إعلام العدو: صاروخ يمني يدخل ملايين الصهاينة إلى الملاجئ    الأخضر يكتب التاريخ باللقب الخليجي    عربية السلة.. سيدات العلا يكسبن القرين الكويتي    سالم ثابت كان بإمكانه أن يصبح مليارديرا خلال أشهر    عاجل: العليمي والوفد المرافق له يغادرون عدن بعد قرارات الرئيس الزبيدي الصادمة لهم    الرئيس الزبيدي يعين السليماني والحارثي وكلاء لمحافظة شبوة    مؤسسة الثورة : استهداف صحيفتي 26 سبتمبر واليمن محاولة يائسة لإسكات صوت اليمن المساند لغزة    ترامب يعلن مقتل المؤثر "تشارلي كيرك" بعد إصابته بالرصاص وبايدن يعلق على الحادثة    مجلة أمريكية: الضربات الإسرائيلية في اليمن جزء من إستراتيجية نتنياهو لتوسيع ساحة المعركة    الهجرة الدولية: وصول آلاف المهاجرين الافارقة إلى اليمن الشهر الماضي    عبد الفتاح إسماعيل وراشد محمد ثابت.. أي خيانة؟    عدن .. أزمة السيولة بين قرارات البنك المركزي وعجز الحكومة عن صرف المرتبات    إصلاحيون على العهد    مواجهتان حاسمتان في ختام الدور ربع النهائي لبطولة بيسان الكروية    مصرع وإصابة المئات من عناصر الحوثي الإرهابية بضربات إسرائيلية بصنعاء والجوف    اللجنة الوطنية للتحقيق تُسلِّم رئيس مجلس القيادة الرئاسي تقريرها الثالث عشر    المنتخب الوطني للشباب وصيفا لكأس الخليج العربي وعادل عباس أفضل لاعب    ارتفاع ضحايا العدوان الاسرائيلي على صنعاء والجوف الى 166    هيئة الآثار توجه نداء عاجل لليونسكو بشأن الغارات على منطقة التحرير    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    صنعاء.. أصوات انفجارات متتالية وسط تحليق مكثف للطيران "تقرير موسع"    إصلاح حضرموت ينعى القيادي وعضو محلي المحافظة حمد عمر مدي    النفط يرتفع متأثراً بالأوضاع في الشرق الاوسط    بدء أعمال سفلتة خط البنك المركزي في مديرية صيرة بعدن    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ مجاهد يحيى معيض    بن الوزير وباسمير يتفقان على سرعة تشغيل ميناء قنا التجاري    هيئة إعلام الانتقالي تستعرض رؤيتها الاستراتيجية وخطط تطوير الأداء    محافظ حضرموت يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر المنورة    جنيف: ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات بحق التعليم    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    شركة النفط بعدن تختتم دورة تدريبية متخصصة في كهرباء السيارات الحديثة    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير عمل الأشغال العامة والطرق بالضالع    التكتل الوطني يدين قصف الاحتلال للدوحة ويحذر من تبعات استمرار الصمت العربي والإسلامي    توترات وقطع طرق رئيسية في حضرموت    نهب البنك المركزي وأسعار الصرف بصنعاء وعدن وفضيحة "الإعاشات"    منتخب الناشئين يدخل مرحلته الأخيرة استعداداً لبطولة كأس الخليج    ضبط 86 متهماً بإعانة العدوان و7 مطلوبين للعدالة في الضالع    مدير شركة مصافي عدن: الأسابيع القادمة ستدخل الوحدات الانتاجية للخدمة    مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الجراحُ الغائرة    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حارس التذكار المصري يرحل دون اثر..!
نشر في يمنات يوم 26 - 12 - 2017


وائل جميل
الساعة السادسة فجراً والناس نيام، يستعدون الى يوم جديد ليخوضون معاناة اخرى، الطائرة اللعينة تجوب سماء المدينة منذو ليلة البارحة، وما اعلمه انني صحوت على صوت الصاروخ الاول، صفير مروع يتصاعد وينهش من الداخل، يقترب بشدة فائقه نحو المنزل الذي اقطن فيه برفقة اخوتي الصغار النائمون، نهضتُ كسرعة الصاروخ تماماً، بقصد الخروج من غرفتي الى غرفة اخوتي، وقبل ان افتح، ضغط الهواء طبع نقشة الباب الخشبي في جبهتي، اهتزت البناية وتمايلت الجدران كمادة مطاطية .. لحظة دوي الانفجار دوما تلمح العين شيئاً مأهولاً اشبة ب"انقطاع" بث التلفاز شششش وشيئا اخر اعجز عن وصفه، انفي في قاع الغرفة، وبين الحلم واليقظة كُنت انا، وبشفتي السفلى المرتخية على سطح البلاط، اتسأل ماذا حدث!.. صراخ اختي الصغرى "منال" صادر من مكان ما، وااائل .. واااائل .. فقتُ، ناهضاً مُسرعاً صارخاً بصوت ملء المدينة:
"لا تفتجعيش.. لا تفتجعيش..لا تفتجعيش .."
و ما إن دخلتُ، أُزرِبت اطرافي السفلى وانا اشاهد عناق اخوتي ببعضهما البعض، ملتحمين، ثلاثتهم ك"جسد واحد ثكيل" يرتعشُ بشدة في الزاوية، فأقترب مُشمراً ساعداي لأحتضنهم، وبملامح توحي بالطمئنينة، أصب جميع المفردات لنزع الخوف..
