغُرم )، استقيتها من الغّرام نفسه..قال لي أحدهم: هدني الغُرم معيشيا، وأمنياً، وأذكر أني التقيت بمواطن يمني من مأرب في أحد مستشفيات القاهرة، كان ذلك في عام 2009م، ذهب إلى مصر لعلاج أخيه المصاب من حرب قبلية، قال حينذاك: نشتي دولة قوية وعادلة وتقطعني من نصي.. ولهذا فأنا أجزم أن القبيلي الغّرام هو أكثر الناس شوقا للحياة المدنية، لولا تسلط المشايخ، بعد أن وجدوا دولة تشجعهم، بدلا من إخضاعهم لدولة النظام والقانون، وفي قصة قصيرة بعنوان ( المهجم ) ضمن مجموعتي القصصية ( حكاية كل خميس ).
ما هي المواضيع التي تنسج منها روايتك؟
الحاضر، والتاريخ: سأتحدث بقليل من التفصيل: روايتي الأولى ( بدون ملل ) صدرت عام 2006م، وأعتقد أنها أول رواية وطنية، وإذا كنت مخطئا فأنا أعتذر، تطرقت الرواية إلى ملحمة السبعين يوما في الستينات من القرن الماضي، إلى ما تلاها حتى قيام الوحدة في 1990م، وقصة حب محمد، وثريا، وكان المخرج صفوت الغشم متحمساً جدا- عندما كان رئيسا لمؤسسة السينما والمسرح- لإخراجها في فيلم سينمائي إلا أن الإمكانات المادية حالت دون ذلك..وروايتي الثانية كانت بعنوان (الصعود إلى نافع)، حول ثورة 1948م، صدرت عام عام 2007م، وروايتي الثالثة بعنوان (مائة عام من الفوضى )، دارت أحداثها في القرن التاسع عشر، صدرت عام 2009م، وهي اسقاط على الحاضر الحاضر كما في رواية الغُرم التي أشرت إليه أنفا، أذن فهو التاريخ الذي يسقط نفسه على الحاضر..الحاضر المرتبط بالهموم التي يعيشها المواطن اليمني.
ما نصيب الحداثة في كتاباتك الروائية والمسرحية؟
لم أدرس الأدب، وبالتالي فأنا أكتب بالفطرة، ولا تنسى بأني قد انقطعت فترة طويلة عن الأدب، وهي الفترة التي ظهر فيها ما يسمى بالرواية الحديثة..وأنا لا يهمني إن كانت أعمالي ضمن الحداثة، أو ما يسمى بالتقليدي..وإذا كان يُقصد بالحداثة الرمزية الشديدة، أو ما يسمى بالعميق، فإن ذلك الأسلوب يرجعه البعض إلى عصور الانحطاط، تظل الرواية تعبيراً فنياً وإنسانياً، والبساطة تكون في حد ذاتها إعجازاً.ستجد ذلك في روايات يحي حقي، أو رواية بهاء طاهر( واحة الغروب ) التي فازت بأول جائزة البوكر العربية، ستجدها نُسجت بأسلوب بسيط لكنه معجز، أو رواية ( عزازيل ) أول عمل للروائي المصري يوسف زيدان، ستجدها أقرب إلى السيرة الذاتية بأسلوب بسيط لكنه في غاية الجمال والروعة..أعود وأقول بأن الحداثة، أو غيرها، لا يهمني، أنا أكتب بأسلوبي الفطري، وبعد أن يخرج عملي يصبح ملك الناس، ولهم أن يضعوه حيث يشاؤن، المهم من يقرأ العمل.
ما هو الطابع والأسلوب الذي يميز كتاباتك الروائية؟
ذلك متروك للنقاد.
فكيف تجد تفاعل النقد مع الأعمال الابداعية؟
ليس هناك ما يستحق الذكر، فقط ما كتبه الصديق العزيز زيد الفقيه حول رواية الغُرم، وما كتبه الدكتور إبراهيم أبو طالب عن مجموعتي القصصية ( حديث كل يوم )، آخر أعمالي صدرت عام 2011م.
