كنت ضيفا على قناة فرانس 24 الفرنسية قبل اكثر من شهر في حديث اليوم كان الموضوع يتعلق بالأحداث و التفجيرات التي تحدث في اليمن، ضمن ما طرحته انه ربما ثمة تنسيقات تحدث بين تنظيم القاعدة في اليمن و جماعة الحوثي اعني حزب انصار الله، لحظتها اندهش الاعلامي توفيق مجيد مقدم البرنامج و قال: انت تريد القول انه يمكن ان يكون هناك تنسيق مشترك؟ قلت و اقول نعم من الممكن جدا ان يكون هناك تنسيقات مشتركة، اعتقد ان هذا ما يحدث فعلا ف"أنصار الله" شريك اساسي اليوم مع الرئيس اليمنيالسابق علي عبدالله صالح المعروف او الذي يسمي نفسه انه يرقص مع الثعابين و الافاعي و يحركها لصالحه، هذا فعلا ما كان يفعله فقد استغل تنظيم القاعدة في اليمن استغلال جيدا لجني ارباح و دعم مالي و عسكري من الولاياتالمتحدةالامريكية و المملكة السعودية، كان يشن حروب ضد التنظيم و يقوم بسحن بعض قادتها و لكن بعد فترة نسمع ان السجن الذي يوجد فيها عناصر القاعدة تعرض لهجوم و فر من فيه، اي انه كان يتم اطلاقهم ليطلب من جديد دعما فقد كان تنظيم القاعدة الدجاج التي تبيض الذهب لصالح و هي ساعدت و امدت في عمر حكمه سنوات. ما المانع اليوم؟ بل اظن من المنطقي جدا ان تقوم جماعة الحوثي بنفس اللعبة اي استغلال تنظيم القاعدة، فهذا النشاط و الانتشار و القوة التي نسمع عنها اليوم لتنظيم القاعدة لم يكن متوقع و لا اظن ابدا ان يحلم التنظيم بإقامة دولة تشبه داعش باليمن فليس من مصلحتها ان تضحي برجالها من اجل رفع راية قد تزول بضربات امريكية مدعومة بقلق سعودي، و هنا مربط الفرس هذا النهوض و النشاط هو لإثارة القلق السعودي التي بدأت في التخلي عن علي عبدالله صالح و كذا كانت تعارض و بشدة النشاط و الانتشار الحوثي بل و سبق و ان دخلت معه في حرب، فهي تخاف وجود نظام حكم يكون قريبا من ايران، تخاف ايضا ان يكون لهذا تأثير في نشاط او انتفاضات للشيعة في شرق السعودية، العلاقات السعودية الايرانية ليست بذلك التعقيد هناك ايضا قنوات للاتصال للنقاش حول المصالح المشتركة، كانت السعودية تأمل ان تقوم امريكا بضرب ايران لكن هذا انتهى كون ايران لعبت بكل الوسائل لحماية نفسها عبر شركاء كحزب الله في لبنان و دعم النظام السوري ثم الاستحواذ و لعب دور مهم بالعراق ليأتي الآن دعم حركة انصار حزب باليمن فتصبح السعودية بذلك في فك الغول الايراني، لكن بالتأكيد السعودية ستفضل حزب انصار الله الشيعي على تنظيم القاعدة لأسباب كثيرة لعل اهمها ان هناك قنوات للتواصل مع الحوثي عبر القنوات الايرانية، ما يريده الحوثي هو حكم اليمن و هذا امر ليس مهما من يحكم اليمن بالنسبة للسعودية، ما يهمها ان يكون هذا الحاكم متعقل يخدم مصالح السعودية و امنها بحماية الحدود من المتسللين، و ان تظل اليمن دولة ضعيفة اقتصاديا اي ان يظل استخراج النفط و المعادن باليمن محدود، ان لا تكون دولة قوية و ديمقراطية حتى لا يكون هناك تأثيرات مباشرة تمس النظام الملكي السعودي. اذن كي يعي الاخوة في السعودية ان وجود الحوثي اصبح امرا واقعيا، له ان يكون حاكم اليمن كان لا بد بتحريك خلايا تنظيم القاعدة لتقوم ببعض الهجمات على الجيش اليمني الضعيف و تستولي على بعض المدن هذا النشاط ارعب الجارة السعودية و كذلك الويات المتحدةالامريكية التي تخاف ان تسيطر القاعدة على مضيق باب المندب عندها لا تنفع الامكانيات و الطائرات بدون طيار هي اقصد امريكا لا تريد التورط بحرب في اليمن كون هذه الحرب ستكون باب جحيم، و ذلك لأسباب الطبيعة الجغرافية و البشرية و الاجتماعية، فلا احد في اليمن