قال أحد رجال الدين إن سبب فقر هذه الأمة وتخلُّفها هو بُعدها عن الله.. فعرفتُ أن اليابانيين والصينيين هم أقرب الخلق إلى الله. وطالما أن الحديث الشريف يقول: خير الناس أنفعهم للناس، فهؤلاء هم خير الناس، لأن العالم كلُّه عالةٌ عليهم ويأكل ويلبس من خيرهم. يهرفُ بعضُ رجال الدين بما لا يعرفون أحياناً، ويأخذون الكلام على عواهنه، دون أن يعرفوا أن المستمع لم يعد بليداً ولا مُنقاداً لكلِّ كلمةٍ يقولونها. كيف يريدون أن يقترب الناسُ من الله وهم يخوِّفونهم به، وبعذاب القبر، ومنكر ونكير، والشجاع الأقرع!! كيف سيعرف الناسُ رحمةَ الله وهؤلاء يحولون بينهم وبينها، ولا يحدِّثونهم إلا عن الرعب والخوف والنار!! قبل أسابيع كرَّس خطيب الجمعة- الذي بجوارنا- خطبتي الجمعة لشرح اسم من أسماء الله الحسنى، وقد أسهب، دون علمٍ، في شرح معنى اسم "الجبَّار".. وقد أكَّد أنه من الجبروت، ويعني الشِّدَّة والقوة والبطش، واستشهد بحكايات وأقوامٍ أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، كما أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليمٌ شديد. كنت أقول بيني وبين نفسي: نحن الآن في بيت الله، وتحت سقفه.. فكيف يخيفنا هذا من الله ونحن في ضيافة الله؟ حين تدخل بيتَ الله تكون في ذمته، وتحتفي بك ملائكته.. فكيف يأتي هذا الرجلُ ويقطع خيطَ الأمان والحبِّ الذي يربط بين العبد وبين ربِّه!! نحن نعبد الله بحسن الظن، ونؤمن أنه الرحمن الرحيم، وظننا به نابع من محبتنا له.. فشتان بين من يعبد الله خوفاً ومن يعبده محبَّة. قلت لهذا الخطيب بعد أن خرجنا من المسجد: أرعبتَنا بخطبتك يا رجل.. فقال لي: لا بد أن نخاف من الله حتى لا نعصيه. ذات يوم سألتُ جدَّتي عن معنى اسم الجبَّار.. فقالت لي: الجبَّار هو الذي يجبر الكَسْر، ويجبر الخاطر. حفظكِ الله يا جدتي.. إلى الآن لم يصلهم هذا المعنى!!