لماذا في رأيك ؟
أسأل النقاد.
يُقال أنك تميل إلى العزلة، فكيف سيلتفت النقاد إلى أعمالك، عليك أن تبحث عنهم؟
في سؤالك كثير من الصحة، أما العزلة فتلك قدري، أيُ فهكذا خُلقت، ولابد أن أرتضي بطبعي حتى أتصالح مع نفسي..قال أحدهم: كأنك تكتب وترمي إلى الشارع..رددت عليه: فليكن، ربما يعثر عليها أحدهم في يوم ما ويوليها عنايته، إلا أن الصحف التي أهديها كتبي، لا تقصر من الإشارة إليها، وعلى رأس تلك الصحف: صحيفة الجمهورية، فاجأتني صحيفة الجمهورية وهي تنشر روايتي ( الصعود إلى نافع ) في حلقات، أو وهي تنشر أعمالي القصصية مأخوذة من مجموعاتي القصصية التي أهديها لها، وصحيفة الثورة، حتى صحيفة«26سبتمبر»، دون أن أهديها، كما كان الحال بمجموعتي القصصية (حكاية كل خميس )، ورواية ( مائة عام من الفوضى )، والدكتور/ عبد العزيز المقالح وحضرته يشير إلى كل أعمالي في مقاله الأسبوعي بصحيفة الثورة، ولعل تلك الإشارة، وكما هي لكل الكتاب، تظل أكبر تعريف بالكاتب.
وما يُقال عن الأخطاء اللغوية في أعمالك الصادرة؟
( مبتسما ) صدقت، وأول ناقد لي هو سيدي الوالد- حفظه الله-، وهو نحوي تقليدي لا يرحم، ومع احترامي، إلا أني أعيدهم إلى الكاتب سلامة موسى، وهو من هو، وهو يرد على ناقديه: المشكلة في اللغة، وليست فيه.
هل هناك مراجع لغوي، يمكنك العودة إليه؟
وقد عدت بالفعل، ولا أخفيك أني قد ندمت لأني لم أسلم رواية ( الصعود إلى نافع ) لمراجع لغوي.
فلنترك اللغة، وٍأسألك: ماذا تعني لك روايتك الأخيرة؟
سأحدثك عن ثلاث روايات: روايتي الأخيرة التي صدرت في عام 2009م بعنوان ( مئة عام من الفوضى) تعني شغفي بالتاريخ ومنه استوحي أعمالي. تدور أحداث الرواية في القرن التاسع عشر، قرن الفوضى، حيث كان يحكم صنعاء..نعم صنعاء لوحدها أكثر من إمام، وفي نهاية الأمر، قبل دخول الأتراك صنعاء في عام 1872م، الشيخ محسن معيض.. والرواية تسقط نفسها على الحاضر، لم أكن أنا من يقول ذلك وإنما هذا ماقاله، الشاعر أحمد القارة-عاش ومات في القرن التاسع عشر- يصف تلك الأيام..حيث يقول:
ضاعت الصعبة على الخلفاء
خبط عشوا والسراج طفى
لا تصدق أن ثم وفاء
حسبنا لا إله الا الله
لبحوا في كل أرض وما
أمروا عربا ولا عجما
أنما هم في عمى وظما
حسبنا لا إله إلا الله
ويقول:
وشياطين البلاد أتوا
بعد ما قد أفسدوا وعتوا
أبصروا جوا والكلام هنتوا
والخ: لا إله إلا الله
والكتب من كل فج عميق
والهواتف في شهيق وعقيق
والعزايم في مرض وصقيق
زيق ميق لا إله إلا الله.
ويقول:
كلها في ذنب أهل أزال
عيفطوا عيفاط بغير كمال
واستهلوا للفساد هلال
مدبرين لا إله إلا الله
من دعاهم للصلاح منعوا
في النهاية طول ما هجعوا
ما رضوا يرزوا ولا خنعوا
في جغير لا إله إلا الله
الأبيات تسقط نفسها على واقعنا الراهن.
