عبدالمجيد التركي كان هذا السؤال هو ما تبادر إلى ذهن طفل في العاشرة يجلس قريباً مني بجانب والده في المسجد، يوم أمس، وهو يستمع إلى خطيب الجمعة.. كانت الخطبة حول رحمة الله التي وسعت كل شيء، وقد أسهب الخطيب وقال إن الله ليس بحاجة لعقاب أحد يوم القيامة، ولأن رحمته وسعت كل شيء فربما يقول للعباد يوم المحشر: لقد غفرت لكم.. وحين سمع الطفل هذه الكلمات قال لأبيه: وسلمان شيغفر له؟ يدري هذا الطفل أن الله سيغفر كل شيء يتعلق به، لكنه لن يغفر لمن سفك دماً حراماً، فكيف بمن قتل الأطفال والنساء، ودمر المدارس والمستشفيات، والجسور والبيوت، وكل ماله علاقة بحياة الناس، ومن غير العدل في نظر هذا الطفل أن يغفر الله لسلمان، لأن الله عدل، ولا يظلم أحداً، ولا بد أن يقتص الله للشهداء ممن سفك دماءهم ويتَّم أطفالهم. خُطب الجمعة تتحدث غالباً عن أشياء يعرفها الناس وتُغفل ما ينبغي أن يعرفوه، وليتهم يتحدثون عن الدماء اليمنية التي تُسفك بأيدينا، ويدعون الناس إلى توحيد الجبهات وحشد الجهود صوب عدو واحد.. لكن الكثير من خطباء المساجد لا يرون في السعودية عدواً، بقدر ما يرونها داعماً ومنقذاً، لأن بطونهم امتلأت من مالها الحرام. أعجبني ما كتبه الصديق عادل بشر، يوم أمس، في صفحته على الفيس بوك، حيث قال: "لا جديد لدى خطيب الجمعة. ما زال يروي لنا أحداثاً وأساطير حصلت قبل أكثر من ألف عام.. أشعر وكأنني في مجلس "حكواتي". المطلوب خطباء من عصرنا يعيشون الواقع.. هناك من بطولات الجيش واللجان في ميادين الشرف ضد قريش هذا الزمان وحلف البغي والقذارة ما يكفي لحكايته عشرات السنين، في حال عجز الخطباء عن إيجاد موضوع مهم يتعلق بمعيشة المواطنين وأوضاع الوطن في خطبهم".