لا تقم بعمل لا تعرف نهايته!! مثل عالمي دعاة إسقاط الجمهورية والوحدة منذ 1967 وحتى اليوم، يلتقون مجدداً في خندق القبول بوثيقة بنعمر التي ستصبح شبكة ألغام مهيأة لتفجير اليمن أفقياً وعمودياً في الغد المجهول وهذه الأطراف هي نفسها من تبنت خطة الربيع الصهيوني والفوضى الهلاكة التي صنعتها أمريكا ودوائرها وهي نفسها من ترفض اليوم أن يمنح الشعب حقه في الاختيار والتصويت برفضها للمرة الثالثة الديمقراطية التعددية والانتخابات الرئاسية وترفض الالتزام بنص العهد الضامن لعدم انقسام اليمن وتقسيمه وهو نص المبادرة الخليجية. حلول الموفنبيك خارج الواقع اليمني. إدخال النظام الفيدرالي إلى اليمن والعمل به يحتاج لعقود من الزمن، ليس لأنه جاء من عقلية خارج العقلية اليمنية وخارج مناخها وظروفها ومزاجيتها الخاصة فقط! بل لان الطريقة التي يبنى عليها المتحاورون فكرة تجربتهم، طريقة تمت تحت ضغوط ومؤامرات دولية معروفة، ناهيك من كونه نظاماً معقداً ومفتوحاً على التأويلات المستمرة وليس دستوراً واحداً! وهو ما يتيح المجال للنخب والفئات والتيارات ومراكز القوة لان تفسر الفيدرالية بحسب هواها الخاص حتى وان تم تحديد النظام الخاص بالدولة بشكل عام إلا أن الفيدرالية في إطارها تحوي فيدراليات أخرى وهو ما يعني إمكانية خلق طرق بل والآلاف من الطرق لأصحاب مراكز النفوذ للاحتيال ليس على قانون الدولة لان الدولة ستصبح صورة بل على القانون الفيدرالي على مستوى الإقليم وعلى مستوى المدينة والمديرية التي يتيح النظام الفيدرالي لكل منها ان تحدد لها نظاماً خاصاً للحكم والإدارة!! الإصرار على الفيدرالية.. لماذا؟! أمريكا وبريطانيا وبنعمر يعلمون تمام المعرفة والعلم ان الفيدرالية ليست حلاً ورغم ذلك يصرون على اعتبارها الحل الوحيد.. فلماذا؟؟ الجواب: لسبب بسيط باعتبار الفيدرالية هي الغطاء المناسب لوصفة تقسيم وتمزيق العرب ولذلك يتمسكون فيها بقوة لما يرونه فيها من عامل محفز لنشر الفوضى وتقسيم اليمن إلى دويلات تتحكم بها أمريكا وبريطانيا وإيرانوتركيا شركاء النظام الإقليمي الجديد!! ومن يقول بأن أمريكا والغرب حريصون على عدم تفجير اليمن نظراً لاعتبارات إقليمية، فنقول له إنك واهم؛ لان اليمن الآن هي البوابة الجنوبية لتفكيك السعودية التي تشهد مؤامرة أمريكية تركية إيرانية هي الأخرى!! والمثير أن جمال بنعمر ليس خبيراً وإنما وسيط ورغم ذلك يتاح له لتقديم مقترحات، والأخطر أنه يفرضها بقوة مجلس الأمن!! الفيدرالية ستحول الناس والقانون إلى برج عاجي كل فرد يرطن بلغة لا يفهمها إلا هو، حيث من المتوقع أنه سيصبح لكل منطقة قانونها الخاص، وهذا لا ينطبق على المنطقة والإقليم الآخر، بمعنى أن المواطن لن يناسبه الوضع المعقد وسيتوه في أدراج القانون، بل إنه إذا ما فكر باقتناء نسخة من القانون سيكون عليه شراء مجلدات قد تصل بالأطنان إذا أراد فهم قوانين وطنه وبلده الحبيب!! فما هي هذه الوصفة المسماة الفيدرالية وهل كانت مطلباً شعبياً أصلاً في 2011؟ ألم يكن مطلب الجماهير في 2011 واضحاً من الطرفين! وهو الدولة الوطنية القوية التي تحفظ حقوق المواطن وتوفر له العيش الكريم والعدل والمساواة أبرز سماتها؟! وإزاحة الفساد والتغيير الديمقراطي السليم والتبادل السلمي للسلطة!! مشروع امبريالي تحت غطاء الفيدرالية إن نظرة حول العالم سنجد أن الدول التي فيها فيدرالية ليست كلها مستقرة وفيها ازدهار مثل أوكرانيا وغيرها من دول أوروبا كذلك هناك دول استقرت بالفيدرالية مثل أمريكاوفرنسا والأخيرة لاتزال حتى اللحظة يملؤها هاجس العودة لنظام الجمهورية المركزية الواحدة، لأن الفيدرالية ليست حلاً لكل مشاكلها بل تسبب لها مشاكل!! وهو ما ينفي تطمينات ووعود المنادين بالفيدرالية بأنها الحل الوحيد والسليم!! إذ أنها ليست حلاً بل مشكلة معقدة في دول مثل أوكرانيا وبنفس الوقت حلول معقدة في دول أخرى مثل فرنسا تسبب مشاكل!! ناهيك عن أنها، وهو الأهم، عبارة عن مشروع امبريالي أمريكي صهيوني يريد ابتلاع مناطق الثروة النفطية لصالح شركاته الخاصة وعزلها عن الصراع الإقليمي الدولي والمحلي الداخلي وفرض حماية مطلقة على هذه الأقاليم التي تعيش فوق النفط والتي تجري فكرة عزلها مستخدمين أشد وأقذر الأساليب اللاإنسانية بنشر ثقافة العنصرية والطائفية والمناطقية والكره للآخر!! ويعملون بقوة على الدول المستهدفة والمراد فيها تقسيمها بحجة إعطاء التظاهرات وحركات التمرد حقها في التعبير أو ضرورة السماح للانفصاليين، مثلاً، بالمناداة بحقوقهم والأمر ليس حصراً على اليمن، ففي ليبيا جرى تقسيم برقة بدافع عرقي، وفي السعودية يخطط لفصل المنطقة الشرقية بدافع طائفي، وفي العراق نجحوا بفصل إقليم الأكراد وتحويله لدويلة قزمة بدافع عرقي ويريدون الآن تقسيمه إلى إقليمين "سني وشيعي"، وما نشاهده الآن ويومياً من تساقط للعشرات في المساجد والتفجيرات إنما هو عمل مشترك للمخابرات الإيرانية والأمريكية التي تريد زيادة الفرقة بين السنة والشيعة في المناطق ثم دفعهم لتبني فكرة إقليم سني وشيعي مضطرين، وهكذا يرحل كل مواطن عراقي من مدينته وقريته التي ولد فيها إلى إقليم آخر ومدينة وقرية أخرى خوفاً من القتل الطائفي!! فتتحكم إيران وبريطانيا بالإقليم الشيعي وتتحكم تركياوأمريكا بالإقليم السني!! وتبقى الأكراد خاصة بالأمريكان!! وما يجري هناك حتى الآن من قتل يومي وتفجيرات كارثية ليست في حقيقتها سوى صراع على الحسابات الدولية وكم تكون حصة كل الشركاء!! خدعة النفط المكتشف في الشمال ودورها فيما يحدث!! الأمر نفسه سيصبح في اليمن بل ويكاد يحدثنا الحوار الموفنبيكي عنه.. فبريطانيا وإيرانوأمريكاوتركيا يتقاتلون على الجنوب والثروة النفطية التي في حضرموت وشبوة وسقطرى!! ولذلك جرى تحويل الأنظار وخداع الجماهير كي يتوقفوا عن مراقبة تحركات هذه الأطراف في الجنوب حيث الكنز وذلك حالما كشفت