والرواية الثانية بعنوان ( هل بلغك السر ؟ )..كتبت عنها مقالا في صحيفة «الوسط »الصادرة بتاريخ 29/12/ 2010م، وكأني كنت استشرف ما سيقع في عام 2011م. استوحيت الرواية من سؤال صحيفة 26سبتمبر المشهور هل تكتم السر؟، تصفحت الأعداد الصادرة من عام 1985م، وحتى بداية عام 2010م، ومن بين الكم الهائل من الأسئلة اخترت سبعين سؤالا وضمنتها الرواية. والسؤال مهم، ومهم للغاية، فقد واكب تصاعد وتفاقم ما يسمى بالفساد، وقرع ناقوس الخطر منذ وقت مبكر، وشاهد حي على غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح. وبسبب الأحداث التي وقعت في عام 2011م فإني لم أتمكن من الإيفاء بالوعد وإصدارها في عام 2011م، أو إصدارها في هذا العام ( 2012م )، فضلت رواية أخرى بعنوان ( سمُّ الأتراك )، وهي الآن في مركز عبادي، من المتوقع أن تخرج من المركز خلال شهر مايو من هذا العام. والسبب في عدم نشر ( هل بلغك السر؟ ): من سيقرأ الرواية فإنه سيجد أن أحداث 2011م كانت ضمن سياق الرواية، وهو السياق الذي أوقعني في أحد خيارين: نشر الرواية كما هي، أو إضافة فصول أخرى لن تخرج عن مضمون ما سبق أن كتبته، والمرجح أني سأنشرها في المستقبل كما هي، وفيما وقع في عام 2011م كثير من الأفكار يمكن اختيار أحدها لكتابة رواية جديدة، وأنا بصدد المفاضلة بين تلك الفكر، للوقوف النهائي على واحدة منها. وأود أن أنوه هنا إلى أن صاحب السؤال قد استبدل العنوان ( هل تكتم السر ؟ )، بعنوان ( بالمفتوح )، أما المضمون فهو واحد، فماذا يعني ذلك؟، لن أجيب على السؤال، الإجابة متروكة لصاحب السؤال، وبودي أن أتعرف عليه، عايشته، واستمتعت بأسئلته لبضعة أسابيع عندما كنت أتردد ما بين الفينة والأخرى على دار الكتب، وأنا أكتب الرواية لبضعة أشهر..اسمع هذه الأسئلة المختارة ليتأكد لك، والقارئ الكريم صحة ما ذهبت إليه:
هل تكتم السر؟..الصحيفة الصادرة بتاريخ 3/1/1985م.
(أما الأحاديث حول (العرصات) أو الأراضي فحدث ولا عجب.. وهي حكايات متداولة في مكاتب العقارات وفي بعض دهاليز المحاكم فضمن أحاديث المسافرين حول أراضٍ بيعت أكثر من مرة للدولة أو حول أراضً ينتفع من بيعها بعض المسؤولين الذين أوكلوا مهمة التصرف فيها إلى بعض المحترفين العقاريين).
هل تكتم السر؟.. الصحيفة الصادرة بتاريخ 16/10/1986م.
(يقال أن احد المقاولين البارزين قدم هدية متواضعة لمدير مكتب أحد المسؤولين الذين لهم رأي في مناقصة لإنشاء مشروع تبلغ تكلفته 15مليون ريال.. الهدية عبارة عن مبلغ 700 الف ريال وتذاكر سفر مفتوحة لجميع أفراد العائلة وبقيت هدية المسؤول الأول طي الكتمان حتى الآن).
هل تكتم السر؟.. الصحيفة الصادرة بتاريخ 4/12/1986م.
