لا أدري إن كان الرئيس السابق يتلقَّى شائعات موته المتكررة بألم، أم يجد فيها كنووي ريمة حميد وتغريدات طامح مدعاة للسخرية من خصومه، ويشعر بالزهو وهو يجد نفسه- رغم تخليه عن السلطة- لا يزال محور تفكير الخصم قبل الصديق والقلق المهيمن على عقول ألِدَّائه في كل شاردة وواردة، لدرجة أن وردة حمراء على جاكتته أو حفل بعيد مولده يستنفر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. لست هنا في معرض الدعوة لوقف الشائعات عن الرجل واستعطاف مطلقيها وتهذيب أخلاقهم، فذلك بعيد المنال وضرب من المحال، وليس غرضي تفنيدها فأغلبها إن لم يكن جميعها بيِّنة السخف للشخص الاعتيادي، لكني ألفت النظر إلى الجانب الخطر في فوبيا صالح. منذ صعود الرئيس هادي، والإعلام يتحدَّث عن مؤامرة انقلابية يتزعَّمها الرئيس السابق، تارة منفرداً وأخرى مع القاعدة والحوثي والحراك، أو مع أحدهما بدعم إيراني أمريكي، وبعد 30/6 أضيفت السعودية والإمارات إلى المتآمرين.. صحيح أن توليفة المؤامرة الانقلابية على هذا النحو مضحكة جداً، ولكن هناك حقيقةً من يأخذ الأمر على محمل الجد، ومن الشباب المتعلم خصوصاً، يعقدون اجتماعات الخوف المشترك ويحضُّ بعضهم بعضاً على شراء السلاح، ويتبادلون رسائل قصيرة تطلب الدعاء لدفع الشر. ليس الإعلام والخطاب السياسي لرموزهم فقط، وإنما هناك تعميمات تغذي هؤلاء الشباب بالمزيد من الخوف على حياتهم وبلدهم ومقدساتهم وقيمهم، وتشعرهم بأن كل ذلك مستهدف. ثقافة المؤامرة، إن جاز تسميتها ثقافة وطغيان الولاءات الخاصة وهالة القداسة التي تحيط بالرموز والقادة في تنشئة بعض التنظيمات العقائدية لكوادرها، وميل الناس الفطري لتقبُّل الخرافة في تفسير ما يجهلون، كلُّ ذلك يجعل من وجود غواصة نووية في فج عطان أمراً متقبلاً عند شريحة من الناس، كما يتقبَّل البعض أن ملايين المصريين الذين خرجوا في 30/6 فوتوشوب للمخرج خالد يوسف. هناك سلطان خوف تُدار به شريحة من الشباب، بجعله إرباك المشهد السياسي وغياب الأمن أكثر سطوة في التأثير من إغراءات الحور العين في مشاريع الجهاد المستقبلية، والتناسب عكسي بين ضحايا المستقبل وبين من سنشعرهم اليوم بالاطمئنان.