برغم تجربتنا القاسية مع العدوان.. لكن تجربتنا مع الحوار كانت أسوأ وأشد وأقسى بكثير جدا.. كانت كل عمليات القتل والتفجيرات والاغتيالات، والمصائب كلها، تنزل على رؤوسنا دون توقف.. مع فارق أننا في الماضي كنا نتلقى كل تلك الضربات ونحن غارقون في عمانا.. لا نعرف من المجرم الذي يفعل بنا كل ذلك.. فقط نتخبط ونتبادل الاتهامات.. الآن أصبحنا نعرف عدونا وغريمنا تماما.. الآن نعرف من الذي سفك دماءنا.. ومن البداية.. وهذه هي ميزة العدوان.. فعدونا الحقيقي كشف عن نفسه.. ومن المفترض أن ينال جزاءه.. وهذا ما سيتم بإذن الله.. أقول ذلك لسبب.. وهو أن الحوار الذي تم في الفترة الماضية بطريقتهم، لم يكن حلا أبدا.. بالعكس، كان ذلك الحوار هو السر والغطاء لكل المصائب والفتن التي انهالت علينا.. سواء التي سبقته، والتي لم تكن سوى مقدمة له، أو التي صاحبته، وحتى التي لحقته، والتي كانت نتيجة طبيعية له، بل إن ذلك الحوار المشئوم في الواقع.. كان هو السبب والمبرر الأساسي للعدوان الذي يُشن علينا اليوم.. لأن ذلك الحوار ببساطة لم يكن سوى مجرد غطاء باهت لعملية مكشوفة ومفضوحة لتفتيت وتمزيق البلد.. ومع اقتراب وكثرة الحديث عن حوار جنيف، وجب التذكير بتلك الكارثة الكبرى التي لا زلنا عالقين في نتائجها إلى الآن، والتي أسموها بمؤتمر الحوار الوطني الشامل.. أو ما اتفق على تسميته بحوار الموفنبيك.. سيئ الذكر.. عسى أن نتعلم ونستفيد ولا نكرر نفس الكارثة.. سواء في جنيف أو في غير جنيف لأننا إذا فعلنا فسنكون حينها مستحقين لكل المصائب والفتن والكوارث التي ستنهال على رؤوسنا دون توقف.. ولا عزاء للأغبياء.