وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    هجمات عدة في خليج عدن وإعلان للقوات الأوروبية    قولوا ل "الصغير الغير عزيز" من لم يحافظ على جنبيته لن يعيد الجنوب إلى صنعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    جرعة قاتلة في سعر الغاز المنزلي وعودة الطوابير الطويلة    العثور على جثة ''الحجوري'' مرمية على قارعة الطريق في أبين!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    صاعقة كهربائية تخطف روح شاب وسط اليمن في غمضة عين    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    تهامة.. والطائفيون القتلة!    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني .. والعملات الأجنبية تصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    أول تعليق أمريكي على الهجوم الإسرائيلي في مدينة رفح "فيديو"    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيدروس نصر: الاشتراكي أكثر من حمل هموم الناس منذ 94 وكل خيارات اليمن صعبة
نشر في الاشتراكي نت يوم 12 - 09 - 2009

قال الدكتور عيدروس نصر ناصر عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني رئيس كتلته البرلمانية إن السلطة الحاكمة قد فشلت في كل شيء، ليس فقط في الحفاظ على المشروع الوحدوي الذي يفترض أنه كان حلما طالما راود مخيلة الرواد الأوائل منذ مطلع القرن الماضي، بل وفي الحفاظ على السلام الاجتماعي واللحمة الوطنية، ناهيك عن الفشل في المشروع التنموي، والشيء الوحيد الذي نجحت فيه هذه السلطة هو نشر الفساد وتوسيع سياسة النهب والإقصاء والاستعلاء والغطرسة، وتعميم سياسة الترهيب بغير حق والترغيب بغير هدف، إلا تكريس الهيمنة وبسط النفوذ خارج إطار الدستور بل وحتى خارج إطار منطق الدولة، حيث لا دولة.
وكان عيدروس يرد على أسئلة أعضاء وزوار موقع منبر يافع الالكتروني ( (www.yafeau.net مبدياً رأيه في كثير من القضايا الساخنة على الساحة اليمنية منها القضية الجنوبية، وحرب صعدة والأزمة الاقتصادية والأزمة السياسية العامة.
وفي سياق رده على سؤال حول رؤيته لما يجري الساحة اليمنية من احتجاجات في الجنوب وحرب في صعدة ورأيه أيهما أسهل فك الارتباط أم أصلاح الوضع الحالي قال الدكتور عيدروس "ما يجري في الجنوب مثل ما يجري في صعدة مثل ما يجرى في كل محافظات الوطن، (مع تفاوت العمق والحدة والأسباب) هو مؤشر فشل السلطة في القيام بواجبها تجاه مواطنيها وهو ما دفعهم للتعبير عن رفضهم للوضع القائم بطرق مختلفة، سواء عن طريق الفعاليات السلمية في الجنوب أو عن طريق المجابهة المسلحة حيث تشن السلطة حملاتها العسكرية العبثية على من سموا بجماعة الحوثيين الذين ينتشرون ليس فقط في صعدة كمحافظة، بل وفي أكثر من خمس وربما سبع أو ثمان محافظات شمالية ذات كثافة سكانية عالية.
وأضاف: الوضع الراهن الذي نتحدث عن إصلاحه لا يعبر عن روح الوحدة التي توافق عليها اليمنيون في العام 1990م، الوحدة التي نتحدث عنها جرى وأدها في السابع من يوليو 1994م واستمرت عملية الوأد من خلال تكريس سياسة النهب والاستحواذ والإقصاء والتمييز والاستعلاء والتضييق على شركاء المشروع الوحدوي ، وبلغ الوأد ذروته عند ما توصل الأمر إلى إراقة الدماء وإزهاق الأرواح، ومن المؤلم أن السلطة ما تزال تتعامل مع الوحدة على أنها غنيمة حرب جرى نهبها من قبل الطرف المنتصر في الحرب، ثم كرسها لتعميم سياسة الفساد والإفساد وليس للأتيان بمشروعه الذي حتى وإن كان مشروعا سيئا فعلى الأقل نقول إن لدينا مشروعا معينا ، المشكلة أن القائمين على شأن البلد ليس لديهم سوى مشروع النهب والاستيلاء وتكريس حكم جهوي وربما عائلي يستخدم بقية من يفترض أنهم شركاء، من الشمال أو الجنوب كموظفين طيعين لدى الجماعة الحاكمة.
