الأمم المتحدة تكشف عن اعتقال موظفين جدد وصنعاء تشدد على الالتزام بمبادئ العمل الإنساني    مقتل مواطن برصاص مجهولين في إب    وكالة: فرنسا تسعى لاعتقال الأسد و6 مسؤولين كبار سابقين    ذمار.. القبض على امرأة سرقت أقراط طالبات صغيرات    لم تعجب الطلاب لأنك شيبة ..!    انهض ايها الجبل    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    بدعم سعودي.. افتتاح محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في مأرب    خبير موارد مائية: سدود اليمن تواجه مخاطر الانهيار    سريع يعلن عن عمليتين جديدتين في فلسطين المحتلة    حقيقة عودة المهندس هشام شرف إلى صنعاء    القائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة مفتاح يزور دار رعاية الأيتام    اليمن تتأهل لنصف نهائي كأس الخليج للشباب بعد الفوز على الكويت    بلا حدود تسجل آلاف الإصابات بالإسهال المائي في إب والحديدة وتحذر من تفشي المرض    القسام تطلق عمليات"عصا موسى" ردا على "عربات جدعون 2"    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشخصية الاجتماعية ناصر القطيبي    نقابة المعلمين الجنوبيين بساحل حضرموت تؤكد دعم العملية التعلمية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يعقد لقاءً مشتركًا مع قائد المنطقة العسكرية الثانية ومدير أمن ساحل حضرموت    النيابة العامة بعمران تفرج عن 172 سجينًا بمناسبة ذكرى المولد النبوي    منتخبنا الوطني للشباب يتأهل لنصف نهائي كأس الخليج    إصابة نجم برشلونة تزيد مخاوف فليك    وزارة الخارجية تؤكد ضرورة التزام الأمم المتحدة بمبادئ العمل الإنساني    1749 حالة استقبلها المخيم الطبي المجاني بمجمع بني حوات    المصانع الأميركية تتراجع للشهر السادس وسط ضغوط الرسوم    6 ساعات حاسمة... هل يرحل ليوناردو عن الهلال؟    خلال لقاء بالمحافظ.. إصلاح المهرة يدعو إلى تعزيز وحدة الصف ويقدم رؤية لتطوير قطاع الكهرباء    مسيرة كبرى لطلاب جامعات الحديدة والمعاهد المهنية تضامناً مع غزة    المنتخب الأولمبي يفوز على سنغافورة في التصفيات الآسيوية    تدشين المخيم الطبي المجاني لنزلاء الإصلاحية المركزية والاحتياطية بإب    الأرصاد يحذّر من أمطار رعدية في عدد من المحافظات مصحوبة برياح شديدة وحبات البرد    فريق التوجيه الرئاسي يطلع على خطط وسير عمل مكتبي التخطيط والخدمة المدنية بالضالع    علماء يستمعون إلى أحاديث نباتات الذرة مع بعضها    الشاعر الدكتور محمد الشميري: الوصول لا يحتاج إلى قدمين    من يقود الفتنة في حضرموت اليوم هو عمرو بن حبريش!    من يقف خلف عملية صعود وهبوط سعر الريال؟    أمراء الصرافة.. دولة داخل الدولة: من يملك المال يملك القرار    البرقية التي لم يعلن عنها    حيتان الفساد أثريا ما بعد التحرير... نهب منظم لأموال الجنوبيين    رسول للعالمين    تصعيد قبلي وشعبي في شبوة وحضرموت ضد استهداف النخبة    صور أقمار صناعية تكشف سرا "تخفيه" إسرائيل تحت الأرض    بيان مهم للقوات المسلحة اليمنية بعد قليل    لقاء علمائي للعلماء والخطباء والمرشدين في البيضاء بذكرى المولد النبوي    فريق في الدوري الإسباني يتعرض لهجوم شديد من جماهيره بسبب لاعب إسرائيلي    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    تطوير سماعة ذكية تكشف أمراض القلب في 15 ثانية    في رحاب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كتاب جديد للرصابي    المرة الثالثة.. ألكاراز إلى نصف نهائي «فلاشينج ميدوز»    صفقة إيزاك.. باهظة الثمن لكن منطقية.. وتحد ينتظر سلوت    عن ثلاثية سبتمبر والجمهورية والإصلاح    الأمم المتحدة تعلن إحصائية للاجئين وطالبي اللجوء اليمنيين في الأردن    ابتكار ياباني يستعيد نمو الأسنان    على هامش الذكرى.. إشهار كتاب "ثوار في رحاب الله" وزارة الثقافة وهيئة الكتاب تُحييان الذكرى ال26 لرحيل الشاعر الكبير عبدالله البردوني    بشرى النبوة    اشهار كتاب ثوار فى رحاب الله للبردوني    الرئيس الأمريكي كارتر يزور الصحفي بن سميط في منزلة بشبام    يا سر الوجود.. لولاك ما كان قدرٌ ولا إسراءٌ ولا دنيا    مشروع الطاقة الشمسية.. كيف نحافظ عليه؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطع آلاف الكيلومترات.. رحلة مضنية لشاب يمني من السعودية لفرنسا
نشر في يمن برس يوم 16 - 11 - 2020

رفض جهاد الرضوخ لواقع مرير حال دون تحقيق أحلامه، فعزم الشاب اليمني على عبور طرقات وعرة وبلدان غريبة وقارات عدة إلى أن انتهى به المطاف في إقليم غويانا الفرنسية، شمال قارة أمريكا الجنوبية.
