التاريخ صنع مقولة "فتش عن المرأة" حينما تحدث المصيبة.. فقد اكتشف الإنسان علاقة الجنس بالجريمة.. باعتبار أن المرأة كانت - ومازالت في الغالب - هي الرمز الواضح والظاهر للجنس.. والآن، في اليمن، زادت وبحده جرائم الاغتصاب.. وهنا ننشر تفاصيل واحدة من هذه الجرائم التي حدثت فصولها قبل عدة أشهر بين العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة.. والتي كانت مبنية أساساً على الثقة، والصداقة العميقة.. الساعة تقترب من الواحدة ظهراً.. عادت "يسرى" إلى المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي.. تناولت وجبة الغداء.. وفي اللحظة التي بدأت تستعد فيها للمذاكرة.. سمعت طرقات متتالية على الباب.. قامت تفتح الباب.. وإذ هي وجه لوجه أمام زميلة الدراسة "ذكرى" استغربت قدومها بهذه السرعة، خاصة أنه لم يمض على فراقهما من المدرسة سوى ساعات.. فاعتقدت أن أمراً جللا قد حدث.. أدخلتها البيت واستأذنتها لتقديم واجب الضيافة.. لكن "ذكرى" شكرتها ودعتها للجلوس بجانبها.. وكأن خبراً هاماً تريد أن تنقله لها.. وبدون مقدمات قالت لها.. كنت تحلمين برحلة لتغيير الجو، وكسر حالة الملل.. الآن.. جاءت الفرصة.. وسوف يتحقق أملك.. وليس مطلوب منك أي شيء.. وما عليك سوى الاستعداد وتغيير ملابسك.. الفرصة لا تأتي إلا نادراً.. والغبي من يفوتها.. والسيارة واقفة أمام الباب.. وهي ملك أحد أقاربنا.. ستأخذنا إلى مدينة الحديدة.. نقضي فيها ساعات جميلة من العمر، ونتعرف على معالمها، وبحرها والكورنيش ونعود.. بدأت "يسرى" مترددة فالحالة المادية لأسرتها صعبة وقاسية. ولا تستطيع النفقة على متطلبات الرحلة.. أدركت زميلتها أسباب التردد وقالت لها: ليس المطلوب منك أي شيء سوى تجهيز نفسك.. أما بقية المطالب فقد تم الترتيب لها.. وجدت "يسرى" نفسها أمام عرض مغرٍ وخاصة أنه من زميلة عزيزة على قلبها.. فقبلت الدعوة بابتسامة عريضة مع كلمات الثناء والامتنان لزميلتها..! بعد أقل من ساعة، بدأ سائق السيارة باستعجالهن.. مستخدماً بوق السيارة عدة مرات.. خرجت الفتاتان ماسكات بيد بعض، واستقلتا السيارة.. تحركت السيارة، وبدأت الرحلة المجهولة.. في المقعد الأمامي جلس سائق السيارة.. وبجواره "ذكرى" وفي المقعد الخلفي جلست "يسرى".. هلع حقيقي يداهم الأسرة "يسرى" غادرت البيت خلسة.. والدها الموظف البسيط الذي يكد ويكدح، لم يعد من الوظيفة، والأم كانت قد ذهبت لزيارة الأهل.. الجميع لم يعلموا بغيابها سوى أثناء عودتهم للبيت.. كان غياب الفتاة مفاجأة لهم.. سألوا الجيران لكن لم يفدهم أحد بعلم.. اعتقدت الأسرة في البداية أن "يسرى" ذهبت تذاكر عند إحدى زميلاتها.. فانتظرت عودتها ولكن هذا الانتظار طال إلى صبيحة اليوم التالي.. فساورهم القلق.. وذهبت الشكوك بهم مذاهب شتى.. خصوصا أن الفتاة تغيب عن البيت لأول مرة.. وبهذه الطريقة الغريبة.. وهي الفتاة المستقيمة في أخلاقها.. والحسنة في سلوكها.. ومرت ثلاثة ايام والأم لم تستطع أن تكفكف دموعها، والأب لا يملك حيلة.. وهذا الموقف جعله أشبه بمن فقد عقله.. لا يدري كيف يتصرف.. ولمن يلجأ.. فمثله من أهل الأرياف لا يلجئون في مثل هذه الحالات إلى إبلاغ السلطات المختصة، ظناً منهم بأنها تمثل عاراً وازدراءً في المجتمع..!! ووسط حالة الضياع والقلق، تذكرت الأم صديقة ابنتها في المدرسة الإعدادية، لعلها ذهبت إليها.. ربما تكون على علم بغياب صديقتها.. ذهب الأب يسأل عن ابنته - لكنه فوجئ أن صديقة ابنته "ذكرى" هي الأخرى غائبة عن البيت منذ ثلاثة أيام.. تحريات أمنية كشفت تحريات أجهزة الأمن، وأنه سبق وأن ثارت حول "ذكرى" شائعات عن وجود علاقات غير شرعية لها مع شبكة مشبوهة..!! وأفادت التحريات أن السيارة التي أقلتهما، تحركت من العاصمة صنعاء، ولم تتوقف إلا في مدينة الحديدة.. وهناك ظلت السيارة تتجول لمدة ساعتين بحثاً عن مكان مجهول.. حتى وصلت إلى أحد الشوارع الخلفية. توقفت، واعتلى السيارة شخص يبدو أنه على معرفة واتفاق مسبق بالسائق والفتاة الأخرى.. كان الصمت مطبقاً تماماً على المكان.. والليل والظلمة والثور الهائج.. ومصير الفتاة "يسرى" 15 سنة على وشك أن يتقرر.!! كان المنظر مريباً ومثيراً للشك.. كلما حاولت الفتاة الصراخ.. أو الاستغاثة واجهوها.. بالضرب والتهديد.. وأقترح الشخص الذي أستقل السيارة، أخذ الفتاتين لغرفة في بدروم عمارة، تحت السلم.. وهناك تمت عملية الاغتصاب.. وفرار سائق السيارة واختفاء الغاصب، ولم يعثر له على أثر.. العودة.. الخائبة..! بعد أن وجدت الفتاة نفسها مرمية، وفي حالة يرثى لها.. لملمت أشتاتها، وعزمت على الرحيل، والعودة سريعاً كي تضع نهاية لتلك الحياة المخجلة لها، والمهينة لوالدها.. وقررت أن تتوسل إليه بدموعها أن يسامحها، وفي حالة رفضه سترحل خفية.. ولن تخبره بالذي جرى. ليحتفظ لها بذكرى نقية..!!