إن حكام اليوم عندما يستمعون إلى الحديث عن استعادة الشراكة الوطنية ينتفضون ويهسترون ويتصرفون كتصرف اللص الذي يطلب منه إعادة ما سرقه فيصرخ قائلا هذا حقي الذي أخذته بشطارتي وقوتي فكيف تريدوني أن أعيده لأصحابه، إنهم يعتبرون الوحدة ملكهم وحدهم، ولهم وحدهم، دون بقية الشعب، الحق في التصرف بها، ومن غرائب الوضع في اليمن، أن أكثر من يدعون الدفاع عن "الوحدة القائمة" هم لصوص الأراضي وناهبو المال العام والمتقاعسون عن سياسة القتل والإرهاب بل والمشاركون فيها، واعتقد أن كل من يشاركهم في الدفاع عن الوضع المعوج القائم هو شريك لهم بوعي أو بدون وعي.
الجنوب ليس مجرد فرع أعيد إلى الأصل، ولا هو الابن الضال الذي ثاب إلى رشده، الجنوب شريك، وشريك أساسي في صنع الحدث الوحدوي الموءود ومساهم في ثلاثة أرباع الأرض والثروة، ولذلك من حقه أن ينتفض ويتمرد للتعبير عن رفضه لسياسة الإقصاء والاستحواذ والنهب، وتعميم الفساد والقمع وإراقة الدماء.
ليس هناك ما هو أسهل وما هو أقل سهولة كل الخيارات التي تجابهها اليمن خيارات صعبة وخطيرة، بسبب تعامي وتعالي ومكابرة الممسكين بزمام أمور البلد، وإذا ما أصرت السلطة على تجاهل التدهور المريع الذي تعيشه البلاد، أو الاعتماد على المعالجات الترقيعية والمسكنات الوقتية، التي تخفف من أعراض الألم دون أن تقضي على سببه، فإن البلد مرشح لمخاطر التشظي والتشرذم إلى أكثر من شمال وأكثر من جنوب وبالتأكيد تتحمل السلطة والقائمين عليها وحدهم المسئولية الأخلاقية والقانونية عن كل ما ستؤول إليه الأمور في البلد.
وردا على سؤال حول ما يطرح من خيارات ومبادرات ودعوات تتعلق بوضع الوحدة اليمنية ، والعلاقة بين شركاء الوحدة وموقف الحزب الاشتراكي من الحراك السلمي، رد رئيس الكلتة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني:
أود في البدء أن أشير إلى أن الحدث الوحدوي العظيم الذي حلم به كل اليمنيين من الشمال والجنوب والشرق والغرب، من قوميين، ناصريين أو حركيين أو ضباط أحرار أو بعثيين وإسلاميين واشتراكيين ومستقلين، ليس هو ذلك الوضع القائم اليوم، الوضع الذي تحولت معه كل القيم النبيلة من رفعة وسمو وكرامة وسؤدد وسيادة وحرية وعدل ومواطنة متساوية، تحولت إلى شعارات، على الصعيد العلني، وادعاءات تستهدف تكريس القمع والاستيلاء والنهب والفساد، وأرجو أن يكون واضحا أننا عندما نتحدث عن المشروع الوحدوي نعني ذلك المشروع الذي يحمي كرامة الإنسان ويعلي من شأنه ويضمن له مستقبل أكثر أمنا وسؤددا ويحميه من الخوف من المستقبل، ويوفر له أعلى قدر من الحرية والكرامة الإنسانية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي، والمكانة اللائقة بين الشعوب، وقد مثلت وحدة 22 مايو 90م الحد الأدنى منه، أو خطوة على طريقه،لكن هذا المشروع قد جرى وأده (كما سبقت الإشارة) على مدى خمسة عشر عاما بفعل تكريس الثنائيات المقيتة: المنتصر والمهزوم، الوحدوي والانفصالي، الوطني والعميل، الخائن والوفي وهي ثنائيات إقصائية عدوانية ترتب عليها في واقع الحال ثنائيات حقيقية في الواقع هي ثنائيات الناهب والمنهوب، والسالب والمسلوب، والسجين والسجان وأخيرا القاتل والمقتول.
