يبدو واضحا ان غالبية الاحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية والمدنية التي يتحاور ممثليها في فندق موفمبيك .قد اقتربت من الاتفاق النهائي على مسالة شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها وذلك بالتوافق على خيار الفيدرالية ..لتكون الدولة اليمنية بشكلها الجديد (اتحاد فيدرالي )ستحدد الايام القليلة القادمة عدد الاقاليم فيه والمرجح ان تكون اقليمين - والملاحظ من خلال مجمل ما يدور ان كافة الأحزاب والمكونات التي توافقت علي الصيغة الفيدرالية لم تكن تمتلك حين اتخذت هذا الموقف رؤيه شامله ناتجه عن دراسات موضوعيه وابحاث عميقه وفق منهج علمي يعتمد على تشخيص الاسباب التي تمخضت عنها مشاكل البلاد المتفاقمة والمعقدة والمطروحة علي طاولة الحوار ومن ثم تفكيك وتحليل تلك الاسباب وفقا لظروف البيئة التاريخية السياسية التي انتجتها وعلى ضوء معطيات الواقع ومحدداته الأساسية ومن ثم استنباط الحلول الشاملة والمعالجات الموضوعية القادرة على تجفيف جذور تلك المشكلات وتوفير متطلبات المستقبل ضمن إطارا جديدا ناظما لأماني هذا الشعب وأهدافه الوطنية الكبرى هذا الاطار الجديد المتبلور من الحلول المتحصلة من مجمل تلك الدراسات السياسية العميقة .. انما وللأسف الشديد فان تلك المكونات اتخذت موقفها كنتيجة لفشلها الذريع في مواجهة المشاكل الحقيقية للبلاد والتي باتت مشخصة للجميع .ليصبح موقفها هذا في حقيقته عباره عن حالة هروبيه مغلفة بأماني وتهويمات زائفة تروج لها باسم الفيدرالية كحل سحريا تنظيريا يخدر الوعي ويمنينا بحوريات في هذا الفردوس المفقود .في حين ان هذا الحل في حقيقته ليس اكثر حاله هروبيه ترحل مشاكلنا المتفاقمة الي المستقبل بصيغ اكثر تعقيدا مما هي عليه الان- ( حقيقة المشكله) ان مشكلتنا ليست في شكل الدولة (موحدة -فيدرالية-اتحادية …الخ) انما مشكلتنا الحقيقية هي مشكلة بناء الدولة اليمنية الحديثة … ولو وقفنا بداهة امام هذه المشكلة بدراسة ظواهرها وتحديد أسبابها ومن ثم تفكيكها وتحليلها في سياق ايجاد الحلول المناسبة لتبين لنا وفق المعطيات الموضوعية للواقع والمحددات المنتظمة في الحركة التاريخية للدولة اليمنية ان الفيدرالية لن تقدم اي حل للمشكلة الحقيقية خاصة وانها الان تطرح ضمن عمليه سياسيه منفصلة عن اطارها المجتمعي والشعبي بكل همومه وقضاياه الوطنية هذه العملية السياسية التي ليست في حقيقتها اكثر من حالة سكونية معطوبة في حيويتها ومنكفئه على مصالح النخبة -لا الجماهير -التي تتبلور خارج السياقات الوطنية…. كما ان الفيدرالية وفقا للتجارب التاريخية في البلدان التي اتخذتها اتت كحاجه للملمة كيانات متعددة ذات بعد اثني او قومي فوق جغرافية الدولة الواحدة وتأطير واستيعاب تلك الاثنيات في هويه وطنيه واحده علي اساس مبدا المواطنة المتساوية … لكن في حال بلد موحد -كاليمن –لا قوميات او ديانات او اثنيات متعددة فيه لم يحصل ان قام بلد بهذا الحال من التوافق والانسجام ان اختار الفيدرالية //قبل عام 1990م كانت اليمن دولتين مستقلتين لكن تلك الاستقلالية لم تمكن اي دولة من حل مشاكلها الداخلية ..