صلاح السقلدي تسعى المملكة العربية السعودية منذ بداية حربها في اليمن قبل -قرابة أربعة أعوام- إلى عقد جلسة للبرلمان اليمني في الرياض أو في عدن لحاجة هي في النفس السعودية-…دون أن تفلح بذلك حتى اليوم..كان آخرها قبل أيام في الرياض حين استدعتْ بعض من أعضاء المجلس بالداخل والخارج لهذا الغرض دون جدوى، عِلماً أن هذه ليست المحاولة الأولى لها، ولا نظن أنها ستكون الأخيرة، فقد سبقتها أربع محاولات تقريباً، قبل أن تضيف فشلاً جديداً لها في الرياض، حين أخفقت قبل يومين بالحصول على النصاب القانوني لعقد جلسة لهذا البرلمان العجوز – عمره اليوم يشارف على ال 12 عاما- برغم ما بذلتْ من جهود مضنية وما أنفقتْ مِنْ أموالٍ طائلة وما مارست من ضغوط هائلة على نوابه. مردّ الفشل هذه المرة ليس فقط الى عزوف معظم أعضاء" نواب" المجلس عن الحضور، و إلى التوجّس الذي يتملكهم من النوايا السعودية التوسعية باليمن وبالجنوب تحديدا ومن خوفهم من خديعة هادي لهم مرة أخرى، بل الى الخلافات التي تعصف بالسلطة المعترف بها دوليا" الشرعية" وبأكبر الكُتل البرلمانية لأحزاب المجلس الرئسييَن، حزبيّ: الإصلاح" إخوان اليمن"، والمؤتمر الشعبي العام الذي تشظى الى ثلاثة فصائل في صنعاءوعدن والخارج ،بعد مقتل رئيسه علي عبدالله صالح نهاية ديسمبر العام الماضي على يد الحركة الحوثية المعروفة بأنصار الله، أكبر هذه الكُتل كتلة صنعاء التي ما يزال يقودها ويرأس المجلس ذاته العميد يحي الراعي. وبالعودة الى الحديث عن فشل آخر جلسات هذا المجلس قبل أيام، فأن السبب الرئيس -بحسب مصادر في الرياض -هو الخلاف الذي يعصف بعلاقة المؤتمر بحزب الإصلاح وبالصراع المحتدم داخل أجنحة حزب المؤتمر " صاحب أكبر كتلة برلمانية" وبالذات جناحه الموالي للرئيس هادي والجناح الموجود بالخارج والمدعوم إماراتيا، حيث شكّلت نقطة الخلاف على رئاسة المجلس السبب الرئيس لهذا الفشل ،بعد أن أصرَ الرئيس هادي -وفقا لتلك المصادر- على أن يتولى نائب رئيس البرلمان علي الشدادي- جنوبي مقربا من الرئيس هادي- رئاسة المجلس بدلاً عن رئيسه الحالي يحي الراعي- فيما أصرَ عدد كبير من نواب الحزب على تولي رئاسة المجلس القيادي المؤتمري البارز ورئيس الكتلة النيابية للحزب بالمجلس الشيخ سلطان البركاني الموجود خارج البلاد، في وقت باتت فيه الأغلبية الساحقة لنواب وقيادات وكوادر الحزب لا يثقون بهادي بالمطلق بعد أن خذلهم وخان الأمانة التي حملّها إياه الحزب رئيسه السابق صالح- أو هكذا يبرر كوادر وقيادات المؤتمر نفورهم من هادي وعدم ثقتهم فيه- …وبهذا انتهت آخر محاولة للمّ شمل المجلس خارج صنعاء وبائت محاولة سحب البساط على تحت أقدام مجلس نواب صنعاء الذي يقف على رأسه أحد أبرز قيادات المجلس العميد الراعي بالتوافق والتنسيق مع الحركة الحوثية هناك، برغم نجاح الرئيس هادي هذه المرة في استقطاب أعضاء برمانيين جنوبيين الى صفه كانوا جمدّوا عضويتها بالمجلس منذ سنوات بعد أن انخرطوا بالثورة الجنوبية " الحراك الجنوبي" قبل اكثر من عقد من الزمن.زد عن ذلك الخصومة الشديدة المستعرة بين حزبي المؤتمر بكل أجنحته وبين حزب الإصلاح ورفض هذا الأخير لأية سلطة للمؤتمر بالمستقبل أو أية شراكة معه، وهو الحزب الذي قاد " حزب الإصلاح" ضده ثورة شعبية عارمة أبّان ما عُرف بثورة الربيع العربي، فضلا عن حزب الإصلاح" إخوان اليمن" يرى في حزب المؤتمر وبالذات "جناح الخارج وجماعة هادي" بأنه أداة طيعة بيد الإمارات. وبعيداً عن الخوض بأسباب فشل عقد هذا المجلس لجلسة له في الرياض أو في عدن أو المكلا كما تخطط لذلك السعودية والأمير بن سلمان بالذات الذي ألتقى قبل يومين بعددٍ من أعضاء النواب اليمنيين جُلهم من حزب المؤتمر الشعبي العام ، فأن الهدف السعودي من هذه المساعي ليس البحث عن مؤيد شرعي جديد لسلطة هي بالأصل متخمة بالتأييد وبالدعم السياسي على المستوى الدولي والعربي والإسلامي ولن يضيف لها هذا المجلس المتهالك شيئا الى شرعيتها أو يشدُّ من عضدها المرتخي بشيء، بل الغرض هو تلبية لرغبة سعودية محضة تسعى الرياض من خلال هذا المجلس أن تمرر وتشرعن لاتفاقيات اقتصادية وسياسية وعسكرية خطيرة تنتقص بها من السيادة اليمن المسلوبة أصلاً وتنضجها على نار هادئة منذ سنوات، ليس أقلها خطورة الحصول على منفذ بحري سعودي بالساحل اليمني تطل عبره على بحر العرب والمحيط الهندي لاختصار الطريق وكُفلة النقل للوصول الى أسواق النفط بشرق أسيا وجنوب القارة الأفريقية واستراليا، ولتختصر به المسافة وتتحاشى أية خسائر في حال تفاقم صراعها مع إيران وأغلقتْ هذه الأخيرة مضيق هرمز بوجه الملاحة ، كما تخطط الرياض ومعها أبو ظبي ان يكون هذا المجلس هو المشرعِن القانوني أمام الداخلي اليمني والدولي لأي وجود سياسي وعسكري طويل الأمد لهما باليمن, في ظل تصاعد الرفض الشعبي والإقليمي لهذا الوجود وهذا " النفوذ" التوسعي المتعاظم. وهذا بالفعل ما تقوم به الرياض منذ قرابة عامين في محافظة المهرة بأقصى شرق الجنوب اليمني ,حين شرعتْ بتجهيز ميناء المحافظ الرئيس″ ميناء نشطون" ومطار عاصمة المحافظة مدينة "الغيضة" وإرسال مزيدا من القوات العسكرية والأمنية براً وبحراً الى هناك. المصدر: رأي اليوم لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.