(مسؤول كبير في مرفق حساس.. شوهد مؤخراً في أحد العواصم الأوروبية، حيث كان يقضي أجازته وهو يصرف ببذخ على محبيه ومريديه من الذين التقاهم هناك، ويقال بأن المسؤول إياه استغل منصبه الوظيفي وقام بتحويل عدة صفقات إلى حسابه الخاص )
هل تكتم السر؟.. الصادرة بتاريخ 12/12/1991م.
(يتصاعد هذه الأيام همس مكثف يردده بعض الخبثاء يؤكد أن بعض الشخصيات المرموقة قيادياً وسياسياً في البلاد قد أضحوا بفضل هذه المكانة المرموقة وما منحت لهم من قنوات جديدة (للهبر) لم يعرفوها من قبل ودفعتهم إلى الثراء بسرعة الصاروخ..وربما قرروا الاكتفاء بما وصلوا اليه من (بحبوحة) ويغيرون مسار حياتهم الاجتماعية والسياسة لاحقاً).
هل تكتم السر؟..الصادرة بتاريخ 11/7/1996م.
(يقال أن كثيراً من أراضي الدولة صارت أرضا مباحة والعالمون بالأمور يقولون أن حوالي مليون لبنة ضائعة بين البسط والادعاءات الكاذبة).
مجرد سؤال.. الصحيفة الصادرة بتاريخ 1/1/2009م.
اختطاف الطفل اليتيم (علي العديني) على يد عناصر غير مسؤولة وإجرامية من قبيلة بني ضبيان وصمة عار مشينة في وجه كل يمني ينتمي إلى هذه القبيلة وفي وجه المجتمع اليمني كله.. ويبقى التساؤل إلى متى يترك المجال لمثل هذه العناصر الإجرامية لكي تستمر في غيها وارتكاب أعمالها القبيحة والإجرامية ومن سينقذ علي العديني من براثنها.. ومتى؟ هل تكتم السر؟.. الصحيفة الصادرة بتاريخ 2/4/2009م.
(يقال أن الحملات الأمنية التي جرت بجعار أبين لملاحقة عناصر مطلوبة امنيا قد نجحت في إلقاء القبض على بعض (القتلة) وعناصر من تنظيم القاعدة ظلت تختبئ هناك.. ويقال أن العناصر الخارجة على القانون في محافظة صعدة تحاول التخلص من الالتزام بخيار السلام وهي تكثر هذه الأيام من الحديث عن استعداد الدولة لحرب سادسة في الوقت الذي تشير المعلومات بأن خيار الدولة هو السلام وإعادة الأعمار وأن هذه العناصر هي من تظل تقرع طبول الحرب وحيث لا يطيب لها العيش في ظل السلام).
والرواية الثالثة؟
ذكرتها آنفا وهي رواية (سمُّ الأتراك)، تدور أحداث الرواية خلال فترة تواجد الأتراك في اليمن، من عام 1872م، وحتى عام 1918م، وهي تبدأ من حيث انتهت رواية (مائة عام من الفوضى).
هل فعلاً عجزت النخب الثقافية في التعبير عن متطلبات الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في عالمنا العربي، وكيف تفسر صمتها وعزلتها؟
خلينا في اليمن وأقول: للإجابة على سؤلك فلابد أن أعود إلى الوراء، وبالتحديد إلى ثورة 1948م، فقد كانت تلك الثورة: ثورة النخبة المثقفة في اليمن، إلا أنها فشلت لأنها كانت بدون قاعدة شعبية، وهي النخبة التي قدمت الكثير من الشهداء على مدى السنوات التالية.
سؤالي: هل فعلاً عجزت؟
ربما.. ربما.
لماذا في رأيك؟
أعتقد: لم يُخلق القائد، الزعيم، القادر، الموفق، منذ خروج الأتراك من اليمن في عام 1918م وحتى الآن.
وكيف تفسر صمتها وعزلتها؟
في اعتقادي أنهم لم يصمتوا، تركوهم يكتبون ما يريدون، وهم يعملون ما يريدون..محنة العرب النظم الاستبدادية.. ومن اعتزل، لا شك أنه الإحباط.. ولابد من الاعتراف أن النخبة المثقفة، نخبة فاشلة، أو أرادوا لها أن تفشل، وعلينا أن ننتظر إلى نبي ليعيد لهذه النخبة دورها الفاعل في المجتمع.