وامام استمرار تفاقم المشكلات داخل كل كيان كان خيار اعلان الوحدة هو الخيار الانسب امام الطرفين وكانت الوحدة الاندماجية هي النموذج المناسب لبنا مشروع الدولة اليمنية المدنية الحديثة ..في حين ان خيار الفيدرالية كان مطروحا انذاك وفرص نجاحة كانت اكثر وفره من الان لكنه تم اختيار الوحدة الاندماجية كخيار موضوعي افضل واكثر اتساقا مع المعطيات التاريخية لليمن لكنه وبسبب الانقلاب علا مشروع الوحدة الحداثي من قبل القوي التقليدية وامزا الحرب في صنعا انحرف مسار السفينة اليمنية .. ولازالت القوي تلك هي نفسها التي انقلبت اليوم علي الثورة الشبابية الشعبية .. وبمعني اوضح ان الفيدرالية لا تمثل نهاية التاريخ بالنسبة للقوي المتوغلة في البلاد وان كانت ستحد من ادواتها الا انها لن تقضي عليها .. ومثلما تمكنت تلك القوي الخبيثة من القضا علا كل المشاريع الوطنية الحديثة الرامية لبنا الدولة المدنية ابتداءا من ثورتي سبتمبر واكتوبر ومرورا بمشروع الوحدة في عام 90م وانتها بالثورة الشعبية الأخيرة . فانها وبحكم الادوات التي تملكها ستظل قادره ايضا من الانقلاب علي مشروع الفيدرالية ولو من باب زعزعة الاستقرار واشعال الصراعات داخل هذا الاقليم الفيدرالي او ذلك طالما وهي باقيه ولو في صنعا لاسيما وان الحالة التي وصل اليها المجتمع في كل المحافظاتاليمنية اصبح اكثر تمزقا واحباطا في ظل بروز الهويات الجهوية والعرقية الضيقة علي حساب الهوية الوطنية .../// ان تلك القوي البغيضة لا ترى خطرا حقيقيا علا نفسها الا في بنا الدولة المدنية القوية الموحدة لذلك فانها اليوم ستقبل بالفيدرالية مقابل الإطاحة ببنا الدولة الموحدة القوية التي تمثل نهايتها .. وللاسف نجد غالبيه السياسيين والاكاديميين يروجوا لخيار الفيدرالية دون وعي بإبعاد هذا الموضوع. . ان الأحزاب السياسية التي تطرح الفيدرالية وعلي وجه الخصوص الحزب الاشتراكي اليمني ترتكب اليوم بوعي او بدونه كارثه كبرى بحق الوطن والحياه السياسية والمشترك الوطني اليمني والهوية اليمنية الواحدة وتدفع بالبلاد الي مزيدا من التشظي .مثلما كانت هي المسئولة من قبل ايضا عن تخليق هذه الهوه العميقة والتدميرية التي اصبحت تفصل بين الاداء السياسي ومخرجاته وبين الحاجات المجتمعية والأمنية والاقتصادية والخدمية للجماهير وقضايا الوطن واعتلالاته المنتظمة في سياق هذه الحاجات.. ليس ذلك فحسب فالحاصل اليوم ان هذه الأحزاب المنفصلة عن جماهيرها صارت واقعيا وذهنيا تشكل اصطفاف بغيض يكبح طاقات الجماهير ويغتال دورها الشعبي في توجيه مسار عملية التحول والتغيير وتحول ايضا دون تخليق اطر سياسيه جديده لقوى ناشئة و جديده قادره علي مواجهه اعدا الدولة المدنية الحديثة التاريخيين . وفي مثل هكذا حال فان هذه المكونات لا تمثل القطاعات الجماهيرية والشعبية وتطلعاتها وهمومها ومصالحها كي تقوم نيابة عنها بصياغه الحلول لمشكلات البلد التي هي اصلا جز من منظومه انتاجها.. ..وفي الأخير استطيع القول بانه لو سالني احدهم .. ايهما تختار الفيدرالية ام الانفصال ؟ فاني ساقوا له الانفصال .. لان نتايج فك الارتباط ستكون اقل تدمير من الفيدرالية .. ولكن خيار الطبيعي الذي اثق بجداره هو بنا الدولة المدنية الحديثة في ظل يمن واحد ؟؟