دق طبول الفرح وإشعال شموع الحرية , إعلان حالة طوارئ مُفتعلة وفوق كُل ذلك قتل الناس تحت مُبررات الخوف , تحت مبررات الحماية للوحدة والثورة كحمل ثقيل ضاقت به الناس على أن يرتد على القلب بشكل خنجر مسموم وخاصرة . ثمن الحُرية غالي في بلدنا فعندما يتم طبطبة شكلية الحياة العامة لتُعكس للناس أن البلاد بخير وأن دولة الجمال قادمة , أن سقف الحُرية في أعلى مراحلها , وأن التخطيط الإستراتيجي للغد ورسم ملامحه تسير بوتيرة عالية !!! قتل الناس وترويعهم وسحلهم في الشوارع , تكميم الأفواه , التخبط في إيجاد وسيلة للبقاء في ذهنية الآخر كمؤشر على القبول كُل ذلك يحدث اليوم في اليمن دون سابق إنذار . حياة عامة تم عسكرتها , انزلاق حُرية التعبير واختلاطها مع زناد بُندقية , تشطير البلد وفق سياسة القوة , استعراض حالات الفشل الحزبي في الأعياد والمُناسبات , شُقات يثبتون لنا كُل يوم أن البلد تسير وفق عقلية الرجل الواحد , رجل الحزب الأول , رجل القوة , رجل النفوذ والقبيلة , وهذا هو الموروث الصعب للواقع الذي لم تتغير ملامحه تحت رحمة ثورة ناقصة باتت تأكل أبنائها ليل نهار . يحدُث أن تنبت الأفكار في عُش مُصاب بحالة عُطب , يحدُث نزيف مُستمر في الجبهة الأمامية لوضعنا المؤلم , يحدث كُل ذلك في اليمن . يحدُث أن تتحول الوحدة إلى مُجرد حملة دعاية على لسان شُقاة الثورة الجُدد , يحدُث أن يتحول أبناء الجنوب اليوم إلى مُجرد أدوات لتنفيذ مُخططات سُلطة الخصم والخصم الآخر . ما نراه الآن مُحرد مشاهد سوداوية تُعكر أي فُرصة للتحاور على طاولة واحدة مع كُل الخصوم , ما نراه اليوم إعادة إخضاع الناس بقوة البندقية , تركيعهم تحت شعار (الوحدة أو الموت) , تلقينهم دُروس في الذُل وفي الخنوع . فمُستثمروا الثورة باتوا اليوم كُثر , وأشكال الموت باتت تتعدد , ورياح التغيير استعصت تركيع أصنام الماضي , للهروب إلى مُستقبل يحتمي به شعب عانى ويلات الحُروب والإقتتالات كأقل حق إنساني في البحث عن وطن آمن تتوفر فيه أدنى مُتطلبات الحياة . لا شيء يمضي بشكلة الصحيح ! لم تعُد الشعارات الحاصلة اليوم كافية لإقناع الناس بمسار سياسي مُعين , بشكلية حوار مُعين , مادامت ذهنية الحُكم لم تتغير فإن اشتعال العُنف لا مُبرر له وأن العيش بلا دولة حامية هو ما ينبئ به الغد . لا بأس أن تلتقط أنفاسك , وأن تُعاود حُلمك من جديد لا بأس أن تبحث عن حُريتك , عن وحدتك , وأن تعيش بعقلية بوطن جديد لا بأس أن تختار شكلية حياتك , وأن ترفض الظُلم والثورة بعقلية قاتل جديد لا بأس , لا بأس , لا بأس !!! سوف ترى من يُحدثك في الغد الآتي عن لعنة الظروف , عن أوطان تمنح الحاضر مشاهد سوداوية قاتمة , عن أحلام بات ثُقلها أكثر على وقع الذات . كُل ذلك حدث ومازال يحدُث في اليمن , البلد الذي يمنحك حُريتك الموشمة بسكاكين الموت , بلد إن اقتربت منه يلفُظك بقوة جلاديه . يحدُث كُل ذلك وإن مع الغد أشياء سوف نُقولها ونرددها كثيرا علٌ ذلك ينتصر لأضغاث أحلام الناس وضياع حُلمهم بوطن الحُرية ك كُل الأوطان