لا اعرف ما هو الوطن الذي دائماً وأبداً نتغنى باسمه ونحن مشتتين الأفكار والرؤى وحتى الوطنية الحقة التي تعني ما نقوله . لا اعرف اي وطن نقصده وأي بلاد نتغنى باسمها ! بالكلام كلنا وطنيين وكلنا نحب الوطن وكلنا سنفدي بأرواحنا ودماؤنا وأولادنا هذا الوطن الذي نتحدث باسمه ونتقاتل من اجله ونتخاصم ونثأر من بعضنا على شانه ، هذا الوطن المسكين الذي يأن من تحت ركام الفوضى العارمة التي اقيمت من اجله .
حتى الآن لم نقدر نحدد هذا الوطن الذي وصلنا الى هذه الحالة من اجله ، اقتتلنا وزرعنا الفتنة الطائفية والمناطقية والاجتماعية والأسرية لأجل وطن لم تحدد ملامحه الصحيحة ، واصبح مطية لمن كل هب ودب ، من اراد منصب يريد ان يصل اليه باسم الكفاح من اجل الوطن ، من اراد ان يصبح تاجر سلاح او تاجر بشرية او وطنية ما عليه الا ان يدعّي الوطنية ويحمل السلاح ويحشد كل من استطاع التغرير بهم من اجل قضية الوطن التي هي اصلاً قضيته الخاصة ولا تنم للوطن الأصل اي صلة ولا الى مصلحة الشعب بأي شيء .
كل واحد يقرر ما هو الوطن ، وكل واحد له رؤية تخصه وتخص جماعته وهو من يحدد ماذا يريد الوطن بل ماذا يريد هو من تلك الاتجاهات والافكار التي يحملها من اجل الوطن المسكين الذي اصبح من نتفها طعن عرضه واهله المساكين الذين اصبحوا الكثير منهم مثل الطرشاء في الزفة .
انا حتى الآن اصدقكم القول اني لا اعرف ما هو الوطن ولم استطع ان احدده كما ينبغي في خضم مهول من الافكار والولاءات والانتماءات المختلفة التي تحمل فكرة ان لم تكن معنا ومع الوطن فأنت ضدنا وضد الوطن ، وكل كلامهم متشابه حتى عجزت عن الفهم المطلق ماذا يقصدوا بكلامهم وما هو الوطن من وجهة نظرهم .
ناس يقولوا ان الوطن يتلخص في شخصية علي عبدالله صالح ، وناس يقولوا ان الوطن هو عبدالملك الحوثي ، وغيرهم يقولوا عبدربه منصور ، وفريق يقول لولا علي البيض لما كان هناك وطن ، الا ان هناك وجهة اخرى تقول ان الوطن واليمن بشكل عام بتصورهم بأنه في شخصية الملك سلمان ابن عبدالعزيز ال سعود ولولا هو ما كان انقذ هذا الوطن من براثن ايران معناته انه خلق وطن من جديد وما قبله لم يكن هناك يمن .
على هذا المنوال يعتقد الجميع ان الوطن ليس الا شخصية خرافية تقوم بحمل اسم الوطن على اعناقها وان لم تكن تلك الشخصية موجودة فلن يكون هناك وطن ، مصيبة حلت بالوطن المسكين الذي نهشته تلك المخالب بادعاء غير صحيح ووهمي تغنوا به كونهم وطنيين من دون غيرهم حتى يصلوا الى ما يبتغوه وهي المصلحة الخاصة ليس الا .
انا والكثير الكثير من الشعب اليمني اصبحنا مشوشين الفكر والتفكير مع من نحن ، اصبحنا عديمين الانتماء كوننا لم نكن مع من يدعّي انه الوطني من دون غيره ، تهنا وتاه الوطن الذي حتى هو لم يعد يعرف مع من هو ومن الذي معه ، الجميع يتقاتلون من اجل الوطن ، والجميع يدعّي انه الوطني حتى اصبحوا هم الوطن من دون الوطن .