وأود هنا أن أشير إلى إشكاليتين تواجهان المتعاملين مع ثنائية الوحدة والانفصال:
الإشكالية الأولى فكرية وعملية يقع فيها الكثير من الناشطين في ميدان النضال السلمي وهي إن الانفصال الحقيقي قد بدأ في السابع من يوليو 1994م، وهو يستمر في التجسد والتعمق والتجذر والتجلي في سلوك الذين يدَّعون الدفاع عن الوحدة، ممن يمارسون النهب والعبث والاستبعاد والإقصاء وإخراج الناس من أعمالهم على أساس شطري، والاستكبار تجاه شركاء المشروع الوحدوي، الوحدة الحقيقية لم تعد قائمة، والمشكلة أن الذين يدعون الدفاع عن الوحدة يمارسون الانفصال بأرقى وأوضح صوره، من نهب وإقصاء واستبعاد، وتعالي وتمييز في المواطنة، ومصادرة حق الجنوب في الدولة والثروة والحكم والهوية، تحت اسم الوحدة، فإذن لا يشرف أحد الدفاع عن الوضع القائم على أنه هو الوحدة.
وهناك من يدعو إلى الانفصال مع إن الانفصال قائم، وهو يتجلى لنا كل يوم في سلوك السلطة والقائمين عليها، فأي وحدة نحافظ عليها وأي انفصال نرفض أو نقبل؟
الإشكالية الثانية هي أن هناك من يصور الصراع على أنه صراع بين الشمال الظالم، والجنوب المظلوم، أعتقد أن تصوير الصراع على هذا النحو يهدف إلى إخفاء الجاني الحقيقي، الخصم المشترك للجميع وهو السلطة التي عبثت بكل شيء والتي لا تستطيع العيش إلا على صراعات الآخرين. . . ، تصوير الصراع على أنه صراع بين الشمال والجنوب يخدم أجندة السلطة بامتياز فهو يهدف إلى حشد أكبر عدد من ضحايا سياساتها الجائرة في الشمال للدفاع عن هذه السياسات في وجه عدو وهمي هو الجنوب، وعزل أصحاب القضية الجنوبية عن أنصارهم في الشمال وهم بالملايين، فليس كل الشمال ظالما كما ليس كل الجنوب مظلوما، فما أكثر ضحايا السلطة في الشمال وما أكثر المدافعين عن سياساتها الظالمة ومروجي هذه السياسات في الجنوب من أبناء الجنوب، ومن هنا تبدو لنا أهمية القول بالعمل من أجل توسيع دائرة الأنصار، وتقليص دائرة الخصوم إلى أقصى الحدود.
ولا أدري لماذا لا بد من ترك الحزب الفلاني لكي يكون المرء نصيرا للقضية الجنوبية، وأكثر من ذلك لا أدري لماذا الحزب الاشتراكي اليمني دون غيره، هو الذي يطلب من أعضائه مغادرته ليثبتوا نصرتهم للقضية الجنوبية؟ ومن الذي كرس هذا الوهم؟ الحزب الاشتراكي هو أول من رفع راية القضية الجنوبية منذ 1994م وعانى قياديوه وأعضاؤه من سياسة الاستبعاد من أعمالهم ونهب حقوقهم، والزج بهم في السجون، واغتيل منهم العشرات، بسبب تمسكهم بالقضية الجنوبية وعدالتها، السؤال هو لماذا لا نحشد كل الأحزاب والمنظمات والشخصيات الاجتماعية لنصرة القضية الجنوبية حتى تلك التي نعتقد أنها لم تقتنع بعد بعدالة هذه القضية أما الحزب الاشتراكي فلا يحتاج إلى شهادة لنصرته للقضية الجنوبية، ولا أدري ماذا ستكسب القضية من استبعاد الحزب الاشتراكي وحتى كل الأحزاب اليمنية؟
إن وضع القضية الجنوبية في مواجهة الأحزاب (وعلى الأخص الحزب الاشتراكي) لا يخدم إلا السلطة التي تتمنى أن تحول الصراع مع ضحايا حرب 1994م تجاه أي خصم آخر لتهدأ هي من وجع الدماغ الذي يسببه لها الحراك السلمي، والذي تسببه لها أحزاب المعارضة معا.
وعموما أنا أرى أن كل منبر ينبغي أن يستغل لنصرة القضية الجنوبية والأكثر من ذلك عندما يكون هذا المنبر حزبا سياسيا ذا تاريخ وطني عريق عرف عنه الإخلاص لقضايا الجماهير، ولا بأس من استقطاب كل القوى حتى وإن كان المؤتمر الشعبي العام.