"حين بلغت 13 عاما، أدركت أنني يمني للمرة الأولى"، يقولها جهاد مستذكرا حياته في السعودية، "ولدت وترعرعت بين مدينتي مكة وجدة".
حالما أنهى الشاب اليافع التعليم الإعدادي (صف التاسع)، بدأت حاجة ملحة تسيطر عليه لمساعدة أهله في "مصاريف المنزل"، لذا ترك الدراسة والتفت إلى العمل لجني بعض المال وإعالة باقي أخواته وإخوته العشرة.
"لم أكن راضيا عن الواقع الذي كنا نعيشه، فالعنصرية ضدنا في السعودية كانت لا تطاق"، لكن في الوقت نفسه علم جهاد أنه لا مجال للعودة إلى بلده الأم اليمن. "اختُطف خالي على يد جماعة تابعة للحوثيين وبقي مفقودا لعامين ونصف، ووالدي الذي كان يتردد إلى اليمن واجه مشاكل جمة، فهو معارض لحكم علي عبد الله صالح“، فاندثرت أحلام الشاب بالذهاب إلى مدينته حجة في شمال غرب اليمن.
أمضى اليافع عامان محاولا إيجاد أعمال يومية مختلفة، وباتت فكرة الهجرة بحثا عن الأمان والمستقبل الأفضل تسيطر على تفكيره، وفق قوله.
لم يعد جهاد اليوم ذاك القاصر الذي يبحث عن أعمال صغيرة، فهو اليوم يبلغ 18 عاما لكنه يشعر أنه "أكبر من ذلك بكثير". وبعد محاولات عدة تمكن أخيرا من الهجرة، لكنه لم يتوقع أن ينتهي به المطاف في إقليم غويانا الفرنسية، أحد أقاليم فرنسا وراء البحار، في عمق أمريكا الجنوبية.
ضرب وسجن في المغرب
عينان سوداوان ووجه أسمر مكتنز يحمل بين طياته خبايا رحلة طويلة بدأت في عام 2017، بعدما وافق والد جهاد على خطة وجد فيها المراهق ذو ال15 عاما خلاصا من الواقع المتردي. وبما أنه كان قاصرا، دفع جهاد 150 دولار للحصول على تأشيرة تمكنه من دخول المغرب برفقة والده، لكن الخطة اقتصرت على سفره وحيدا.
"وصلت إلى الدار البيضاء بمفردي، وتوجهت بعدها إلى الناظور، مصمما على دخول مليلة وتقديم اللجوء في إسبانيا"، لكن الخطة لم تسر كما يجب.
في كل محاولة لعبور السياج ودخول جيب مليلة الإسباني في المغرب، كانت الأمور تشتد سوءا "في المرة الأولى تعرضت للضرب بالعصي والحديد على يد حرس الحدود المغربي وبقيت أسبوعا غير قادر على الحركة من شدة الضرب". و في المرة الثانية، احتجزت السلطات جهاد يومين قبل أن تطلق سراحه.
بقي جهاد على هذه الحال لثلاثة أشهر، متخبطا بين محاولات العبور الفاشلة والعنف الجسدي. يقول إنه خسر أكثر من ألفي يورو، "تعرضت للنصب على يد مهربين كانوا يقدمون لي وعودا واهية للدخول إلى إسبانيا".
"شعرت باليأس، وقالت لي والدتي ارجع إلينا، لكني لم أكن قادرا على تخيّل فكرة العودة إلى ذلك الواقع البائس والوضع المادي المتردي". صمم جهاد على إيجاد خطة بديلة، لكن "التعب أضناه" فقرر الذهاب إلى الرباط لأخذ قسط من الراحة والتفكير بمصيره.
تردى وضع الشاب الصحي وأصابه ”رمد العين“ (التهاب في غشاء العين)، ولم ينجح في الحصول على أي عناية طبية. وبعد أن تواصل مع القنصلية اليمنية في المغرب، شرح وضعه وحصل على إذن خروج من المغرب ليعود إلى السعودية من جديد.
