لم تكن الثروة في باطن الأرض أو في عمق البحر وشواطئه الممتدة بطول 527.970 كيلو متر عرضة للنهب والاستئثار بها على ذلك النحو المريب في الاستحواذ على عائداتها.. بل امتد إلى كل المرتفعات الاقتصادية والصناعية والتجارية في الجنوب لإفراغه وجعله بلا هوية أو تاريخ يذكر. كما لم يكن ارشيف المؤسسة العسكرية (الجيش الجنوبي)، في مأمن من عيون الناهبين لكل ما هو جنوبي وله صلة بالجنوب وتاريخه مثله مثل نظيره في تلفزيون عدن ومرافق إعلامية أخرى طالها النهب والتدمير لكل الوثائق والصور وأشرطة الفيديو الموثقة لمسيرة "جيش الشعب"، ومؤسسيه وقادته ورجاله من الضباط والأفراد الذين سطروا ملاحم بطولية على مر عقدين ونصف العقد من الزمان. ويتذكر ضباط جنوبيون مخطط إنهاء المؤسسة الصحفية الإعلامية العسكرية الجنوبية الرائدة (مؤسسة الجندي للصحافة والطباعة والنشر)، وتصفيتها وتعطيل منظومتها وعملها الذي كان يغطي كل متطلبات الطباعة والنشر لوزارتي الدفاع والداخلية ومرافق حكومية سيادية أخرى.. وعندما وضعت الحرب الظالمة على الجنوب في 1994م أوزارها وبعد أيام معدودة انصبت جهود (المنتصرين) في استكمال ذلك المخطط في يوم اسود من أيامهم السوداء بإصدار مدير دائرة التوجيه المعنوي المخلوع أوامره بإرسال سيارتي نقل (دينا) إلى عدن لنقل ارشيف صحيفة (الراية) ومجلة (الجيش) وكل ما يضمه من مجلدات وصور والبومات ووثائق هامة ولم يترك المكلفون وريقة واحدة يضمها الارشيف إلا والتقطوها.. وفي سويعات محدودة استكملوا مهمتهم في شحن ذلك التاريخ المجيد على (الدينات) والتوجه إلى صنعاء. لم يجرؤ احد حينها من الضباط والأفراد المناوبين في مبنى المؤسسة من منعهم بل وحتى السؤال: ما لكم إلى أين انتم ذاهبون بتاريخنا؟ كان الاعتقاد السائد أن هذه الوثائق والصور والمجلدات ستأخذ مكانها في الارشيف العام أو في المتحف الحربي بحسب حسن النية التي مازلنا نتحلى بها ومنذ دخولنا نفق الوحدة وحتى بعد اجتياح الجنوب وهزيمتنا..لكن الجواب جاء بعد سنوات عندما اكتشف ضباط جنوبيون أن بعض من تلك المجلدات والوثائق والصور مرمية في (هنجر) تابع للتوجيه المعنوي وتعالت أصواتهم: يا لهذه البشاعة والحق! لذا فان الدعوة لاستعادة ذلك الإرث قضية ومسئولية وطنية على عاتق الزملاء في قيادة التوجيه المعنوي الحالية الذين لا نشك في نزاهتهم وانتمائهم للجنوب وأهله والقيام بواجباتهم في إعادة كل ما يتعلق بذلك الارشيف وتسليمه إلى المتحف العسكري بعدن.. كما هو الحال عند استعادة مكتبة تلفزيون التي هي الأخرى نقلت على غفلة إلى صنعاء.