قناة سكاي نيوز الامريكية تقريراً سرياً يقول إن هناك ثروة هائلة قبل بداية الحوار بأيام قلائل.. وحالما شكل الخبر لفتة كبيرة وبدأت الناس تنتبه للحوار الوطني وتحذر من التآمر على الوحدة الوطنية وعدم ترك الجنوب للأطماع الدولية، لم يرق الأمر لهم فسعوا إلى خداع الجماهير وتشتيت الخبر ونقله إلى مكان آخر يشتبه فيه بأنه نفطي قائلين إن النفط الهائل المستكشف هو في الجوف الشمالية التي على حدود السعودية. ولذلك قلنا قبل سنة من الآن في إحدى مقالاتي في شبكات الانترنت، إن عدم الإفصاح عن النفط المكتشف في اليمن لا يعني إلا أن الصمت الرئاسي والحكومي أحد أهم أجزاء خطة تقسيم اليمن باعتبار التعتيم مطلوباً الآن أمريكياً!! باعتبار التعتيم والصمت وإرباك الجماهير في حكايات أخرى كنفط الجوف الذي تسرقه السعودية ليس كذباً وتعتيماً على الحقيقة وليس إلا تحركات في إطار إخفاء حقيقة الدعم والتحرك الأمريكي الجنوني الهستيري لقضية انفصال الجنوب وحضرموت تحديداً!! خيالات الحوار تبشر بسقوط الدولة مجدداً إن الخبراء والمتحاورين في الموفنبيك عن يمن في خيالاتهم وليس في الواقع!! يقنعون أنفسهم بكلام منطقي ويسوقونه لنا على انه علاج منطقي!! حتى وان بدا شكله منطقياً أو مقبولاً، فإنه يظل مجرد تنظير يحتاج لواقع عملي لتجربته!! وبالتالي فعندما تدخل الدولة بأكملها في تجربة كاملة وشاملة، فإنها تصبح ذلك المعتوه الذي يتعاطى الافيون والهروين للهروب من مشاكل واقعه رغم أنها تولد له مشاكل تنهي بنيته الجسمانية بالكامل!! ولذلك لاحظوا مساعي العميل المزدوج وإضرابه والقوى الخارجية الاستعمارية في دفع اليمن لأن تدخل في تطبيق التجربة ليس جزئياً وإنما كلياً، والخطورة أن هذا يأتي مع عدم الاحتفاظ بشكلها الأصلي في حال قررت العودة إليه بعد فشل تجربتها الجديدة!! هذا الكلام خطير وخطير جداً وإذا استمرت الدعوات لإلغاء شكل الدولة القديمة ومحاولة تطبيق التجربة الفيدرالية على اليمن بالكامل وليس على إقليم واحد أو منطقة معينة أو محافظة معينة أو حتى ثلاث محافظات من باب التجربة لخمس سنوات، فمعناه أن الهدف من حوار الموفنبيك ليس إلا إلغاء كيان اليمن بالكامل وإدخاله في بحر من الإشكاليات التي ستولدها الفيدرالية فوق المشاكل القديمة والحالية في البلد منذ خمسين سنة!! الفيدرالية.. وصفة لتفتيت اليمن الفيدرالية قائمة كمشروع لتفتيت اليمن وليس لحل مشاكله لسببين رئيسيين الأول: أنها حلول لشعوب أخرى غير متجانسة فيما بينها وتم استيراد التجربة من الخارج ولم تكن دعوة محلية أو حاجة محلية للشعب وخياراته!! مثلاً هل سمعتم أحداً يكلمكم عن الفيدرالية من قبل!! هل تعرفون شيئاً عن الفيدرالية!! بالنسبة لي كباحث فإني قضيت فترة لا فهمها وحين فهمتها سألت نفسي من سيفهم جماهير الناس بهذا الكلام!! بغض النظر عن أنها لا تنفع أبداً لحل مشاكلنا القائمة بتوحيد ولم شمل الأمة في قرار ومصير ومائدة