تقولوا رئيس الوزراء بكى على شهداء العرضي، وإلا قد قالوا له: عيب، البكاء مش للرجال!! يا رئيس الوزراء، أنت شفت الفيديو حق العرضي.. يعني بعد هذا تقدر تقيل وزير الداخلية ووزارة الدفاع؟أعرف أنك عاجزٌ عن هذا، وعاجز حتى عن فعل شيء يلمِّع وجوهكم. الفيديو الذي تم عرضه ليلة الأربعاء كان وحشياً أكثر مما تتصوَّر الوحوش، إلى درجة أن الذي لم يسمع بجريمة العرضي سيعتقد أن ذلك الفيديو إعلان لمسلسل وادي الذئاب، أو توطئة لفيلم رعب هوليودي.. حتى في أفلام الرعب تكون هناك مسافة بين الطلقة وبين القتيل.. مسافة يحِّدق فيها القاتل إلى عيون الضحية.. مسافة صامتة.. مسافة لموسيقى مرعبة..مسافة لقول كلمة قبل انطلاق الموت من فوهة البندقية.. مسافة لانتظار آخر نبضة تتوقف.. مسافة لقول شيء على مسامع الضحية، ولو من باب التشفِّي.. لكن ما حدث في العرضي لم تكن فيه مسافة لتغطية وجوه القتلة السافرة من كل شيء. أي وحوش هؤلاء.. لمجرد القتل فقط، قتلوا الأطفال، ولاحقوا الممرضات برصاصهم إلى الحمامات، وقتلوا الوطن في أروقة مستشفى مليء بالمرضى والأطباء!! كان هناك أشخاص حشَرَهم الخوفُ في أحد أروقة المستشفى.. فجأة ظهر رجلٌ ظنُّوه مخلِّصاً حين دخل إليهم من الضوء المنبعث من الباب مرتدياً بزَّة عسكرية..تطاولت أعناقهم إليه، ومدُّوا أيديهم يستغيثون به، وهو يمشي واثق الخطوة.. دقَّقوا النظر في ملامحه.. لم يكن عسكرياً.. لم يكن آدمياً..لم يكن إنساناً..كان وحشاً مفترساً جمَعَ كلَّ أنيابه وحقده في قنبلة ألقاها عليهم وأدار لهم ظهره بهدوء، كأنه تفضَّل عليهم بشربة ماء وأخفى وجهه عنهم بسرعة قبل أن يسمع كلمة شكر، لأنه لا يريد منهم جزاءً ولا شكوراً. أمام هذه الجريمة تتضاءل اللغة، وتبقى الدمعة هي الأبجدية المتاحة.