كلما قرأت نقدا أو رأيا لكل من الزملاء سامي غالب وسامي عطا ونبيل سبيع وماجد المدحجي وهائل سلام، وآخرين، حول كثير من قضايا الشأن العام، أجدني متفقاً مع هذه الآراء والمواقف النقدية في الغالب الأعم، وحتى في حالة الاختلاف والتباين -إن وجدت- تجاه هذه القضية أو تلك، أجدني متفهما لحيثيات هذه الخلافات كليا، وعادة ما أستفيد منها ومن الأفكار والرؤى المحترمة التي تتضمنها. ربما يعود السبب الى أن هؤلاء الكتاب والمفكرين -من وجهة نظري- لا يبحثون عن الخلاف من أجل الخلاف، ولا بهدف التحريض على الأنساب والمعتقدات والمناطق، كما يعمل آخرون للأسف، وبما يعمق شقة الخلافات، ويحولها إلى خلافات صراعية، بل ودامية أيضا. وهنا أجدني معنيا بالقول لمن انخرط مؤخرا من الزملاء في توجيه الاتهامات الجزافية لكل صاحب رأي، ومن كل الأطراف؛ خففوا قليلا أيها الأصدقاء والزملاء، من حالة التوتر القائمة بدون سبب وجيه، وأوقفوا النظر إلى كل نقد أو اعتراض باعتباره صراعا أو جزءاً من حرب، فلعلكم بذلك تستفيدون من النقد الموضوعي القائم على حيثيات ووقائع صحيحة -أيا كانت حدته- في تصحيح مسار أو في توضيح التباس أو في تأكيد موقف أو رأي. أما أولئك الذين يستهدفون بكتاباتهم الأنساب والمعتقدات والمناطق من ناحية، والتحريض على تيارات وفئات اجتماعية بكاملها، وإثارة الكراهية ضدها، وبهدف خلق الاصطفافات العمودية داخل المجتمع، فيقيني أنهم يسيئون إلى أنفسهم، وإلى مقاماتهم الفكرية والأدبية، أكثر من أي شيء آخر. ورأيي الشخصي أن تجاهلهم وعدم التوقف أمام ما يكتبون أو يهرفون، ولو من باب الدفاع عن النفس، هو الرد المناسب والأنجع لما يطرحونه، ولما يهدفون الى تحقيقه من أهداف مكشوفة لعموم المجتمع، فضلا عن المتلقي الواعي. إن الانخراط والمسارعة، ومن باب الانتصار للذات، والمسارعة للرد على التهم التي تصدرها تلك الكتابات كل يوم، وبذات الدوافع والدلالات الفئوية والانعزالية التي ينطلق أصحابها منها وإليها، هو الخطأ بعينه، وهو ما قد يجعل لكلامهم المسيء لأنفسهم ولغيرهم، شيئاً من القبول والتفهم لدى المتلقي، وهو أيضا ما يمنح بعض الشرعية الأخلاقية لما يهرفون من لغو، ولو بأثر رجعي... ... وإذا كان هدف مثيري الكراهية هو خلق الاصطفافات الصراعية، وتوفير فرص للدعاوى العرقية والمناطقية بين اليمنيين، كجزء من مؤامرة "الأقلمة"، أو للتمهيد لها، فإن الرد عليهم بنفس مفردات اللغة، وبذات دوافع الكراهية، هو وحده ما يسهم في خلق هذا النوع من الاصطفافات المرضية والصراعية، وقبل ذلك وبعده هذا النوع من الاصطفافات اللاوطنية. يبقى أن أقول: إذا كان هنالك من تضامن مع الزميل سامي غالب، وكل الأقلام الشريفة والمحترمة من كل الأطراف، جراء ما أصابها أو قد يصبها من طيش بعض "هواة" الرماية -عفوا الكتابة- في كل اتجاه، وبما يضع السيئ من القول مع الجيد منه، في خانة واحدة، هو القول لهم ولبقية الزملاء من كل الأطراف والمواقع السياسية والفكرية: أنتم أكبر بكثير من كل ما قد يطيش هنا وهناك من الكلمات المنفلتة من ناحية، وأنتم -من ناحية أخرى- تعون جيدا أن سياسة خلط الأوراق المتعمد، وشغل الناس عن قضاياهم الأساسية بعيدا عن العناية بوطن يتمزق وينزف دما وتشظيا، ليست ولم تكن ولا يمكن أن تكون هي سياسة المقهورين من أبناء الشعب (وأنتم وبعض من تتهمون من هذا الشعب المقهور)، بقدر ما هي سياسة المستبدين في كل زمان ومكان. وبالنسبة لي شخصيا، لا أشك للحظة واحدة أن كثيراً مما يكتب اليوم باتجاه إثارة الكراهية وبناء الحواجز الإسمنتية بين اليمنيين، لا يمكن أن يكون إلا بهدف إبقاء الأوضاع القائمة بدون تغيير، ومنع قوى التغيير من أي عمل مشترك يسهم في إخراج اليمن من مأزقها التاريخي الذي وضعت فيه من جديد من قبل أكثر من طرف داخلي وخارجي، وبنوايا تآمرية مكشوفة؛ مرة باسم الأقلمة والفدرلة، وأخرى باسم التهويل من الخطر الحوثي، والدفاع عن النظام الجمهوري والدولة المدنية التي لا يهدد وجودهما أو بناءهما أحد أكثر من السلطة وحلفائها من مراكز النفوذ التقليدية، ومشاريعها في الأقلمة والتمديد، وغياب الشرعية الدستورية، وليس كما يزعمون كذبا أنها مهددة بالإمامة والنظام الملكي البائد الذي أكل الدهر عليه وشرب، ولم يعد له مكان من الإعراب سوى في بعض هذه الكتابات الزائفة التي تتمنى خلقها في رؤوس المستهدفين بالتهمة كذبا وظلما، حتى يصبح للتهمة الجزافية نفسها بعض من الواقعية، وحتى يؤدي اتهام الآخرين بها مفاعيله السياسية المطلوبة، ولا أقول المخطط لها أيضا. والخلاصة، وبقدر تأكيد تضامني مع الزميل سامي غالب، وبقية الزملاء الذين أصابتهم كلمات الطيش والانفلات هنا أو هناك، لا بد من التأكيد على جميع المعنين، وبالذات أصحاب الفكر والرأي، أن يفوتوا مخطط تمزيق اليمن وإثارة الكراهية بين أبنائه، بوعي وبمسؤولية، ومن قبل الجميع، وبدون استثناء. وتقبلوا تحياتي
يا للدهشة! قرأت بالأمس مقالا لأحد الزملاء، وفهمت منه -والله أعلم- أن الرجل يكاد يعتذر، ولا أقول "يمن" على عمل تضامني سابق مع أحد زملائه الذين اضطهدهم الرئيس السابق على خلفية آرائهم ومواقفهم تجاه سياسة التوريث والحروب، بل إنه يكاد يكتشف في هذا المقال المهم، أن "صالح" كان على حق، وأن هذا الزميل المتضامن هو الذي كان على خطأ! يا للدهشة! ما الذي حصل للناس الطيبين؟!
تغريدة: شباب الحراك، مثل شباب الثورة، يعيشون اليوم حالة من الحيرة التي هي أقرب إلى الهوان والتوهان، والسبب يعود الى تزييف وعيهم، وتسليم أمرهم لقيادات أكل الدهر عليها وشرب، وباعتهم في أسواق النخاسة والمزاد العلني.