في مشهد يعيد إلى الأذهان أحقاباً من العصبيات البائدة، شهدت مأرب أمس حادثةً تكشف أن نزعات التمييز ما زالت تمتطي صهوة الجهل، وتصول وتجول في ساحاتنا. فقد تم استبعاد الفارس (الصغير سنّاً) عبدالرزاق بن علي بن شليل الحارثي، هو وزملاؤه فرسان قبيلة بلحارث، لأسباب لا تمت للمنافسة الشريفة بصلة، بل كانت دوافعها سياسية ومناطقية ضيقة. السبب؟ ينحدر الفرسان من قبيلة جنوبية، وفوزهم – في نظر البعض – هو انتصار للجنوب على حساب الآخرين. لقد رأوا في احتفاء ذلك الشبل البريء بعد فوزه في إحدى الجولات "استفزازاً"! لكن الحقيقة المرة التي حاولوا إخفاءها هي أن هذا الفارس المقدام كان مؤهلاً لإسقاط كل منافسيهم في الميدان، فلم يجدوا سوى سلاح الإقصاء ليواجهوا تفوقه.
لكن الكرامة لا تقبل المساومة. ورداً على هذا الظلم، انسحب فرسان بلحارث بكبرياء من المنافسة، تاركين وراءهم غبار خيولهم شاهدا على شرف موقفهم، وموقفاً شريفاً يفضح خواء أولئك الذين يحاولون تحويل ساحات الفروسية إلى حلبات للتعصب الأعمى. لقد هزموا أنفسهم قبل أن يهزمهم أحد.