وعد رئيس الوزراء التركي الجديد احمد داود اوغلو الاثنين بالسعي النشط للتوصل الى اتفاق سلام مع المتمردين الاكراد وتبني سياسة خارجية حاسمة تحدد فيها انقرة اجندتها الخاصة. واعاد داود اوغلو، وزير الخارجية السابق الذي تولى رئاسة الوزراء من الرئيس الجديد رجب طيب اردوغان الاسبوع الماضي، التأكيد على الاهداف الطموحة بتحويل تركيا الى واحدة من اكبر عشر اقتصادات في العالم وعضو في الاتحاد الاوروبي بحلول 2023، اثناء عرضه برنامج حكومته الجديدة.
إلاّ أنه قال انه سيتم ايلاء اولوية خاصة للتوصل الى السلام مع حزب العمال الكردستاني الذي يسعى الى الحصول على الحكم الذاتي للاكراد في المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا وانهاء التمرد المستمر منذ ثلاثة عقود والذي اودى بحياة نحو 40 الف شخص.
وقال داود اوغلو امام البرلمان "سنجري عملية السلام بتصميم سيغير مصير البلاد. وسنكثف الجهود لضمان تبني هذه العملية من جميع شرائح المجتمع". وأضاف "سننشط بطريقة اكبر وسنطيح بالجدران بين امتنا والدولة".
واكد داود اوغلو الذي انتقده المحللون بسبب تبنّيه سياسة خارجية مبالغة في الطموح اثناء توليه وزارة الخارجية، ان تركيا ستواصل دبلوماسيتها الحاسمة. وقال "لن نكون بلدا تحدد لها الدول الاخرى اجندتها".
واضاف ان "تركيا ستواصل احلال الاستقرار في العالم عبر كونها جزءا من الحل سواء على مستوى المنطقة او العالم".
وقال داود أوغلو لأعضاء البرلمان وهو يتلو البيان الحكومي الذي جاء في 189 صفحة إن "تركيا الجديدة ستكون دولة ذات شأن ورائدة وأكثر حرية وأكثر رخاء وعدالة وأعلى مقاماً".
وقال ان تركيا تهدف الى ان تصبح عضوا في الاتحاد الاوروبي بحلول 2023 وهو العام التي تحتفل فيها البلاد بالذكرى المئة لقيام تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال اتاتورك.
واشار الى ان تركيا ستعمل على ان تصبح واحدة من اكبر عشرة اقتصادات في العالم بحلول 2023، فيما سيكون مشروع القناة الجديدة الطموح في اسطنبول والذي سيخفف الضغط عن مضيق البوسفور "واحدا من اهم المشروعات في تركيا الجديدة".
واكد داود اوغلو "ان هدفنا هو خلق تركيا اقوى واكثر ثراء واحتراما وديموقراطية لتكون مثالا في العالم بسياساتها الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والاجتماعية والثقافية".
ولم يقدم أوغلو أي اقتراح على تغيير نقاط التركيز في السياسات التي اتبعها أردوغان بحماس زاد او نقص خلال توليه رئاسة الوزراء خلال السنوات الاحدى عشر الأخيرة.
وشكل داود أوغلو حكومة جديدة يوم الجمعة الماضي محتفظا بالأعضاء الرئيسيين في الفريق الاقتصادي السابق في حين عين الرجل الذي قاد مفاوضات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي وزيرا للخارجية. ونالت التشكيلة الحكومية ترحيبا واسعا من المستثمرين والدبلوماسيين.
وقال داود أوغلو إن أنقرة ستستمر في جهودها لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي وهي عملية تعثرت جزئيا نتيحة حملة إردوغان الأمنية على المتظاهرين المناهضين للحكومة في العام الماضي وإطلاقه عملية تطهير للقضاء والشرطة اللذين اتهمهما بتلفيق قضية كسب غير مشروع لتقويض سمعته.
وشدد داود أوغلو على أن تركيا ستستمر أيضا في دعم لاجئي الحرب السورية في الوقت الذي تمضي فيه قدما في الاتصالات مع المقاتلين الأكراد لتسوية نزاع مستمر منذ عقود والذي أسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص. ولكنه أشار إلى أن تحقيق تقدم في التطبيع مع اسرائيل سيكون ممكنا فقط إذا أوقفت الدولة اليهودية الهجمات على غزة ورفعت حصارها عن القطاع وهو ما أعده محللون بمثابة صفعة لاسرائيل .
وركز برنامج الحكومة الجديدة على بناء اقتصاد قوي، مفنّداً السياسة النقدية التي صعدت الصراع ضد التضخم لكنها أيضا دعمت النمو وأمنت المزيد من فرص العمل عندما لا تتناقض مع جهود تحقيق استقرار سعر السلع. وكان اردوغان ناقدا مستمرا لسياسات البنك المركزي أثناء توليه رئاسة الوزوراء وكان مصرا على أن الفوائد العالية على القروض كانت السبب الرئيسي للتضخم في تركيا ودعا إلى خفض كبير في أسعار الفوائد.
وجاء في البيان الحكومي "سنتبع مسارا يزيد من إمكانات النمو ويخلق حلولا طويلة الأمد للمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد" مركزا على دعم برامج المدخرات المحلية والترويج للصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة. وشدد البيان على أن البنك المركزي سيستمر في وضع سياساته النقدية بشكل مستقل مشيرا في الوقت عينه إلى أن إجراءات هيكلية ستتخذ لتخفيض العجز في ميزان المعاملات.
وأكد الناطق باسم الحكومة بولنت ارينك اليوم الاثنين أن نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية علي باباجان يتحمل المسؤولية الكاملة عن الاقتصاد في الحكومة الجديدة وهو تصريح من المرجح أن يهدئ المخاوف من نزاع على الصلاحيات. وأثار تعيين نعمان كورتولموش -نائب رئيس حزب العدالة والتنمية المسؤول عن الملف الاقتصادي- كنائب لرئيس الوزراء قلق بعض المحللين من تضارب صلاحيات النائبين.
وشكل باباجان إلى جانب وزير المالية محمد شيمشك جزءا من فريق اقتصادي كسب احتراما كبيرا وساعد في توجيه دفة الاقتصاد التركي على مدى عقد من النمو والاستقرار.