سيقبل بقوات امريكية عسكرية برية، ما يحدث اليوم من صراعات بين الحوثي و تنظيم القاعدة يصب في مصلحة الطرفين و كذلك مصلحة علي عبدالله صالح الذي يواجه عقوبات دولية، هذه الحرب التي نشاهدها اليوم اشبه باستعراضات بالتأكيد يوجد ضحايا هذا امر لا يمكن الفرار منه لكن الضحايا تظل معقولة في مقابل الارباح التي يحصدها الاطراف اي الحوثي و صالح و القاعدة، هذا الثلاثي يقوم اليوم بلعبة سياسية جيدة الحبكة مما جعل السعودية و امريكا و غيرها من الاطراف جعل هؤلاء جميعا في ارتباك بعض الشيء، لكن اغلب الاطراف فهمت القصة، المسالة خارطة سياسية جديدة يتم الاعتراف بحزب انصار الله لحكم اليمن، هذا ما يحدث الان فالمليشيات الحوثية تسيطر على اغلب المدن اليمنية و تتحكم بالشارع، كما تم القضاء على الجيش و شراء ذمم قادته و هروب علي محس الاحمر و ابناء الاحمر، هنا نال علي عبدالله صالح من اعدائه و انتقم منهم بأيدي حوثية فتركو قصورهم و بعض اموالهم و هربوا و كذلك قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح اصبح ضعيفا و لن يكون له قدرة على المنازلة في اي انتخابات قادمة، نحن عندما نتحدث على حزب الاصلاح فهو كان شريكا مع صالح و لم يكن معارضا كانت المصالح المشتركة دائما في المقدمة و هنا لا اعني المصالح المشتركة من اجل الناس بل مصالح بين قادة هذا الحزب و النظام السابق كون الجميع اشترك في السرقة و الفساد و ظلت المعارضة مجرد احاديث للاستهلاك الاعلامي. من المهم ان نذكر هنا ان تنظيم القاعدة في اليمن يريد فعلا الحصول على ارضية جديدة تكون في مناطق نائية بعيدة عن قدرة الطيارات الامريكية بدون طيار، كون القاعدة تريد الحفاظ على كوادرها، استيعاب اعداد اخرى من الشباباليمني و السعودي و غيرهم الذين يأتون من كل بقاع الكون للانتساب لهذا التنظيم و التدريب العسكري و كذلك الفكري و الروحي، فالقاعدة في اليمن كانت و ماتزال و ستظل مدرسة عسكرية و فكرية و روحية لجميع فروع القاعدة في الدول الاخرى المجاورة و البعيدة، ليس من مصلحة التنظيم التضحية بهذه المؤسسة اي وجودها كمدرسة من اجل سلطة قد تزول بسرعة، و كما سبق و ان نسقت مع علي عبدالله صالح و اتفقت معه بالتأكيد ليس مستحيلا بل منطقيا جدا الاتفاق و التنسيق مع جماعة الحوثي. الآن نرى الحروب تارة في محافظة البيضاء او اب و الجوف و غيرها من المدن اليمنية، لا اظن ان تستمر هذه الحروب اعتقد انها ستنكمش لمناوشات هنا و هناك من حين الى اخر من اجل الدعاية الاعلامية، الكعكة سمينة الجميع سيتقاسم هذه الكعكة. ستخرج اطراف من اللعبة، و اظن كما خرج علي محسن الاحمر و حميد الاحمر قريبا سيخرج الرئيس اليمن عبدربه هادي او سيظل لفترة كرجل مرحلة اي رئيس ضعيف لا يملك من الامر شيء، وجود حكومة جديدة او احداث تغييرات في الحكومة لن يؤثر في هذه اللعبة بل يخدمها، فقد لاحظنا ان الحكومة ليست حكومة وطنية و لا حكومة خبرات، تكررت معظم الوجوه الفاسدة، شخصيات تأتي مجرد لأداء دور مدفوع القيمة، لم يكن في اليمنسابقا و لن يأتي لاحقا حكومة حقيقية تحكم باستقلال، اي وزير يقبل بالمنصب هو يعلم جيدا انه يؤدي دور له اجر مادي عليه ان يقول حاضر و مرحبا لمن بيدهم الامر و الحاكم الحقيقي حاليا هو جماعة الحوثي و الرئيس السابق علي صالح. كي ينكمش تنظيم القاعدة لدى الحوثي و صالح مطالب مهمة هي الاعتراف بنظام الحكم الجديد، و عرقلة العقوبات الدولية على صالح، هذا ما سيحدث فعلا لكن قبل ذلك لن يكون باليمن استقرار سياسي سيظل في مهب الصراعات و الارتباك ردحا من الزمن.