أما الأطروحات المختلفة، سواء ما نادى به الأخ علي سالم البيض أو ما تطرحه فعاليات الحراك، أو ما تطرحه القوى السياسية في الداخل فهي مبادرات ووجهات نظر وقناعات، تعبر عن موقف أصحابها، وهي إذ تختلف وتتفاوت لكنها تعبر عن أزمة عاصفة يراها الجميع ويحس الجميع بخطرها، إلا القائمين على السلطة فقد أعماهم حبهم لكراسيهم عن رؤيتها.
وحول الحراك السلمي في محافظات الجنوب وعلاقة الحزب الاشتراكي بالفعاليات الاحتجاجية قال عيدروس النقيب:
إن الحراك السلمي في الجنوب هو كائن حي لا يمكن اغتياله لا بالاعتقالات ولا باغتيال نشطائه ولا بتشديد القبضة الأمنية على محافظات الجنوب، ولا بالتجاهل والإهمال، الخوف الوحيد على الحراك هو أن تنجح مخابرات السلطة في استدراجه إلى الساحة التي تتفوق فيها هي، وهي ساحة العنف، أما ساحة النضال السلمي فهي الساحة التي تتفوق الجماهير على كل بطش السلطة وجبروتها، وهي قد أرقت كل أجهزة القمع السلطوية ولم تنجح تلك الأجهزة في وأد الحركة الاحتجاجية السلمية، وكلنا يعلم كيف وظفت حادثة العسكرية وراحت تنفخ فيها وتروج لها على أنها من أعمال الفعاليات الحراكية رغم تنديد كل هيئات الحراك بالحادثة.
كما أشير إلى أن الحراك السلمي كائن حي ولد وتكون وأخذ في النمو والارتقاء والنهوض، وهو ككل كائن حي حديث النشأة قد يتعثر وقد يتعرض للأخطاء بفعل حداثة التجربة، واختلاف الأمزجة بين المنخرطين فيه لكن التاريخ كفيل بمراكمة الدروس والعبر والخبرات ليتخلص هذا الكائن الحي من الأدواء التي قد يتعرض لها واكتساب المناعة ضد الأوبئة والطفيليات والآفات التي تصيب كل كائن حي.
نحن في عصر الشعوب ومهما كان دور الأفراد عظيما فهو لا يمكن أن يلغي دور الجماهير أو يحل محلها.
وأضاف: المناضل علي سالم البيض قدم بلدا كاملا بدولته بثرواته الظاهرة والباطنة، الزراعية والسمكية والمعدنية والنفطية، بسواحله، بموقعه الاستراتيجي والدولي وبعاصمته وعلمه وعملته من أجل الوحدة، وكوفئ بأن حكم عليه بالإعدام وطرد من بلده، ولو كان أي إنسان في محله وعومل هذه المعاملة فينبغي أن يعذر عن كل ما يصدر عنه.
وحول القضية الجنوبية وما يتعرض له موقف الحزب الاشتراكي منها من تشويه قال د. عيدروس:
أن القضية الجنوبية ليست قضية مجموعة من المتضررين الذين خسروا مصالحهم ويرغبون في استعادتها، رغم أن كل الشعب الجنوبي قد خسر مصالحه ومن حقه أن يستعيدها لأن هذه المصالح جرى السطو عليها من قبل شلة من المتنفذين والناهبين، القضية الجنوبية هي قضية دولة دمرت وأرض نهبت وتاريخ يزور وحقوق تنتهك، وهوية تشوه وثقافة تمسخ وأرواح تزهق ودماء تسيل، وهذه القضية تحولت اليوم إلى صوت مدوي يسمعه القاصي والداني والذين يتنكرون للقضية الجنوبية لا يختلفون كثيرا عن النعامة التي تدس رأسها في الرمال في محاولة لتجنب رؤية الخطر، والحل هنا يبدأ بالاعتراف بحقيقة ومشروعية القضية وبعدها تطرح الخيارات المختلفة، وليس هناك أسقف إلا سقف المصلحة الوطنية العليا.
