يهددوننا بالحروب الأهلية والطائفية والمذهبية والمناطقية، وما أدريش أيش، فقط كلما طالبنا بحقوقنا وكلما أوصلونا إلى أزمة بسبب رفضهم وتجاهلهم لشعبهم ومطالبه الملحة وكأن المطلوب هو أن يسكت وإلا فهي الحرب. ومع أننا ضد أي حرب بين اليمنيين، سواء كانت صغيرة أو كبيرة إلا أن حكاية "الحروب الأهلية" رغم تكرارها على ألسنة المسؤولين كل يوم تقريباً هي في الحقيقة كذبة كبيرة لأن أي حرب أهليه تحتاج إلى طرفين من أوساط الشعب لخوضها (طائفتين، منطقتين، قوميتين) مع شرط توفر دوافع الكراهية والعنصرية ضد بعضهما البعض أو لدى أحدهما ضد الآخر وهذا غير موجود في اليمن البته ولا يمكن أن توجد حروب من هذا النوع- والعياذ بالله- في المستقبل أبداً لأن أسبابها وعوامل تفجرها في الأساس غير متوفرة. *حتى الحرب بين "الإصلاح" و"أنصار الله" التي يصفها البعض بالحرب الطائفية حيناً، والمذهبية حيناً آخر، هي أيضاً لا تندرج ضمن توصيف الحروب الأهلية أو الطائفية، فرغم أنها تخاض الآن بين الجماعتين في الجوف وقبلها في عمران وأماكن أخرى، إلا أنها ظلت وستظل حروباً محصورة بين التنظيمين أو الجماعتين، فلا الزيود شاركوا فيها إلى جانب الحوثيين باعتبارهم زيوداً، ولا الشوافع خاضوا أو سيخوضون الحرب إلى جانب الإخوان المسلمين باعتبارهم شوافع، بل هم-أي الإخوان- ليسوا كذلك أصلاً فكيف نسميها حرباً طائفية والأساس فيها معدوم، أي عدم وجود طوائف أو "طائفية" في اليمن فضلاً عن انعدام دافع الكراهية بين المذهبين. *أما إذا كانوا يقصدون ب"الحرب الأهلية" معنى آخر لمفهوم الحروب الأهلية قاصدين بها ما يمكن وصفه بالحرب المحتملة التي قد تشنها السلطة ضد المتظاهرين لإسقاط الجرعة والحكومة- وهذا بيت القصيد بالتهديدات كما يبدو- أو يقصدون بها خروج الشعب ضد السلطة مطالبين بإسقاط الحكومة والجرعة، فلا تسمى مثل هذه المواجهات المحدودة والمحسومة النتائج سلفاً، لا حرب أهلية ولا طائفية ولا مناطقية ولا مذهبية ولا هم يحزنون. فقط تندرج ضمن أحد هذين التوصيفين- إما حرباً ظالمة إن شنتها السلطة على شعبها الثائر أو على جزء منه- وإما حرباً مشروعة إن رد الشعب على سلطته الظالمة بإسقاط شرعيتها وإدخال رموزها إلى السجون ومحاكمتهم محاكمة عادلة! ولأن هذه السلطة ومكوناتها الأصولية أضعف وأجبن من أن تشن حرباً على المتظاهرين من أي نوع، وضد مطلب شرعي وإجماعي بين اليمنيين فلا خوف إذاً من تهديداتهم الفارغة بالحرب الأهلية والبطيخية، وإذا كان هنالك من طرف عليه أن يخاف من هذه الحرب المحتملة فهم من يهددون بها، لا من يطالب بإسقاط الجرعة. * يبقى أن نقول بأنهم يهددون بالحرب الأهلية والمناطقية والمذهبية والزنبليطية فقط إذا طالبتهم بتصحيح أخطائهم أو بالاستجابة لمطالب شعبهم البسيطة، والتي لا تعني شيئاً بقياس ظلمهم التراكمي للشعب، على السلطة ووسائل إعلامها أن تدرك بأن التهديد بالحروب وتخويف الناس من انفجارها هو بحد ذاته جريمة وإعلان حرب، ويجب أن يحاسبوا عليه لا أن يستخدموه للضغط على الناس للتخلي عن مطالبهم المشروعة. * تغريدة: لا يوجد أكثر قبحاً وإجراماً من سلطة تهددك بالحرب إذا ما طالبتها بإسقاط جرعة الموت!