لا يعجبنا شيء في اليمن أكثر من ال"عرطة".. نبتهج عندما نحصل على أي شيء "عرطة".. وتتراوح سعادتنا زيادة أو نقصاناً بمقدار حجمها. "العرطة" كلمة لا ينطقها ويعرف أسرارها سوى اليمنيين.. يطلقونها على ما يحصل عليه المرء بمقابل يقل كثيرا عن ثمنه الحقيقي، ومنهم من يصفون بها السُذَّج الذين يُخدعون أو تُنتهك حقوقهم وهم يصفقون.. كما يُنعت بها أي شخص في موقع مسؤولية لا يعرف "كوعه من بوعه"ويسيّره آخرون. في اليمن، لدينا اتحاد "عرطة" لكرة القدم، ورئيسه يعشق "العرطات"، لذا فأعضاء مجلس إدارته من"أعرط" الناس، لا هم لهم سوى تحقيق أكبر قدر من "العرطات" وهز الرأس عموديا.. اتحاداتنا وأنديتنا تعيش بال"عرطة"، والحصيلة مدربين ولاعبين "معروطين وعارطين"، ومنتخب أول ترك لقب "النقطة"ليحصل على "العرطة". عندما يسجل منتخبنا أي هدف -وهذا نادر- نجد المحللين والنقاد الرياضيين في القنوات والصحف غير اليمنية مندهشين كيف جاء الهدف..؟!!، لكننا وحدنا ندرك أن مدربنا اجتهد كثيراً في تلقين اللاعبين دروس"العرطات"، فأهدافنا ليست مخططة أو ملعوبة. في نهائيات كأس آسيا للناشئين التي تجرى أدوارها النهائية حاليا في إيران، كان منتخبنا "العرطة الصغير"، يبحث عن منتخب"يعرطه عرطا"، لكنه تحول إلى "معروط" ليرث النقطة التي تركها منتخب الكبار، وليبدأ النضال نحو "العرطة"، باعتبارها مرحلة ما بعد"أبو نقطة". اتحاد "العرطات" وقبله الحكومة، لا يعترف بالإعداد والتأهيل وأهميتهما للاَّعبين، فال"عرطة" هاجسه وديدنه، وإن كان هناك تأهيل، فيجب أن يكون لاكتساب مهارات الحصول على "العرطات"، ودراسة كتاب "تعلم العرط في ستة أيام"، أو كتاب الجيب "كيف تكون عرّاطاً في خمسة أيام؟". أبو "العرطات" في قيادة اتحاد القدم رأى أن لاداعي لمزيد من "خسارة" المال على إعداد منتخبنا الناشئ للبطولة الآسيوية، فمسألة تأهله إلى الدور الثاني محسومة، فقد سبق وهزم نظيره الكويتي في عقر داره، ومنتخب لاوس ضعيف، وسنُهزم من إيران المستضيف، ونصعد ثاني المجموعة، وفي الدور الثاني لا بد أن تقف "العرطة" إلى جانبنا، ونواجه منتخب"نعرطه" لنتأهل إلى كأس العالم "عرطة"، ونعيد إنجاز منتخب"الأمل المفقود".. غير أن تفكير "العرطات" حول المنتخب الصغير إلى "أبو نقطة"، فودع البطولة، من أضيق فتحة. شهرة "عرطاتنا" تجاوزت القفار والصحارى ومحيطنا "العرطاوي" لتصل إلى أطراف أوروبا، إلى بلجيكا التي لا تعرف سوى معادلة (1+1=2)، أي لا مجال "للعرطات"، لكننا وجدنا شيئاً قد يكون"عرطة".. مدرب بلجيكي سجله التدريبي جيد، سيأتي ليقود منتخب"العرطات" الكبير، وبمبلغ زهيد ، 12ألف دولار فقط.. يا عرطتاه..!! اتحاد "العرطات" لازال يفاوض هذا المدرب، ولا بد أن ينتهي الأمر إلى "عارط" و"معروط"..!!، إلا إن سار الأمر بمبدأ "لا عارط ولا معروط"، وذلك ما يستبعده"العرّاطون" والعرافون، فنحن دائما نبحث عن "عرطة"، لكننا ننتهي "معروطين"..!!