حزينٌ على بلدي الذي قرأت تاريخه ، وتعلّمت وتربيت وعشت فيه. حزينٌ على بلدي وهو لم يستقر سياسياً وأمنياً وإقتصادياً وإجتماعياً . حزينٌ على فقراء بلدي وهم لا يجدون ما يسد رمق جوعهم ولا ما يؤمن صحتهم أو يعلّم أطفالهم . حزينٌ على أبناء وطني لأنهم يستسلمون للموت عند الإصابة بالمرض. حزينٌ على شباب بلدي حينما يحصلون على أرقى الدرجات العلمية ولا يحصلون على وظيفة عمل. حزينٌ حبنما أرى تعليمنا متدهور وإقتصادنا مُنهك وفي تراجع وأمننا غير مُستتب . حزينٌ لأنني أرى إلا الصراعات الإيدلوجية والطائفية والمناطقية فقط. حزينٌ لأن نحنٌ مشغولون بالمصطلحات السفسطائية ولسنا مشغولون بتقديم الحلول والبرامج. حزينٌ لأنني أرى النُخب والقوى لا يفكرون إلا بمصلحة أنفسهم فقط وجاعلين الوطن المغنم الأول . حزينٌ لأنني لم أرى إعلامنا وصحافتنا إلا مؤججةً للصراع وتخدم أجندةً لجهات محدده ولا تجعل الوطن في حساباتها. حزينٌ لأن الموت في بلدي أرخص شئ في الحياة بينما الطبقات الأرستقراطية والأغنياء والأقوياء مشغولون بأنفسهم. حزينٌ لأننا ننتج صراعات ونصنع أضداداً وأقطاباً ونتقسم إلى فرقاً وجماعات . حزينٌ لأنني أرى العالم يتوحد بينما بلدي يتمزّق ويتقاسمهٌ الكبار كأنهُ كعكعةً يتحاصصون عليها . حزينٌ لأنني أرى أطفال بلدي قد أختفت أحلامهم وتلاشت آمالهم وأصفّرت ملامحهم . حزينٌ لأن كل الأحزاب تريد أن تخطف الموقف السياسي وتنفرد برؤيته. حزينٌ لأننا لم نتوصل إلى شكل ومفهوم الدولة بعد ولا زلنا نحضر الدكتوراة في الفرق بين الجهمية والمعتزلة بينما غيرنا سبق عصرنا وغادر يبحثون عن تقنية النانو وسرعة الإلكترون وتطويل عمر الإنسان وعن البقاء في الفضاء أو عمل نجمٌ مصغّر على الأرض يكفي لإنارة أوروبا بأقل تكلفة .