يبدو لي أن الإعلام الرسمي قد نجح في تشويه صورة الحزب الاشتراكي ومعه كل أحزاب المعارضة، ولا أدري ما هي الأفكار التي تقصدون أنها تتنافى مع العقائد الإسلامية، إذا كانت العدالة الاجتماعية واحترام كرامة الإنسان وتطبيق روح القانون والمواطنة المتساوية، والتوزيع العادل للثروة وتوفير الخدمات الاجتماعية المجانية للفقراء ورفض التمييز بين الكبار والصغار وتحقيق المساواة بين أولاد الوزراء وأولاد عمال النظافة تتنافى مع العقيدة الإسلامية فماذا تبقى من هذه العقيدة؟ أنا هنا طبعا لا أزعم أنه لا توجد أخطاء في ممارسات الحزب أثناء حكمه، ثم دلوني على أي حكم في الدنيا قديما وحديثا لم يرتكب أخطاء؟ أنا أتحدث عن أخطاء الأفراد التي ترتكب حتى في الدول التي تدعي التمسك بالعقيدة الإسلامية، ولكن علينا التمييز بين أخطاء ترتكب بحسن نية، وبين أخطاء ترتكب بتعمد وكسياسة رسمية يجرى الدفاع عنها وتصويرها وكأنها الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأشير هنا إلى أن الجرائم التي ترتكب من قبل حكام اليوم من قبل سلطة تدعي التمسك بالإسلام تتنافى كليا مع مضمون وروح الإسلام، ولن أتحدث هنا عن سياسات النهب والإقصاء والفساد والإفساد، والرشوات والتحلل الأخلاقي، والغش والتزوير، وانتهاك الحقوق والحريات، أشير هنا فقط إلى إزهاق أرواح المواطنين، فقط لأنهم يطالبون بحقوق كفلها لهم الدستور، ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ما معناه (لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا، أهون عند الله من أن تراق قطرة دم مسلم) فما بالنا بسيل من الدم وعشرات الأرواح التي تزهق؟ فمن الذي ينبغي أن يعود إلى روح الإسلام؟
وحول سؤال لأحد الزوار حول الحرب في محافظة صعدة قال عضو المكتب السياسي:
الحرب الدائرة اليوم في محافظة صعدة بلغت عامها الخامس، وهي تتسع في كل مرة لتشمل مناطق لم تدخلها من قبل، أعتقد أن هذه الحرب هي انعكاس لفشل مشروع السلطة القائم على الاستقواء والتعالي على كل شيء، إن السلطة تراهن على نهج الحرب في حسم القضايا السياسية والفكرية وحتى الاجتماعية، ولا ننسى أن الحروب في الدولة الفاسدة تتحول إلى مشاريع استثمارية لدى تجار الحروب، ولك أن تتخيل أخي أن هناك قادة عسكريين يحصلون يوميا على عشرات الملايين من المخصصات المرصودة للعمليات العسكرية في ظل أجواء الحرب، لكن ماذا سيكون مصيرهم عند توقف الحروب؟ بالتأكيد يخسرون مصدرا من مصادر النهب والإثراء ولذلك يحرصون على استمرار الحرب حتى يتواصل نهبهم للمخصصات المالية، ولا ننسى تجار الأسلحة الذين يجنون المليارات بفضل تلك الحروب، أتصور أن هذه القوى لا يمكن أن تستكين وأن تهدأ إلا باستمرار الحرب.
باختصار السلطة تقول أنها تحارب من أجل فرض هيبة الدولة ونحن نقول لهم دائما إن الهيبة لا تفرضها المدافع والدبابات والصواريخ والمعتقلات، الهيبة تصنع بالعدل والأمان والحرية والكرامة، وتصنع بالمنجزات الملموسة التي ترفع من رفاهية الناس ومن ازدهارهم المعيشي والإنساني وتنمي لديهم الشعور بالانتماء وليس بسياسة الأرض المحروقة التي تظل جراحها تنزف عشرات وربما مئات السنين حتى وإن سكتت المدافع والقاذفات.
