إن رفع الدعم عن المشتقات النفطية "قرار وطني بمعنى الكلمة، أجمعت عليه الأحزاب".. وفي خطاب آخر قال: "اتُّخذ هذا القرار الوطني بالتضامن الكامل، من جميع القوى السياسية، والحزبية، والمجتمعية"!.. وفي مناسبة أخرى قال: "هذا القرار الوطني، أجمعت عليه الحكومة، ومجلسا النواب والشورى، والقوى السياسية، والحزبية".. طيب، المؤتمر غير راضٍ عن الجرعة، وحزب الإصلاح غير راضٍ، وقد اقترح تخفيض ألف ريال، وأمس قال إن شباب ثورته سيعودون مجدداً للساحات لإسقاط الجرعة.. كذلك الاشتراكي غير راضٍ عن الجرعة، والناصري يرفضها صراحة.. فالأمر لا يقتصر على أنصار الله. وقال رئيس الجمهورية: "كنا نتمنى ألَّا يتم رفع فلس واحد من دعم المشتقات".. وفي ثاني كلام قال: "أنا في واقع الأمر أدرك حقيقة معاناة شعبنا".. وفي الثالث قال: "نحن نعلم بعض الآثار السلبية التي ستلقي بظلالها على كاهل المواطن".. وفي الرابع قال: "إن الحوثيين يستغلون معاناة المواطنين".. يعني الرئيس نفسه غير راضٍ عن الجرعة، ويعترف بمعاناة الناس منها، ولكن على الناس ألَّا يعبروا عن ضيقهم، وألَّا يسمحوا لأحد باستغلالهم. وقال: "رفع الدعم عن المشتقات النفطية كان خياراً لا بد منه".. وقال: "خيار الضرورة".. وقال: "لو استمر الدعم سينهار الوضع حتمياً".. وقال: "ستكون العملة الوطنية الريال في وضع صعب مقابل العملات الأجنبية، وفي مقدمة ذلك الدولار الأمريكي".. وقال: "الأوضاع الاقتصادية في بلادنا قد وصلت إلى مرحلة حرجة، وتهدد بالانهيار".. وقال: "لم يكن أمام الحكومة من خيار".. وقال: "رفع الدعم كان السبيل الوحيد من أجل عدم سقوط الاقتصاد الوطني".. طيب، من الذي أوصل البلاد إلى هذا الخيار الصفري؟ من الذي بدَّد الأموال العامة، ومن تسبَّب في الانهيار الاقتصادي الحتمي؟ أكيد فساد وفشل وعجز باسندوة ووزرائه، فلمَ لم تقل لهم قبل نشوب الفأس بالرأس؟ والخلاصة.. إن لا أحد راضياً عن رفع الدعم، بما في ذلك الرئيس نفسه.. وأن رفعه كان ضرورة لتحاشي الانهيار الحتمي، لكن يبقى الفاسدون، الفاشلون، العاجزون، المتسببون في ذلك على كراسيهم، ويُلقى عجزهم، وفسادهم، وفشلهم، على كاهل المساكين.. باسندوة وثلاثة من وزراء الإصلاح وزعوا تريليون ريال من المال العام على مقربين، وجمعيات وجامعات أهلية، في العامين الماضيين.. ووظفوا ألوف الأشخاص في الجهاز الإداري للدولة، من باب المكافأة والمواساة الثوريتين، برواتب سنوية قدرها 400 مليار ريال.. ثم يقال بعد هذا إن الجرعة كانت ضرورية لزيادة الموارد، وتحاشي الانهيار..كلام!!