واحدة. الثاني: الفيدرالية ليست إلا تكريساً للأنانية وهي جاءت كحاجة لنخبة من الأشخاص والجهات التي فقدت حظها في الحصول على الثروة والجاه والمنصب ولذلك تحاول ان تروج لها لدرجة أنها تقاتل عليها!! هل سمعتم ان احد الأطباء يهددك بالقتل إذا لم تشترِ العلاج الفلاني، واللقاح العلاني!! بالتأكيد كلا.. إذاً فما هو هذا الإصرار الذي تمارسه شخصيات ونخب الفيدرالية لدفعنا لتبني الفيدرالية كحل وان لم نقبل فإنها لن تقبل أن يعيش من هم خارج منطقتها جوارها أو عليها!! إنه الجنون الرسمي والعملي والتزييف الدولي لحقائق عمرها سبعة آلاف سنة، وهي حقيقة ان العرب شعب واحد، وان اليمنيين أصل هذا الشعب الواحد!! وإذا قبلنا بفكرة أن الشمالي لا يعيش ولا يستثمر في الجنوب والجنوبي ليس يمنياً ويجب أن يعود إلى الجنوب الممزق والمنهوب والملحد والعلماني و..و.. الخ!! كما بدأت مؤخراً حركة لا يستبعد أن يكون وراءها نفس جهات مخابراتية، تسمي نفسها حراك الشمال!! فإننا نكون أعدنا الإنسان إلى مرحلة ما قبل الآنسنة والجمال والحب والوئام وهي مرحلة الحيوان الوحش الحجري!! ونكون أكدنا النظرة الصهيونية بحق أن العرب وحوش تأكل بعضها البعض من أجل المال، وأن الدين الإسلامي يولد العنف والقتل وإبادة الآخر بوحشية!! الفيدراليون غارقون بكأس المصالح الشخصية الفيدرالية هي إحدى صور الخيارات الأسوأ التي سيجني سوادها اليمنيون، باعتبارها خيارا صهيونيا تفتيتيا يضع اليمنيين في خانة من يدمرون البنية الوطنية الشعبية الواحدة ومشروع الدولة الوطنية الذي لم يصلوه بعد منذ سبتمبر وأكتوبر!! ومن يقول بان الفيدرالية فكرة جميلة ويدندن عليها ليل نهار وهو من ضمن النخب الوطنية ومدعياً انه الحل الأفضل والأنسب ومن أنها ستحقق مشروع الدولة الوطنية ذلك الحلم الجميل، فسنرد عليه بالقول إن هذا بالتأكيد بل وأجزم انه من تلك الفئات التي تتاجر بحقوق الناس والبسطاء في معركتها الخاصة بأطماعها مع مراكز القوى والنفوذ من اجل نيل المصالح والمكاسب المادية والمناصب والجاه! على حساب رهن مستقبل الأمة في كف عفريت هو الفيدرالية وأباليسها المتربصون من الخارج!! وبالنسبة لحقوق الناس فهي ليست إلا بضاعة يشحذون بها كالشحاذين في كل رصيف وحي فقط!! وما سيتحقق ليس مصالح وحقوق المظلومين والبسطاء وإنما مصالح هذه الذئاب التي خانت وانقلبت وتاجرت ومن ثم جندت نفسها موظفة لخدمة الاستعمار القديم الجديد وأصبحت بعد ان امتلكت بعض عناصر القوة تتبجح في وقوفها بصفوف أعداء الأمة العربية في العراق وفلسطين وليبيا وتونس ومصر واليمن!! متناسية أن التاريخ مثلما لعنها قديماً وحاضراً سيلعنها غداً وأبداً!! لأن الفيدرالية ليست إلا وصفة التخريب المنظمة والكاملة والشاملة لليمن وتشريع الانفصالات ودويلات القبائل والطوائف في كل الأرجاء وأي كلام غير هذا هو وهم ومن يبني على الوهم محال أن يجني حقائق في الواقع. * صحيفة "المنتصف"