حينما نتحدث عن الحوار، نتحدث عن آراء وأفكار متعددة ومتنوعة ومختلفة حول قضايا وموضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعسكرية وأمنية.. الخ، غايته الاتفاق على منظومة دستورية وقانونية يحترمها الجميع رغم اختلافهم ويلزمون أنفسهم باتخاذها مرجعية تحتوي على مكاسب وتنازلات مشتركة ذات صفة وطنية وقدسية. أقول وأقصد به أن الحوار لابد أن يكون في بدايته وفي مساره، وفي نتائجه متحرراً من الشروط والقيود الإملائية التي يحاول فيها البعض ابتزاز البعض الآخر بوسائل وأساليب دكتاتورية وثورية لا تتفق مع الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة بصورة تتنافى مع المرجعية الدستورية والقانونية النافذة والمعبرة عن الإرادة الشعبية الحرة. ومعنى ذلك أن الشروط المسبقة واللاحقة لا تتفق مع الحوار الديمقراطي نظراً لما تنطوي عليه من القيود الدكتاتورية التي تدل على عدم اقتناع بالديمقراطية المعبرة عن المواطنة المتساوية، لأن الشروط الإملائية التي يحاول فيها طرف أن يسقط قناعاته على بقية الأطراف، مقدمات خاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، تفقد المرجعيات الدستورية والقانونية ماهي بحاجة إليه من قداسة ناتجة عن تداخل الآراء وتكاملها، لا بل قل إنها نوع من الوحدة بين المتناقضات توفر للجدل ماهو بحاجة إليه من الحركة والتغيير والتطور في شتى مناحي الحياة لأن الحوار الديمقراطي يستوجب أن يكون من البداية إلى النهاية بين أطراف متساوية ومتكافئة ومتحررة من الشروط الدالة على التمييز الطبقي الذي يعتقد فيه بأنه في موقع الأفضل والأقوى والأقدر على فرض ما لديه من شروط إملائية بوسائل وأساليب غير سلمية وغير ديمقراطية تبرر عدم اقتناع أصحابها بالمواطنة المتساوية وبالدولة المدنية الديمقراطية، استناداً إلى مزاعم ثورية ووطنية ونضالية مندفعة بخلفيات سلالية ومناطقية ومذهبية وعنصرية ما أنزل الله بها من سلطان، نظراً لما تنطوي عليه من ثقافات وعادات وتقاليد غير ديمقراطية قد تكون مستمدة من المزاعم السلالية أو من المزاعم الطبقية أو من المزاعم الكهنوتية واللاهوتية الدالة على قناعات دكتاتورية ورجعية، تقسم الشعوب والأمم إلى طوائف وجماعات متمايزة وقد تكون متناقضة ومتنافرة في معتقداتها وقناعاتها الإيديولوجية الشمولية المختلفة باختلاف المذاهب والأديان والأفكار السياسية.. أعود فأقول إن الشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في الحوار السياسي المنشود، لا توجد فيه، هذه الأقليات والجماعات المتناقضة والمتضادة الموجبة للمراعاة الدستورية والقانونية لأن أغلبيته الساحقة يعتزون ويتفقون بأنهم في الأصل يمتلكون هوية وطنية يمنية واحدة ،العروبة قوميتها والإسلام دينها، سواء كانوا شوافع أو زيوداً، اعتادوا على احترام ما يوجد بينهم من أقلية صغيرة تدين بالعقيدة اليهودية دون تدخل يهدف إلى الانتقاص مما لها من الحقوق والحريات الوطنية المتساوية مع الأغلبية الساحقة من المسلمين، سواء كانوا زيوداً أو شوافع، جنوبيين أو شماليين، وهكذا يتضح مما تقدم أن الشروط لا تتفق مع الحوار المفتوح، نظراً لما تنطوي عليه من سلبيات... أخلص من ذلك إلى القول بأن ما أعلن عنه فخامة الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي من رفض مسبق لهذا النوع من الشروط الإملائية التي لا تخدم الانتقال الديمقراطي السلمي من التسوية السياسية إلى مرحلة الحوار الوطني الذي دعا إليه الجميع بدون استثناء والذي يهدف بالأساس إلى إتاحة الفرص المتساوية والمتكافئة بين جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية من أجل حوار ديمقراطي يؤسس لمرجعيات دستورية وقانونية ديمقراطية متحررة من الشروط ومن النزاعات الطبقية والمذهبية والسلالية والمناطقية والطبقية، دينية كانت أو قبلية أو سياسية لأن الشعب اليمني واحد يستند إلى هوية وطنية ويمنية مستمدة من العروبة والإسلام.