دخلت الهدنة التي أعلنتها قيادة قوات التحالف التي تقودها السعودية، و تشن حربا جوية في اليمن، حيز التنفيذ قبل أكثر من ساعة من كتابة الخبر. الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ و تمتد لخمسة أيام، حسب ما أعلن، تبدو هشة من لحظة إعلانها، كونها جاءت من طرف واحد، و بدون وجود للأمم المتحدة في صياغة تفاصليها و الإشراف عليها، غير أن جميع الأطراف باتت بحاجة ماسة لها لالتقاط الأنفاس بعد أشهر من الحرب المتواصلة. متابعون يرون أن الهدنة قد لا تصمد كسابقتيها، و التي وئدت في ساعاتها الأولى. و يرجعون ذلك لإعلانها من طرف واحد، و اشتراطه سريانها بالتزام الطرف الآخر، في حين يرى الطرف المحلي (أنصار الله) أنهم لم يكونوا شركاء في إعلانها، أو كما جاء على لسان رئيس اللجنة الثورية، محمد علي الحوثي، الذي أشار في تصريحات صحفية أن الأممالمتحدة لم تبلغهم بها، و هو ذات المبرر الذي استخدمته السعودية مع هدنة رمضان التي أعلنتها الأممالمتحدة، حيث لم تلتزم بها بمبرر عدم طلب حكومة هادي من قوات التحالف إعلان هدنة. و فضلا عن ذلك يرى المتابعون أن إعلان الهدنة بشكل مفاجئ، لم يأتي إلا للتغطية على المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الحربية السعودية قبل ثلاث أيام في المخا غرب تعز، و التي راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل و عشرات الجرحى، جلهم من المدنيين. مواقف الأطراف المحلية التي تخوض اقتتالا في عدة محافظات، خاصة في الجنوب، من الهدنة، تبدو عائمة و غير واضحة. أنصار الله و الجيش المساند لهم و الموالي معظمه للرئيس السابق "صالح" لم يحددوا موقف واضح من الهدنة، باستثناء تصريح محمد الحوثي، الذي أشار أن الأممالمتحدة لم تبلغهم بالهدنة، لكن لم يرفضها صراحة. و تصريح محمد عبد السلام، ناطق الجماعة، هي الأخرى تبدو عائمة و لم تحدد بصراحة رفض أو قبول الهدنة، حين نفى وجود حساب لزعيم الجماعة في مواقع التواصل الاجتماعي، ردا على خبر نسبته مواقع مقربة من هادي و الإصلاح، ل"عبد الملك الحوثي" أكد فيه رفض الجماعة للهدنة. حيث قالت هذه المواقع أن التصريح نشر في صفحة للجماعة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". و مع كل ذلك لم يشر الحوثي و عبد السلام إلى رفض الهدنة، غير أن التصريحين، يشيرا إلى أن الجماعة ليست معنية بها، و ربما لن تسعى لخرقها في حال سارت الأمور بشكل طبيعي، ما يعني أن الجماعة باتت بحاجة لاستراحة لالتقاط الأنفاس و ترتيب الصفوف، خاصة مع تقدم الفصائل الجنوبية في عدن. مسلحوا الإصلاح في تعز، لم يعلنوا أي موقف رافض أو مبارك للهدنة، و فضلوا الصمت، ما يشير إلى أنهم لا يريدون إحراج قوات التحالف التي تساندهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، مقارنة بإعلان رفضهم الصريح للهدنتين السابقتين. و بالمثل لم تحدد الفصائل الجنوبية موقفا من الهدنة، مكتفين بالموقف الذي أعلنه هادي من الهدنة، و الذي جاء واضحا من خلال الرسالة التي نشرتها مواقع إخبارية مقربة منه، بأنه من طلب من قوات التحالف إعلان الهدنة. ما يعد تبريرا لإعلان قيادة التحالف للهدنة، و يخرجهم من حرج رفض هدنة رمضان، التي برروا خرقها بعدم وجود طلب من حكومة هادي. ما يشير أيضا إلى التزام مسلحي الفصائل الجنوبية بالهدنة، توقفها عن التقدم و تصعيد المواجهات شمال عدن، طيلة ساعات نهار و ليل الأحد 26 يوليو/تموز، خوفا من حصول مواجهات قد تمتد إلى الساعات الأولى من بدء سريان الهدنة. و ما يفهم حتى وقت كتابة الخبر، أن الأطراف المحلية و الإقليمية باتت بحاجة لاستراحة لترتيب أوراقها و استعادة أنفاسها. لكن احتمالات صمود الهدنة خلال الأيام الخمس تبدو محفوفة بمخاطر انتكاس الهدنة. و يرى مراقبون أن صمود الهدنة في الساعتين الأولى من سريانها، لا يعني بالضرورة صمودها خلال الفترة المحددة لها، خاصة و أن أنصار الله، بدوا منزعجين من إعلانها من طرف واحد، كون قبولهم بها، يعني أن خصمهم السعودية التي تقود تحالف الحرب ضدهم هي من تقرر إعلان الهدنات الناجحة، في حين أنهم في حاجة لصمود الهدنة لالتقاط الأنفاس و ترتيب الأوراق. نجاح الهدنة و صمودها في الفترة المحددة لها، فضلا عن ترحيب الجامعة العربية بها و تحرك المبعوث الأممي ولد الشيخ إلى الرياض في مساعي جديدة لإيجاد حل للأزمة اليمنية، قد يمهد لوقف دائم لإطلاق النار و محاولة جمع أطراف الصراع و إعادتهم إلى طاولة الحوار، و هو المطلب الذي باتت تنادي بها مختلف الأطراف الإقليمية و الدولية. الساعات القادمة كفيلة بإثبات مدى صمود الهدنة أو خرقها، و بالتالي البناء على ذلك أما التوجه نحو طاولة الحوار أو إدخال الصراع مرحلة جديدة، تعقد حل الأزمة اليمنية التي تدخل شهرها الرابع دون وجود أفق للحل السياسي.