أخطر نتائج عمليات الإبادة التي نفذتها الطائرات (العربية) ضدنا في اليمن ليست في عدد الضحايا من شهداء وجرحى، ولا في الدمار الذي حدث، ولا الحقد الذي عبر عنه العدوان وترحيب قيادات حزبية وشخصيات عامة وتزامن مع خطاب كراهية وحقد وسقوط أخلاقي؛ ليس كل ذلك رغم قسوته وشدته بل في العنوان الذي يحمله (الإنسان العربي المسلم أشد عنفاً وحقداً ولؤما وطغياناً وانفلاتاً من القيم والأخلاق والإنسانية ضد نفسه ممثلاً في أخيه المستهدف بالقتل والفناء من أي كائن آخر)، وما يمنعه عن ذلك هو العجز فقط عن امتلاك القوة الغاشمة والقدرة على ارتكاب الفظائع دون أي مبرر أو سبب، العدوان على اليمن بهمجيته والمصاحب بالجيوش الإلكترونية المنحطة وبالشخصيات الإعلامية التي تبرر للعدوان وتتشفى وتبتهج بالقتل والدمار الذي يحدثه هذا العدوان، وهؤلاء -الساديين والمازوكيين- فاقوا عنف المتطرفين والغلاة الذين تجسدهم العمليات التي تنسب لداعش، لأن داعش تذبح وتحرق بالنار وتمثل بجثث من تفترضهم خصوما كأفراد أو بهدف إضعاف الخصوم وخلق حالة رعب لتسيطر وتحكم ولها منظومة فكرية وإن كانت منحرفة إلا أن بالإمكان فهمها ونقدها والجدال حولها، بينما قادة العدوان الهمجي على اليمن ونجومه وعملائه وجيوشه الإلكترونية الوقحة يقتلون للقتل دون سبب ودون غاية وهدف إلا الإيغال في القتل وإلحاق الضرر باليمن الإنسان والحضارة والتاريخ لاستعراض القدرة على الفتك وارتكاب المجازر وليثبتوا للعالم أن كل أعداء العرب والمسلمين التاريخيين والمعاصرين أكثر إنسانية وأرحم بالإنسان العربي المسلم من نفسه، وأن الإنسان العربي المسلم -كما مثّله هؤلاء- كائن شرير دموي مجرم (الأعراب أشد كفراً ونفاقاً) لا يجوز أن تتاح له الفرصة لامتلاك الحرية والقوة والمنعة، وأن أي عنف يوجه ضده من الصهيونية أو الاستكبار العالمي مبرر ومعقول ومقبول؛ لأن فيه حماية للإنسان الأعرابي من نفسه، العدوان بصوره القذرة والخطاب الإعلامي المؤيد والمبرر له والساكت عنه الهدف منه تمزيق نفسية الإنسان العربي المسلم ومسخ شخصيته وعقيدته وثقافته وتحويله إلى قبح محض وشر مطلق، العدوان يهدف إلى تصوير الإنسان العربي المسلم ككائن معدوم الضمير مجرد حتى من الغريزة التي تمتلكها أشد الحيوانات الجارحة فتكاً (غريزة الأبوة والأمومة وحب الذات) لأنه في سلوكه كالحيوان المسعور الذي يمثل الخطر في وجوده، وأقبح ما في الموضوع أن تتجسد هذه الصفات والسمات الشريرة في رموز ثقافية وسياسية ودينية بل وأحياناً شخصيات مهنية يفترض أنها تمتلك بحسب مهنتها قيما إنسانية كالأطباء (على سبيل المثال رياض ياسين طبيب المسالك ومروان غفوري الموشى بكم لا بأس به من المعرفة الإنسانية بالإضافة إلى كونه طبيبا كما أظن)، اللذين يمثلان في خطابهما مع اختلاف أسلوبيهما منتهى الحقد والكراهية على الذات ممثلة في الإنسان اليمني أو حتى الجنوبي ومنتهى بلادة الشعور والحس الإنساني، وأقبح منهم وأشد مسخاً دعاة حقوق الإنسان ورموز مجتمع مدني كعز الدين الأصبحي الذي يتولى منصب مسئول الدعاية لتبرير القتل والعقاب الجماعي لشعب بأكمله، ومثله حقوقي وقانوني ضليع كمحمد المخلافي الذي ظهر ليوقع على رسالة العار الموجهة لإلههم أوباما لطلب استمرار العدوان لإثناء الولاياتالمتحدة عن توجهها في وقف الحرب، ناهيكم عن توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام وصمت المنظمات الحقوقية اليمنية عن إدانة وتوثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في الداخل بالنسبة لا يقل جرما وقبحاً وسقوطاً عمّن يبرر العدوان ويشكر المعتدي ويساوي بين الضحية والقاتل بل ويحمل غير المجرم المسؤولية، أو يخفف من مسؤولية المجرم المعتدي بإشراك غيره معه في المسؤولية، باختصار نفتقد في هؤلاء بعض ما تتحلى به أشرس الحيوانات المسعورة، لم أشر إلى الرموز السياسية المؤيدة أو المتواطئة مع الجرائم التي ارتكبت لأن بشاعة موقفها لا يحتاج إلى ذكر، يستوي في ذلك الذي رحب بالعدوان ومن سكت عنه ويسعى لاستثمار نتائجه، معركتنا ليست فقط ضد العدوان العسكري بل الأهم مع العدوان الأخلاقي والفكري الذي قدم العربي المسلم في صورة وحش مسعور لا يحكم سلوكه أي قيمة أو منطق.