قيل ل لزعيم تحرير الهند غاندي كيف لك ان تغير رأيك اليوم ؟ قال هناك تطورات وقعت ومستجدات حدثت ومعلومات وفرت لي رؤية أفضل فغيرت رأيي بفضلها . معه كل الحق . وعن فك الارتباط فلقد كنت شخصيا مع فكرة الاقاليم لحياتي في بلاد إقليمية مزدهرة -كندا – فبفضل هذه التوليفة او المعادلة التي تجعلنا نعمل معا اسوة بكندا ، وقفت وأيدت مشاريع الأقاليم، لانها توفر وتتيح العمل بنوع من الجدية وعدم الاتكالية وتبعث على حشد المثابرة والاستقلالية في القرار والتنافس ضمن كيان أوسع . اليوم غيرت رأيي كمواطن –غلبان - يعمل في مصنع شوكلاته ومصاب بالسكري !ويتمثل لي فك الارتباط كمشروع نهضوي للشطرين فأنصار الله حققوا مننجزا هائلا لهم لمجرد معاناتهم من مظالم، بينما نحن في الجنوب اضعنا وطنا ومستقبلا وكيانا ، وارى وبوضوح ان الجنوب مشروعا سهل الانجاز وجاهزا ، فلا ينبغي ان نضم ارض قاحلة مُتصحرة مع ارض خصبة غنية التربة، ونمزجها وتخلطها ،-عمّال على بطال – فهنا سنحرث الأرض المدمجة ونخلط -ونُخلَبط- تربتها فتضيع أرضنا وثمارنا ومواسمنا وحصادنا، ليصبح العوسج وشوك القَتَاد وثمار الحنظل هو غلالها . لنراهن معا على الشطر الجنوبي كحامل وكمشروع لكل الوطن، ولندع الجنوب ينطلق -ونفكه- من عقاله التي تكبله والمفاسد التي أوهنته والفوضى التي دمرته والشحناء التي ستجهز عليه.الجنوب أُمَثله وأقارنه بطالب نبيه بينما شقيقه طالب مشاكس ومغرور ولا يذاكر الّا روايات الحب و الف ليلة وليلة ،ولا يصادق الا ابناء الذوات ولا يحفظ من الأشعار الا لاْبي نواس ، اما طالب الجنوب فهو طالب نجيب يحب الصمت والعمل ويكره السكاكين و-العِسْوَبْ- وينام مبكرا ولا يكره ولا يخاصم ، وكل أصدقائه هم الجيران وأسرته وكتبه . اذن الجنوب هو الرهان لنفسه ولصالح شقيقه -الحمش- وهو الامل للجميع وهو كما يقولون في يافع فأن الجنوب -السبولة التي بها الحب- فدعوه ينطلق ودعوه يكون لكم عونا وسندا، لكم جميعا من سقطرى الى صعدة
وما نحتاجه بشكل مُلح ، وضرورة فقط هو التفاهُم والتفَّهم ،وبعض الرُشد وتعاون اخوتنا من مثقفي الشمال الذين نعول عليهم في أدراك هذا الامر ، ليقفوا معنا و يساندوننا فالخطوة قادمة لا محالة وليس هناك من حل سواها وهي فك الارتباط وأتوقع من اخوتنا في الشمال ان يعتبروا ان هذا الأمر ممدوح وقرار يخدم الشطرين معا ،وليس لتمزيق الوطن وترسيخ الحدود وحشد الغل وبداء التخاصم وكمثال ،دولة قطر الفارهة الباذخة و المُدَلَهَة، فلقد انفصلت عن الامارات قبيل الاستقلال ، فبرزت وتطورت وتسامقت وفتحت ذراعيها لكل مواطني بقية الامارات العربية المتحدة. لم تخاصم ابوظبي بل ولم تخاصم ابوظبيقطر بل مدوا معا جسور التعاون والاخوة والثقة ، فمجالات العمل متوفرة ومتاحة لشعبي البلدين وكذلك الاقامة والانتقال والتجارة اذن لم يكن هذا التباعد او الانفصال القطري هو اعلان خصومه مع الامارات بل حالة من الأنفراد الايجابي الممدوح ، وبرغم ان قطر اتخذت لنفسها مواقف سياسية اشغلتها ! الا ان هذه المشاغل لم تمس جوهر علاقاتها مع سربها الخليجي المحلق في فضاء لا حدود له . وأورد مثالا آخر زرت جمهورية أوزبكستان وكذلك جارتها كزاخستان التي انفصلتا عن الاتحاد السوفيتي كان ذلك بعيد مرحلة الاستقلال، كانت حينها – كازاخستان- متعثرة ذاوية و مُثقلة بكل رزاياها وهمومها ،واليوم -كازاخستان- جمهورية فارهة تشمخ وتزدهر وتسابق الزمن، ولم تتنكر لروسيا ابدا بل ان هذه الجمهورية الغنية المزدهرة تحمل الود لروسيا وتتحدث لغتها وتأكل الكفيار الروسي وترقص على انغام اغاني موسكو .