أخرج الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" المارد من محبسه، ونسي كيف يعيده إن تمرد عليه.. وهذا ما حدث مع المتمردين الحوثيين الذين فاجأوه بحصار عاصمته "صنعاء" وقد عبَّدوا طريقهم إليها بإسقاط "عمران" وإرغام القبائل الموالية للإخوان المحيطة بالعاصمة على التخلِّي عن إرثها التاريخي بمختلف الذرائع. - أحاط "هادي" مستشارون خبثاء أقنعوه بحيادية الجيش في معارك الطوق المحيطة بصنعاء، ويبدو أنه كان مستمتعاً بمشاهدة معاقل "الإخوان" القبلية تتساقط أمام عتاد الحوثيين الحربي، وقد أسهم إصرار الإخوان على عدم إزاحة قادتهم العسكريين بالكثير من الضرر النافع لخصومهم القادمين من "صعدة"، وهم يرسلون إشارات طمأنة للرئيس الذي ظن أنهم لن يمسوا عاصمته، ولكنهم اليوم بداخلها وعلى أسوارها يخيِّمون بغضب ويطالبون بإسقاط الزيادة السعرية في مشتقات الوقود وإقالة حكومة الوفاق سيئة الصيت. - حاول الرئيس "هادي" مجاراة سلفه السابق في الرقص على رؤوس الثعابين، لكنه فقد بوصلته ومزماره فحاصرته الثعابين، حتى مطار عاصمته الدولي صار في قبضتها.. ولا مجال للهروب سوى المواجهة. - لا أدعو للحرب، لأنها ستكون مخيفة حقاً، وما أتمناه أن يشكِّل هادي حكومة جديدة تنمِّي شعور مواطنيه بالثقة المهترئة في إدارته التي عطَّلت موازين البلد المعقَّد، والعمل بحكمة على نزع فتيل القنبلة المشتعلة بعد فشل مفاوضات وفده الرئاسي مع زعيم "الحوثيين". - أراد "هادي" اتهام "صالح" بالوقوف وراء سقوط "عمران" التي التهمها الحوثيون بسبب سوء تقدير وزير دفاعه الذي أوعز إليه الاستفادة من نتائجها والضغط على السعودية بدعم مفتوح لمواجهة الخطر "الحوثي"، في مقابل إرضاء الأميركيين بإشعال فتنة طائفية محاكية لما يحدث في "العراق"، وهو ما تجلَّى في مجازر الذبح لجنود أبرياء ينتمون لمدينة "عمران" على أيدي "دواعش حضرموت"، إضافة إلى تحفيزه للمناطق السنية الشافعية في محافظتي "إب" و"تعز" للخروج بحشود ضخمة مندِّدة بحصار الحوثيين "الشيعة" للعاصمة صنعاء. - إنها مغامرة مؤلمة وفرز طائفي مقيت سيحكي الزمن القادم بامتعاض عنه وعن فاعله الرئيس "هادي".. هذا ما أجزم به وأراهن عليه ولا أتمناه. - في قرية صغيرة اسمها "دثينة" بريف "أبين" جنوباليمن، ولد الرئيس "هادي" قبل سبعين عاماً، وفي تاريخ الكوارث الإنسانية من يتحدث عن "براقش" التي نبحت فقضت على شعبها الذي لم يستمع لعيني "زرقاء اليمامة"، وقد علق المؤرخون على تلك الكارثة بإيجاز (على نفسها جنت براقش)، وفي اليمن اليوم يقول الجميع (على نفسها جنت دثينة). وإلى لقاء يتجدد.