، فرضاً فرضاً، وتمكن حتى من إعادة الحوثيين إلى مران؛ فإن اليمن لن تكون قد انتصرت، ولا تعز أيضاً. لن تكون اليمن قد انتصرت لأنها ستكون فقط قد استبدلت "الحوثيين" ب"المخلافيين".. ومليشيا بدلاً عن مليشيا.. ولن تكون تعز قد انتصرت، لأنها ستكون قد خسرت نفسها، بتحولها إلى "قبيلة" أخرى مُحَارِبة، أو بمعنى آخر: لن تصل تعز إلى مران إلا وقد أصبحت هي نفسها "مران"، أو "حاشد" أو أية قبيلة أخرى. لا حل مع الحوثيين، كمليشيا، أو كانقلاب، أو أي تعريف آخر لهم لدى خصومهم؛ إلا العمل المدني والمقاومة السلمية.. هذا هو الحل الذي كان، ولا يزال، وسيظل، هو الوحيد المنطقي والمعقول والممكن، بل ومضمون النتائج. باستثناء "الإخوان"؛ فإن كل من أعرفهم تقريباً من نخبة السياسة والإعلام والثقافة والمدنية، وهم كثير (ونخبة النخبة في اليمن غالبها من تعز طبعاً)؛ يتبنون نفس هذه الرأي ولو على تفاوتٍ في مقدار إيمانهم به.. جميعهم ليسوا مع خيار الحرب بل مع الخيار السلمي. وجميعهم يتحدث عن تجربة إسقاط مبارك والإخوان من بعده سلمياً، وبن علي في تونس أيضاً، بل وأيضاً صالح، أو نصف نظام صالح، في اليمن... لكنهم أيضاً وفي غالبهم لا يجرؤون على الإعلان عن رأيهم هذا خوفاً من أن يتم اعتبار موقفهم دعماً للحوثيين وصالح، أو أن يُصنفوا كلياً كحوثيين أو عفاشيين. (الدعوة إلى السلمية والمدنية أصبحت دعماً للحوثية؟؟؟!!!! هذه بحد ذاتها نكبة من نكبات الحرب).. لذلك ترى معظم أفراد هذه النخب ينهمكون فقط في إدانة "الحوثيين" و"غزواتهم".. دون أن ينتقلوا ولو بكلمة إلى الحديث عمَّا ينبغي ولا ينبغي في مواجهة هذه "الغزوات"!! صحيح أنهم يتخذون موقف الصمت تجاه ما يسمى ب"المقاومة"، وهذا بحد ذاته ينطوي على عدم اعتراف بهذه المقاومة، لكنهم يكشفون بذلك عن جبنٍ ضارب في دواخلهم هو في ما يبدو أحد الأسباب التي أدت بالبلاد إلى ما هي عليه. وإلا أين المشكلة في أن يدين مليشيا الحوثيين ويدين أيضاً المليشيات التي تتشكل الآن تحت ذريعة "المقاومة"؟!! المشكلة في أنه سيقال عنه "حوثي"، وهذه تهمة لا تُحتمل، وتستحق لأجل درئها أن يتخلى عن كل قناعاته أو أن يعيش حياته موارباً ومطاطياً. هكذا تبدو النخبة كما لو كانت فقدت بوصلتها، أو تخلت عن أهم القيم التي تدعو لها: المدنية.. السلمية.. "المدنية" ليست قناعة تتخلى عنها فور انتصار خصمك عليك وعليها.. "المدنية" وطن.. يزداد تمسكك به كلما تعرض لاجتياحٍ أكبر أو أعنف. كل من يرفضون الحوثيين بما هم "مليشيا"، يمررون الآن تحويل البلاد لمجموعة مليشيات، بصمتهم الرهيب.. والمفارقة أنهم صامتون كي لا يقال عنهم "حوثيون"..! *من حائطه