في لحظة انكشاف نادرة، سقطت آخر أوراق التستر، وظهرت الحقيقة كما هي أمام الحضارم والجنوبيين جميعًا، بعد أن كشفت القوات المسلحة الجنوبية عن واحدة من أخطر وقائع العبث المنظم بثروات حضرموت، بوجود أكثر من عشرين مصفاة بدائية لتكرير النفط المسروق من حقول حضرموت، وبطاقة تقدر بأكثر من عشرة آلاف برميل يوميًا، تُنهب أمام أعين الجميع، وتذهب عائداتها إلى شبكات نافذة مرتبطة بسلطات الاحتلال اليمني لوادي حضرموت تشتري بها الأنفس الرخيصة وجماعات التكفير السلفي الجهيمانية. محرر "شبوة برس يؤكد أن هذا الكشف لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل صفعة سياسية وأخلاقية مدوية لكل من تاجروا باسم حضرموت وحقوقها، ورفعوا الشعارات العالية، بينما كانوا يصمتون صمت الشركاء أو المنتفعين. هنا يبرز السؤال المشروع الذي يطرحه كل حضرمي حر اليوم: أين كان عمرو بن حبريش، وأين كانت عصابته للتقطع لقاطرات الديزل، وأين ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني، حين كانت الثروة تُنهب بهذا الشكل الفج، وحين كانت الأرض تُستباح، والحق العام يُحوّل إلى غنيمة؟
وأين كانت العصبة الحضرمية الأحمرية، وأين ذباب العزف المترف في استراحات ومقاهي المهجر، وأين كتّابهم الجهابذة الذين لا يجيدون سوى الصراخ ضد الجنوب، بينما لزموا الصمت المريب أمام نهب النفط، وتدمير مقدرات حضرموت؟ ثلاثون عامًا وأكثر، لم يحركوا ساكنًا، ولم "يحركوا خوصة" كما يقول المثل الحضرمي، لا دفاعًا عن الأرض، ولا حماية للثروة، ولا مواجهة للفساد.
اليوم فقط، وبعد أن كشفت القوات الجنوبية المستور، انقلبوا إلى حالة ارتباك، وصاروا يضربون أخماسًا في أسداس، لأن الرواية التي عاشوا عليها انهارت، ولأن ادعاء حماية ثروات حضرموت تبيّن أنه كذبة كبيرة، تخفي وراءها صفقات وصمتًا مدفوع الثمن، وفتاتًا من عائدات النفط المنهوب.
محرر "شبوة برس" يؤكد أن ما فعلته القوات المسلحة الجنوبية ليس عملًا أمنيًا فقط، بل موقف أخلاقي وسياسي، أعاد تعريف من يحمي حضرموت فعليًا، ومن كان يتاجر بها. ولهذا ارتفع رصيد المجلس الانتقالي الجنوبي في وجدان الشارع الحضرمي عبّرت عنه مليونية أمس الأحد في سيئون، لأنه واجه الحقيقة، ووضع يده على الجرح، وسمّى الأشياء بأسمائها، دون مواربة أو تواطؤ.
محرر "شبوة برس" يؤكد أن حضرموت اليوم لا تحتاج إلى عنتريات فارغة، ولا مجالس ورقية، ولا نخب صامتة عند الفعل، صاخبة عند التحريض. حضرموت تحتاج إلى من يحمي ثروتها على الأرض، لا في البيانات، وإلى من يواجه نافذي اليمن، لا من يتعايش معهم. وما كُشف اليوم هو بداية الحساب، لا نهايته.