برأيك ما هو دور الكاتب المبدع في الدفاع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية؟
أجاب على سؤالك، الغائب الحاضر، عبدالله البردوني (طيب الله ثراه) عندما قال:
إن الأباة الذين بالأمس ثاروا أيقظوا حولنا الذئاب وناموا
وهم الأباة الذين دافعوا عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، وهي- الحرية والعدالة والديمقراطية– التي ستنتصر في النهاية، كما هو في كثير من بلدان العالم.
ننتقل إلى المسرح.. وأسأل: ماذا عن كتابتك المسرحية؟
صدرت لي ثلاث مسرحيات، مستوحاة من التاريخ: «دجلة الشهيد» صدرت عام 2007م، وهي دجلة الشهيد القاضي يحيى السياغي، أعدمه الإمام أحمد في عام 1955م، كان ضمن من اشتركوا في الانقلاب الفاشل على الإمام.. وللدجلة قصة رواها المرحوم القاضي عبدالرحمن الإرياني– رئيس المجلس الجمهوري السابق، في كتاب وثائق أولى عن الثورة اليمنية.. إلى أن قال رحمه الله: وقد كان للدجلة قصة أرويها للعبرة: فقد أخذها الوشاح ولم تمض أشهر حتى قتل الوشاح أحد الجنود وحكم عليه بالقصاص وأعدم وأخذ الدجلة العبد محمد سالم الذي تولى إعدامه، وجاءت الثورة السبتمبرية فأعدم وعليه الدجلة، فأخذها الهدام الذي تولى إعدامه وما هي إلا أشهر حتى قتل الهدام وأخذت الدجلة وأنقطع خبرها.
والمسرحية الثانية: سيدة النهرين، عن الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، صدرت عام 2008م، وأما الثالثة فهي: سيف العقدة، سيف الحل، وهي معالجة جديدة عن سيف بن ذي يزن، وبالضرورة فقد أسقطت المسرحيات على حاضرنا اليمني، والعربي، في مسرحية سيف العقدة سيف الحل.. وهناك ثلاث مسرحيات في الدرج، مستوحاة من الحاضر المعاش
وهل الظروف مواتية اليوم لإيصال رسالة المسرح؟
أي ظروف، وهذا حاضرنا.. ذهبت الظروف المواتية لكل شيء، والمطلوب الآن أن تتوفر الظروف المواتية لعلنا نبني اليمن الجديد.. تلك اليمن التي راح من أجلها بحر من الدماء لم يتوقف منذ 1948م، وأنفقت من أجلها سيل من الأموال.. هذه اليمن المنهوبة المنكوبة يستحق شعبها يمناً جديداً تسوده الحرية والعدالة، ومن ثمّ الظروف المواتية لإيصال رسالة المسرح السامية.. ما أطيبه من شعب، لولا قياداته المتوالية المستبدة.
هل فعلاً يعاني المسرح من أزمة نصوص، وما المطلوب برأيك لإيجاد حركة مسرحية تسهم في عملية التجديد والتغيير نحو الأفضل؟
الكتاب موجودون، وهناك من لا يريد مسرحاً، أو سينما.. المطلوب لا يحتاج إلى شرح، وأفضل من يرد على هذا الجواب مبنى مؤسسة السينما والمسرح الكائن في شارع 26سبتمبر..فلماذا هو مبنى بدون معنى منذ إنشائه؟
كلمة أخيرة تريد أن تقولها؟
ليتني استطيع أن أتبع قول أحد المتصوفة:
عليك يا نفس بالتسلي عليك بالزهد والتخلي
أو أعمل بقول الشافعي:
إذا كان النفاق عليك فرضا فأفضل ما تقول هو السكوت
شكراً.
شكراً لك على زيارتك، وعلى أسئلتك الذكية، والموضوعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.