الكتابة عن المستقبل والإشارة إليه لا نراه في الصحف والمواقع الإلكترونية في البلدان التي تعاني من حروب أهلية وفراغات دستورية وصراعات سياسية حيثُ تعتبر اليمن إنموذجاً لذلك . إذ أنّهُ كيف يمكننا الحديث عن المستقبل في دولة لا يستطيع المواطن البسيط أن يمشي في شارع الحصبة بدون أن يتوجّس الحذر ويخاف من أي خطرٍ قد يُحدّق به. الحديث عن مستقبل اليمن يصيب المرء بدخوله متاهةً لا تنتهي من التعقيدات ، حيثُ يشهد البلد حالة إنقسام كبير ، فالجنوب يهدد بالإنفصال ومتمسكاً به كخيار أساسي والمناطق الوسطى كثرت فيها القلاقل وأزدهرت فيها العنصرية التي تؤدي إلى تمزيق وحدة النسيج الإجتماعي في حين تبقى قبائل شمال الشمال ممسكةً بقبضتها القبلية التقليدية التي تؤثر على مصالح الناس وتؤخر عملية التقدّم والبناء ، فلو أعدّينا دراسة تحليلية عن علاقة القبيلة بالدولة لأستخلصنا أن القبيلة سرطان ينخر في جسد الدولة وجزءٌ رئيس في القضاء على هيبة الدولة حيث وان القبيلة تضعف الدولة في تثبيت سلطتها المركزية في كل شبر من البلد. في الحقيقة الحوار هو رسالة حضارية لكل فرقاء السياسة وكافة القوى النافذة من اجل التوصل إلى صيغة وإتفاق مشترك والتحضير للحوار الوطني الشامل الذي سيجمع كافة القوى المختلفة ومن كافة الشرائح اليمنية تعتبر خطوة جيدة تنتمي للمستقبل القريب ، إلا أنه يجب الإشارة إلى عمل دراسة إستراتيجية وعرض تحليلي لمستقبل الحوار أيضاً والذي بدوره يعمل على تلافي المعوّقات الناتجة عن الحوار . الفقر والجهل والبطالة وغياب الأمن وضعف السلطة المركزية أدى إلى تراجع اليمن إقتصادياً بشكل أكبر مما كان عليه سابقاً ، لم نسمع عن دراسات إستراتيجية أ وخطط برامجاتية إقتصادية قامت بها حكومة الوفاق الوطني وتقديمها كنموذج من الممكن أن يعمل على حل جميع مشاكل اليمن ويحدث نقلة نوعية تسّرع من عجلة التنمية وكذلك جذب المستثمرين من خلال تهيئة البيئة الإستثمارية الملائمة. يقول رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد رائد التنمية وقائد التغيير الحضاري ناصحاً الحكومة اليمنية أن تتجه لبناء وإستثمار الإنسان أولاً وتحقيق الأمن والإستقرار لأن هذه هي الركائز المهمة واللبنات الأساسيه في الإتجاه الحقيقي نحو البناء . إن هذا الحوار إذا لم يخرج بأي توصيات حقيقية ويعمل على حل المشاكل بشكل عملي ويحث على التهدئه الإعلامية التي تتبعها حمى الإستقطاب من قبل بعض الأحزاب فإنه سيكون حوار من أجل الحوار والذي يفضي إلى نتائج غير مرضية الأمر الذي يؤدي إلى صعود الخلافات السياسية بين القوى النافذة والمتحاورة. لذلك يجب العمل على إعداد دراسة خاصة بمستقبل الحوار الوطني لأن هذه لحظة تاريخية قد تجعل اليمن تنتقل إلى مرحلة ما بعد الوصول بمفهوم الدولة وشكلها وبنيتها الأساسية التي لا ترتكز على الإيديولوجيات بل على برامج التنمية الإقتصادية بشتى أنواعها.