لم تثنه التجربة المريرة تلك عن فكرة اللجوء إلى بلد يحترم حقوق الإنسان ويضمن له مستقبلا أفضل.
الرحلة إلى أمريكا اللاتينية
في منتصف عام 2015، كانت جمهورية الإكوادور في أمريكا الجنوبية أعلنت عن ترحيبها باليمنيين على أراضيها من دون شرط الحصول على تأشيرة دخول. فرصة وجد فيها بعض اليمنيين طريقة لبلوغ أوروبا.
اقتضت الخطة بأن ”أصل إلى الأكوادور وأحجز من هناك تذكرة طيران إلى أي وجهة كانت، شرط أن يكون الترانزيت (توقف مؤقت في المطار أثناء العبور من دولة إلى أخرى) في إسبانيا"، خصوصا وأن هناك الكثير من الرحلات المتجهة إلى إسبانيا من أمريكا اللاتينية.
في عام 2019، همّ جهاد بالرحيل مرة أخرى، وقطع بلدانا وقارات مرورا بمصر وتركيا وبنما وكولومبيا، حتى وصل أخيرا إلى الإكوادور. ليكتشف فور وصوله أن الذهاب إلى إسبانيا لم يعد سهلا، فالسلطات كانت قد تنبّهت إلى وجود طريق تهريب من الإكوادور إلى إسبانيا وشددت إجراءاتها مانعة اليمنيين من الهبوط في مطار مدريد. تبدد الحلم من جديد.
علق جهاد في الإكوادور وتعرفّ على مجموعة من اليمنيين، فشلت محاولتهم أيضا في الذهاب إلى إسبانيا. "كنت أبحث عن أي طريقة، كان لا بد من إيجاد حل، فأنا لا أستطيع العودة إلى اليمن ولا إلى السعودية".
فكر جهاد بشتى الطرق، "استعلمت أن طريق التهريب إلى الولايات المتحدة الأمريكية خطر ويكلف ما لا يقل عن 25 ألف دولار"، يضحك متابعا "لم يكن لدي كل ذلك المال..".
المحطة الأخيرة في أمريكا الجنوبية لكنها ليست الوجهة النهائية
عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما فيسبوك، علم الشباب اليمنيون بوجود إقليم أوروبي في هذه القارة، "انبعث الأمل من جديد عندما علمنا عن إمكانية التوجه إلى غويانا الفرنسية، سعيا للحصول على أوراق تمكننا من الذهاب إلى باريس".
غابات وأنهار كان على جهاد ومن معه من اليمنيين قطعها. توجهوا إلى البيرو مشيا على الأقدام، ثم إلى البرازيل. "وصلنا إلى مدينة ماكابا البرازيلية، ومنها إلى نهر أويابوك الحدودي مع غويانا الفرنسية.. كانت رحلة منهكة".
بداية هذا العام، وصل إلى إقليم غويانا الفرنسية أخيرا، و بدأت معاناة جديدة من نوع آخر.
وبما أن الإقليم لا يوجد فيه مراكز استقبال للمهاجرين "كادا"، بقي جهاد حوالي شهرين مشردا ينام في مخيم أقامه طالبو لجوء على شاطئ عاصمة الإقليم، كايين. "كان الوضع سيء والمطر يهطل بغزارة إضافة إلى المناخ الحار".
ومع بداية الحجر الصحي وإجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، وافقت إحدى العائلات الفرنسية على استقباله في منزلها، "لم يسر ذلك على نحو جيد. كانوا يطلبون مني تنفيذ الأوامر ولم يعطوني طعاما كافيا".
"طفح الكيل"، وبعد مرور شهرين قرر جهاد الخروج، "بعد كل ما مررت به، كانت العودة إلى الشارع أهون بكثير بالنسبة لي..". ولم تمض أيام قليلة حتى التقى الشاب بناشطة فرنسية تدعى بولين، كانت قد أسست برفقة أشخاص آخرين مجموعة تقدم الدعم للاجئين.
تقول بولين، "لم يكن معقولا بالنسبة إلينا أن نرى هؤلاء الشباب اليافعين مشردين في الطرقات. كنا حاولنا سابقا جمع القليل من المال لاستئجار شقق Airbnb لكن بعد الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا لم يعد ذلك الخيار قائما".
قررت الشابة الفرنسية استضافة جهاد في منزلها. يبدو الشاب مرتاحا لكنه لا يزال بعيدا عن تحقيق حلمه بالاستقرار، فمكتب حماية اللاجئين (أوفبرا) رفض طلب لجوءه، "يشككون في أقوالي ويتهمونني أني زورت جواز سفري وأني لست يمنيا". قدم جهاد طلب استئناف قرار الرفض أمام المحكمة الإدارية، ولا يزال ينتظر الرد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.