قرأت في واحدة من ملازم الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، هجوماً على المرشدين والوعاظ الذين يخوفون المسلمين من الموت، ويرعبونهم بأحاديث عن عذاب القبر، وعن منكر ونكير، وعن قبر له شباك إلى النار، وقال إن هؤلاء يرتكبون خطأ جسيماً، لأن هذا التخويف من الموت لذاته يترك في النفوس أثراً سيئاً للغاية، إذ هم يربُّون الناس على الخوف والجبن وعدم المواجهة، كما أن أسلوبهم في هذا التخويف المعتمد على أحاديث غير صحيحة عن القبر وعذابه، وعن النعش ومنكر ونكير، والقبر كغرفة تعذيب، يخالف أسلوب القرآن ومنهج القرآن الذي فيه سور وآيات تخوف من اليوم الآخر، وليس فيها تخويف من الموت.. وعنده إذا كان المرشد أو الواعظ يريد خلق خوف من الله في النفوس، خوف إيجابي وليس خوفاً سلبياً، فليركز على ما ركز عليه القرآن حول أهوال وشدائد اليوم الآخر، عن نعيم الجنة وشقاء النار، فأسلوب القرآن يتجه إلى التخويف من جهنم والترغيب في الجنة، وليس التخويف من الموت.. ولم يلفت انتباهي قوله إن الموت أمر طبيعي ومحتوم، وأنه الخطوة الأولى في الرجوع إلى الله، إلى العالم الآخر، وأن القبر غرفة كأي غرفة في بيتك، أو حفرة ترقد فيها ويهال عليك التراب ولا تشعر فيها بشيء، ولا باب من القبر إلى النار ولا طاقة إلى الجنة، ولا منكر ونكير، والأحاديث التي ترد فيها تفاصيل عن الموت والنعش والقبر والطاقة والنافذة غير صحيحة، كما أن الجنة والنار لم تخلقا بعد! لم يلفت انتباهي قوله الذي سيكفره الوهابيون بسببه، بل لفت انتباهي أسلوبه البديع والمبدع في تصحيح تلك الأخطاء اعتماداً على القرآن وسيرة الرسول محمد، والعقل اليقظ الناقد.. قال إن الكافرين- كما حكى عنهم القرآن- سيقولون يوم القيامة: يا ويلتنا، من بعثنا من مرقدنا هذا...؟ والمرقد هو القبر، ولو كانت القبور مزعجة لفرحوا كونهم يبعثون ويخرجون منها، ويسلمون الإزعاج، ولكنهم قالوا عن القبر "مرقد" بينما قالوا عن القيامة: "هذا يوم عسير"! فإذاً، ما ورد عن أهوال القبر وعن نافذة إلى النار أو نافذة إلى الجنة غير صحيح من أساسه، كذلك ما يخوف به الناس عن منكر ونكير، فأولاً ليس هذين من أسماء ملائكة الله، وثانياً أن جهنم، وهي أشد وأسوأ من القبر، وفيها ما لا يحصى من أهلها، لها خازن واحد يدعى مالك، اسم لطيف، فلماذا يكون للقبر ملكان اثنان؟.. ثم هل يعقل أن الرسول، الذي يريد تأسيس دولة، يخوف أتباعه من الموت؟