الانفصال لدول الكمنولث الروسي لم يكن كارثيا بل ايجابيا وموفقا ولقد حث ودفع هذه الدول او الجمهوريات المستقلة على النمو والانطلاق وشحذ الهمم -وتحقيق الذات- و شكّلَ لها و لبقية الدول وحولها حالة من الازدهار الاقتصادي الغير مسبوق . لماذا نتهيب؟ ولماذا نصاب بحالة من الفزع او التوجس؟ عند الحديث عن الانفصال اليس العالم كان دولة واحدة في فترة من تاريخه ، وتوزع الى اكثر من 200 كيان او دولة وهل الشمال والجنوب هم الاستثناء ؟ .ان العلاقات بين الشطرين عميقة ورصينة وانسانية وهي وشئج قربى ورحم وهي اقوى من ان تعكرها رياح موسمية او تغيرها -براميل – او نقاط حدودية وهمية، و وحدتنا العاطفية والجغرافية باتعة في قلوبنا وضمائرنا وانسانيتنا بل ان علاقاتنا المتمزية والمتفردة نفاخر بها ولم نتنكر لها في اي فترة من تاريخنا بل نتشبث بها ونعتز ونباهي ،وهي محبتنا التي تعصمنا وتمدنا بكل القها ووضاءتها ، وسنتشبث بها كعلاقات أخوية خاصة ومكينة بل وسنثبت للعالم اننا لسنا من الذين يتنكرون لتاريخهم واهلهم واخوتهم وأن التذي يجري في عروقنا هو دماء لا ماء ، ومن نافلة القول ان نذكر ان بريطانيا وتركيا والحبشة بل والفرس لم يتمكنوا من تمزيقنا او احداث فرقة نفسية وانسانية بيننا عبر تاريخنا و ان الروابط بين الشطرين تشكل الحبل السري للجنين اليمني ،وبدونه سوف يتوقف تنفسه ويهلك ، وقد يختلف معي البعض ولكنني بصدق انقل ما اعيشه واتصوره بل وما يعيشه كل من عرفت وتعايشت معهم من أبناء الوطن .
دعوا الجنوب يقلع ويحلق ، فهو مشروع نهضوي جاهز ولخير الشطرين دعوه ينطلق ،ولا تقلقنا هواجسنا وظنونا واحاديث الافك . ومن اليوم لنقبل بما يستجد على الأرض ونستلهم الحلول ونفتش عنما يربطنا من مصالح ومشاريع واعدة في ارض خصبة لا تحتاج إلاّ لرشة مطر لنبداء البذر لتنمو بعدها وتتفتح زهورها ونجني ثمراتها ..
فكروا في المستقبل وخططوا له وشرّعوا للآتي وكيف تتدفق الاستثمارات والعمالة وتدب الحياة في اوصال الوطن ، ولنخرج من هذا القمقم الذي يكبلنا والشحناء التي تمزقنا والجدل والتمترس والغل والفساد الذي كتم علينا انفاسنا وشل حركتنا واوهن عزمنا ومسيرتنا فتشوا عن توافقات عبر تشكيل لجان وهيئات ومجالس تنسيق بين الشطرين، وفتشوا في قيام شركات كبرى عبر مساهمات واكتتابات، وضعوا التصور والخطط في إنشاء شركات وصناعات بيتروكيماوية، نقيمها في المناطق المحايدة لاستغلال الثروات الغازية والنفطية ، ولنمعن النظر في قواننين الانتقال الحر للافراد والعمل والتجارة، واعلموا ان الجنوب لو ساهم مستقبلا في الحد من البطالة المستشرية في الوطن شماله وجنوبه لكفى الجنوبين فخرا بانهم تداركوا الوطن واقالوه من عثراته
وتذكروا ان بعض الاندماجات افشلت الشركات واشبهها هنا بكيانات صغيرة ، وهناك المثل الساطع في دمج طيران -أليمدا – التي كانت بملكية تامة للجنوب فكان القرار الكارثي في الاندماج مع طيران اليمنية ، فضاعت -اليمدا -و- اليمنية- وخسرنا شركة طيران كنا نباهي بها وبكفأة طياريها ونظامها وتماسكها . ليس فك الارتباط هو قطع التواصل والتنكر لوشائج القربى والرُحُم فلقد كانت الوحدة هي القاطعة لكل هذا النسيج والُلحمة وكانت الوحدة الاندماجية بمثابة قيد كبل و ادمى معصم الوطن المهيض . ولايعني ان فك الارتباط اعلان العداوات وبدء الخصومات وتدشين الحقد ، بل قد يكون في طياته خطوة حصيفة حكيمة ناضجة مُلهمة لحلول مستدامة وراسخة للانسان والارض، وفي وتوفير فرص للنهوض بالأنسان بعد سنوات طالت من التخبط والهوان وكم فرص تاهت منا في زحام التكالب والفساد الطاغي ، تاهت منا ونحن نعاني وعثاء الدروب وسوء المنقلب وفي غمرة الاناشيد الوطنية الخادعة الماكرة وطقوس واحتفالات وبهرجة عيد الوحدة ومهرجانات 22 مايو في صنعاء ، ميدان السبعين! زفرة وحسرة