بقلم : توم ايه بيتر ترجمة : مهدي الحسني الرجل غير المعروف كثيرا وصل إلى دفة القيادة في اليمن، حيث يتطلع المواطنون للتغيير الحقيقي بعد 33 عاما تحت حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، و يتطلع الغرب إلى تحسن الاستقرار من أجل التضييق على تنظيم القاعدة الذي تنامى نشاطه. عبد ربه منصور هادي الذي تم تنصيبه مؤخرا، انضم اليوم إلى السيد صالح في حفل الوداع الذي سجل رحيل المستبد الرابع منذ انطلاق الربيع العربي. السيد هادي الذي فاز بالانتخابات غير التنافسية الأسبوع الماضي، يواجه اليوم مهمة الحفاظ على البلد التي أنهكها عام من الاحتجاجات. اليمن، أفقر البلدان في العالم العربي أحاطت بها تحديات اقتصادية قاسية، حركة انفصالية في الجنوب، صراع مع حركة المتمردين الحوثيين الهائجة في الشمال، منافسة بين القبائل القوية، و فرع القاعدة المتمثل بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية. اختبار قصير: هل بإمكانك العثور على اليمن في الخريطة؟ بالرغم أن هادي عمل كنائبا لصالح، و يصفه الكثير من اليمنيين بالرجل الذي قضى معظم وقته وهو في الظل. و حقيقة أن ذلك الأمر قد يمنحه نافذة لكسب تأييد الشعب الذي سئم من صالح، لكن قد يترك الكثيرين في حيرة لما قد يؤول إليه مستقبل بلادهم. يقول أسامة شمسان و هو احد المحتجين الطلاب في صنعاء: "خلال الأعوام الماضية، عرف هادي بأنه رجل ضعيف عندما يتعلق الأمر بشخصيته" و يصف شمسان هادي بأنه "تمثال"، دائم الحضور و لكن في كواليس السياسة اليمنية". و يضيف قائلا: "لكن هل سيتقدم و يتصدر المشهد الآن؟ و ما الذي سيقوم بفعله؟" المحللون اليمنيون بدورهم يقولون أنه طوال فترة عمله لم يكن لدى هادي طموح سياسي وأن المناصب جاءت إليه جاهزة ولم ينالها من خلال المناورات السياسية. يقول الباحث السياسي في صنعاء، نجيب غلاب: "هادي شخصية هادئة لم يكن لديه خطط أو طموح أن يصبح نائبا للرئيس" بالمقابل، و في بلاد فيها من الشخصيات من داخل النظام و قادة عسكريين منشقين و شيوخ قبائل أقوياء ناوروا جميعهم للوصول إلى السلطة، فان هادي لم يكن يسعى (لاصطياد) منصب الرئيس الجنوبي الذي يتجنب الأضواء. بدأ هادي مشواره العملي من الجيش حيث قضى وقت طويل في تلقي التدريبات في الخارج. و قد تلقى تدريبات خاصة بالضباط لمدة عامين في أكاديمية سانت هيرتس الملكية البريطانية، و حصل على شهادة جامعية من أكاديمية عبد الناصر العسكرية في مصر وتدرب مع الجيش السوفيتي. فتجربته هذه بدأت تؤتي أكلها حيث من المتوقع أن يستمر الأمريكان في الاعتماد على هادي بقوة و كذلك على الجيش اليمني بينما يستمر في مطاردة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ذلك التنظيم الذي اخفق في مهاجمة أهداف غربية لكنه أثار مخاوف شديدة في واشنطن. في الخطاب الذي ألقاه في حفل التنصيب يوم السبت، تعهد هادي بالاستمرار في محاربة المسلحين و دعا ذلك ب"الواجب الوطني و الديني". خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد عندما تمرد الجنوب عن وحدة صالح اليمنية، وقف الجنوبي هادي بإخلاص إلى جانب الرئيس وتم تعيينه نائبا للرئيس بعد عدة اشهر، في أكتوبر 1994. قدرة هادي على الابتعاد عن الأضواء أو أي ظهورا علنيا مثيرا للجدل، جعل منه المرشح المناسب للإشراف على البلاد خلال فترة ما بعد صالح الانتقالية. يقول خالد الأكوع، مدير مركز تنمية الإدارة العامة في جامعة صنعاء :" "اعتقد أن البقاء خلف الكواليس أفاد هادي لان اسمه لم يرتبط عند كثيرا من الناس بأعمال سيئة أو كارثية إلى الدرجة التي تجعلهم يمتنعون عن مؤازرته". لقد كان موجودا و لكنه غير موجود " - كما يقول الأكوع - ." هادي الذي تنحدر أصوله من الجنوب، قد يواجه صعوبة في كسب قلوب أبناء منطقته التي يتعرض فيها لانتقادات بسبب عدم قيامه بكثير من الأعمال لمساعدة منطقته عندما كان نائبا للرئيس. و طيلة فترة حكم صالح، عانى الجنوب من تجاهل السياسيين في صنعاء و بدأت جذور الحركة الانفصالية بالنمو هناك. ما زال بوسع هادي الحصول على دعم غالبية اليمنيين ليس لأي سبب سوى كونه ليس - صالح - الرئيس السابق. الإشراف على الدستور الجديد وهيكلة الجيش خلال دورة العامين الرئاسية، سيكون عليه مهمة الإشراف على صياغة دستور جديد، هيكلة الجيش وإجراء استفتاء يمهد الطريق إلى انتخابات تنافسية. السؤال الذي يشغل أذهان الكثير من اليمنيين اليوم هو: بعد سنوات عديدة من البقاء في الظل، هل يمتلك رئيسهم الجديد الإرادة السياسية اللازمة و القوة لمنع أولئك المقربين من صالح و الذين لا زالوا يشغلون مناصب قيادية في السلطة، لمنعهم من إعاقة عملية الإصلاح؟ بالإضافة إلى ذلك فان بعض اليمنيين يرون انه قد يعاني لإحداث تغيير حقيقي لان الدولة لا تمتلك خطة متماسكة لكيفية معالجة مشاكل البلاد.
يقول عبدالله بشر، محرر صحيفة الجمهور الأسبوعية في صنعاء: "أنا لست متفائلاً بان تغييرا ما سيحدث، لعدم وجود خطة و طنية خاصة باحتياجات اليمن في العامين القادمين".