الطائرة اللعينة تُحلق مجدداً، صوتها يُبشر ب إسقاط الصاروخ الثاني، اطلب ان يظلوا بأماكنهم ريثما أعود، لأنهض وافتح الابواب ونوافذ المكان تجنباً هول "الضغط الهوائي" القادم، وما ان فتحت احدهن والمطلة هي على الحي، شاهدت كثير من الناس راكضين نحو مكان تصاعد الدخان، قُربنا، يبعُد عنا فقط مئات من الأمتار وبسيارتهم مُتسألين بهلع: فين قصفوا فين قصفوا!
يصرخُ احدهم قادماً من هناك بملء صوته بحُنجرة ذبحتها شظية هاوياً برأسه فاقداً توازنه، يكاد يفقد وعيه وينسدل على قارعة الطريق للأبد:
"يارجال الله يارجال الله، غيرو على بيت حارس التذكار المصري!"
الرجال يخرجون من منازلهم غاضبون، اسمع مغالق أبوابهم تُفتح بطريقة هسترية، الاقدام تتسارع صوب المكان، النساء على الشرفات والسطوح، تنوح إحداهن بشدة، هذا نوح الأقارب بلا شك، يا احمد اخي قتلوا بن عمك!
يخرج احمد الصنعاني ب بجامة النوم، مذعوراً صوب المكان ايضاً .. المنازل فارغة من رجال الله والحي يفتقر للضجيج المعتاد، النساء ينتظرن ما الجديد ولوهلة يسقط الصاروخ الثاني، يرطمني ضغط الهواء، الى الداخل، واخوتي يلتحمون ببعضهم مجدداً، انهض لأشاهد، الشظايا تتساقط كقطرات مطر وبشكل عشوائي، اسمع اصوات سقوطها على أسطح المنازل، الدخان يتصاعد من المكان نفسه، المكان يُقصف مرة اخرى، ويتسبب في مجزرة كبرى، نساء الحي يصرخن بلا رُشد باحثات عن رجالهم من لبُ نداء الإنقاذ: زوجي، زوجي، زوجي..
يصرخ احد المُنقذين، هاتوا بطانيات .. وقبل ان يحملهن الى هناك يسقط الصاروخ الثالث بعدها مباشرة بخمس دقائق فقط والى نفس المكان!
حالة اخوتي باتت مُزرية للغاية، اقرر النزول الى منزل خالي وترك المنزل، نوال باتت صماء لم تستوعب ماقلته، نوال !! نوال !!
نوال تتلقى كف مني وتفيق من غيهبا، وتنهض لتجهيز أخوتها، اعود لأسترق النظر من نفس النافذة، مات من كان يتنفس تحت الأنقاض، بُعثر الصاروخ اجساد الرجال وجزئها وقذف بها بعيداً، الدخان يعم سماء ثامنة، هذه المدينة غدت ثكلى، وثكلاها ضحايا حرب عبثية، الشظايا قطفت رؤوس عابرين كانوا هناك، وحامل البطانيات اشاهده واقفاً حائرا بين هاويتين يخشى العودة من ان يلقى مصرعه ويموت بتلك الطريقة دون هوية او ملامح وان يغدو رقماً في كشف الإحصائيات وان يُمحى ذكراه بعد اسبوع واحد من الرحيل ويعجز ايضاً عن العودة الى منزله..
الطائرة اللعينة تعود لتحوم مجددا، اخوتي على الباب ينادونني للمغادرة، حائراً انا قرب النافذة، حزين لأجلهم، لما اشاهده ولما اسمعه نواح جماعي يثقب القلب، صوت عابر يبشر بموت احمد، مات احمد الصنعاني روح صنعاء، اختفت روح هذه المدينة بنُكتتها وظرافتها وبساطتها وشهامتها، اود ان اصرخ، شظية ذبحت حنجرتي .. نتوافد الى محطة الرحيل دون علم او حتى موعد مسبق .. في لحظة ما قبل النهاية نتمنى ان تعود العقارب الى الخلف لنغير اشياء عدة، ان نصنع واقعا اجمل مما كنا فيه، ان نعيش وبشكل صحيح، ان نمنح الكثير من المساعدة والابتسامة والأجنحة للتحليق..
الطائرة اللعينة تطلق الصاروخ الرابع، اسمع صوت صفيرة، يقترب بشدة ونحو المكان نفسه، الدخان يتصاعد مجدداً، الشظايا تأخذ نُزهتها في القطف، خمد النواح ليتسلل ألم الفقدان الى الداخل وليتفاقم في الأعماق حتى الابد .. فات الأوان .. رحلوا امام عيني دون ان افعل شيئاً ان أتحرك كالأخرين، كنت جبان .. اعترف جبان انا عن المواجهة، وفي اليوم التي تشاهدوني فيها شجاعاً، هي "مكابرة" ليس الا..
جبان وانا اكتب الان ما شاهدته عيني من ذاك الهول، جبان وانا اترك منزلي فارغاً كي انجو بحياتي جبان حتى وأنا احاول الهروب من معايراتكم، ضعيف، وخواف وفاشل لا امل فيه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.