وبشأن الحملات الموجهة ضد الحزب الاشتراكي، ولماذا لم يترك الحزب الاشتراكي؟ قال رئيس كتلته البرلمانية:
أنا لست بصدد الدعاية للفكر الاشتراكي ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الفكرة الاشتراكية ليست تلك التي في رؤوس الكثير منا مما جرى تشويهه، وتزييف جوهره، جوهر الفكرة الاشتراكية هي الحرية، العدالة، المواطنة المتساوية، والنهوض بكرامة الإنسان وإزالة الظلم والغبن والقهر والتمييز، ولو أننا وجدنا ما هو أفضل من هذه القيم الرائعة لتبنيناه، وعلى العموم ما نطمح إليه في اليمن ليس بناء الاشتراكية، ما نسعى إليه هو بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمؤسسات المدنية، دولة المواطنة، وهو حلم حققته شعوب عديدة كانت أسوأ من اليمن منذ عقود قليلة، واليوم صارت في مصاف الدول المتقدمة، ولا نطمح بأكثر من هذا الحلم الذي يطمح إليه كل مواطن في اليمن، بعد أن صار في قائمة القضايا المؤجلة إلى أجل غير مسمى.
لقد غدا من السهل اليوم التهكم على الحزب الاشتراكي وقدحه واتهامه بما ليس فيه لأنه لم يعد يمتلك ما يغري على الانخراط فيه، وما أكثر الذين انفضوا من حوله لأنه لم يعد يقدم لهم ما يعتقدون أنه يفيدهم بعد أن كانوا يتلحفون به ويتحلقون حول موائده، أنا لست من هؤلاء وتمسكي بالحزب الاشتراكي هو تمسك بما يمثله من قيم الحق والعدل والإباء والحرية والمواطنة المتساوية وليس تمسكا أعمى كما ترى
ومنذ أيام سألني قيادي سابق في الحزب (منذ أيام ما كان الحزب بقرةً حلوباً، وكان هذا الأخ ممن يحصلون منه على الدسم) ممن انتقلوا إلى الحزب الحاكم، سألني حتى متى تتمسكون بالحزب؟ قلت له تمسكتم به عندما كان يخطئ، وربما كنتم من صناع ما وقع فيه الحزب من أخطاء، وتمسككم به كان لأنه كان يمنحكم ما لذ وطاب، ونتمسك به بعد ما خلت خزائنه وجف ضرعه وبعد ما انفضضتم من حوله فعلى ماذا تحسدوننا؟ عموما لست أدري من الذي ينبغي أن يُعاتَب هل أشخاص مثلي أم ذلك الذي ساهم في الخطأ وانتقل إلى مواقع الأخطاء والمنكرات الجديدة فقط لأن هناك الغنائم والموائد المغرية والشهية.
أعتقد أن ما نقوم به اليوم هو إعلاء للحق وانتصار لضحايا الظلم والقمع والتهميش والملاحقة والإقصاء وهو في الأخير دفاع عن الحق والعدل ورفض للظلم والمنكر.
وبصدد المواقف المتباينة من الدعوة إلى تغيير النظام السياسي في اليمن، والقول باستحالة التغيير قال د. عيدروس:
الأهداف السياسية الكبرى تتطلب عقليات سياسية كبرى بحجم تلك الأهداف، لست في موقع صانع القرار حتى أقول لك ما المخرج المثالي للبلد مما أوصلها إليه هذا النظام، ليست المسألة ماذا نرغب، المسألة أن هذا النظام فقد الأهلية وصار عبئا على الشعب والتاريخ وتغييره غدت حاجة ملحة وموضوعية، وعلى كل المستفيدين من تغييره سلميا، أن يحشدوا كل طاقاتهم ويوحدوها للخروج باليمن مما تعيشه من أزمات ورسم أجندة المستقبل، وأرجو أن نتذكر قول الشاعر العربي:
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا فإذا افترقن تكسرت آحادا
اليأس من إمكانية تغيير هذا النظام المصاب بالشيخوخة المزمنة هو يأس من تحقيق أي هدف يرتبط تحقيقه بتغيير النظام، وهو إقرار بقوة هذا النظام التي هي في حقيقة الأمر قوة زائفة تعتمد على النزعة العسكرية، والمعالجة الحربية لكل المشكلات، وفي هذه الحالة يكون الحديث عن أهداف أخرى حديث لا معنى له طالما أقررنا مسبقا بأن تغيير النظام مستحيل، النضال السلمي هو الوسيلة المثلى لتغيير الوضع واستبدال النظام البالي بنظام يليق باليمنيين ويجسد إرادتهم، وهو عمل قانوني ومشروع ومرهق للسلطة، ولكنه مثمر بالنسبة للجماهير وقليل الكلفة.
أما أن نتخاصم في أيهما الأسبق الدجاجة أم البيضة فهذا ما سنقضي فيه كل الدهر دون أن نصل إلى جواب.
وأضاف د. عيدروس معلقا على انهيار النظام التعليمي في اليمن:
انهيار التعليم هو جزء من انهيار كلي يشمل الاقتصاد والخدمات والأمن والقضاء والأخلاق والقيم وكل شيء في هذا البلد بسبب تفشي الفساد وغياب الدولة وعدم وجود مشروع جدي يمنع تدهور البلد نحو الهاوية، فضلا عن المشروع النهضوي الذي ما يزال غائبا وفي حكم المؤجل، وما نمتلكه هو النصيحة والدعوة لكل الشباب إلى عدم الاعتماد على الدولة الفاشلة في النهوض بأنفسهم، لأن التعليم هو رافعة لكل رغبة في الانتقال نحو الأفضل، في مراحل سابقة كانت يافع (مثل كل مناطق الجنوب واليمن عموما) مصنعا لإنتاج الكفاءات من أطباء ومهندسين وحقوقيين وطيارين وقادة عسكريين وسياسيين ودبلوماسيين ومخترعين، ممن كانوا يتخرجون سنويا بالمئات من الجامعات والأكاديميات في الداخل والخارج، واليوم صارت معملا لتصدير العمالة غير المؤهلة إلى بلدان الجوار ممن لم يكملوا الإعدادية والثانوية، وهذا هو ما أوصلتنا إليه منجزات سلطة سبعة يوليو (الحكيمة).
وحول مسؤولية الحزب الاشتراكي تجاه المحافظات الجنوبية، والموقف من أحزاب اللقاء المشترك، قال النائب الاشتراكي:
الحقيقة أن الحزب الاشتراكي تقع عليه مسؤولية أخلاقية ووطنية وقانونية وسياسية تجاه المحافظات الجنوبية، ليس فقط لأن قاعدته السياسية والوطنية والجماهيرية هي هناك ولكن لأنه أدار الأمور فيها لأكثر من عقدين، وهو بالفعل من أتى بالجنوب إلى المشروع الوحدوي الموءود، لكن هذه المسئولية لا تعني ادعاء احتكار تمثيل الجنوب، في الجنوب اليوم هناك تواجد لكل الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة لكن على من يدعي أن له حضورا هناك أن يبرهن هذا بتبني مطالب الناس وليس فقط بالهيمنة والتسلط تحت مبرر أن له حضور في هذه المحافظة أو تلك أو في هذا الجزء أو ذاك من الوطن، أعتقد أن الحزب الاشتراكي هو أكثر من عبر عن هموم ومعاناة الناس منذ العام 1994م، وحينها كانت تهمة الشطرية والانفصالية جاهزة كلما نددنا بالنتائج المأساوية لحرب 1994م، ونحن نسعى إلى توسيع دائرة الرافضين لنتائج تلك الحرب الكارثية وقد قطعنا في هذا السياق شوطا طيبا.
أما اللقاء المشترك فهو يمثل حالة متقدمة في الحياة السياسية اليمنية هي اليوم موضوع دراسة وبحث في مراكز الأبحاث والأوساط السياسية الديمقراطية في العالم، وعلى العموم نحن كحزب اشتراكي لم نشعر قط أن وجودنا في اللقاء المشترك تسبب في إعاقتنا من التعبير عن سياساتنا بل بالعكس، استطاع اللقاء المشترك أن يجمع بين أفضل ما لدى شركائه من خبرات ومواقف وبالنسبة لنا أقنعنا الكثير من شركائنا من خلال المشترك بوجاهة ما ندعو إليه من أطروحات وطنية سياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى وجه الخصوص ما يتصل بالقضية الجنوبية التي يتبناها اليوم كل أحزاب المشترك وأحزاب وشخصيات خارج المشترك.
وأخيرا اللقاء المشترك شكل من أشكال التحالف ووجوده من عدمه مرهون بمدى قدرته على استلهام مقتضيات اللحظة التاريخية وتقديم الحلول للمعضلات القائمة، وإذا ما جاءت لحظة اقتضت تغيير شكل التحالف بالتوسيع أو التقليص فذلك متروك لتلك اللحظة التاريخية
وقد تضمنت المقابلة عددا من القضايا ذات الصلة بنشاط البرلمان وحركة التنمية، وإشكاليات أخرىعلى الساحة اليمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.