يرسم أبنائي الأعزاء وبناتي العزيزات طلاب وطالبات المستوي الثاني بكل تخصصاتهم العلمية في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء في النظامين العام والموازي بأرواحهم قبل أجسادهم كل ثلاثاء وأربعاء وخميس من كل أسبوع لوحات شديدة الإبداع ممتلئة بالأمل والطموح، يصوغون بأناملهم الغضة الطرية بانوراما فنية علمية مبهرة، يسطرون بكل ما وهبهم الله من طاقة إيجابية مذهلة أسفاراً أسطورية من التألق والابتكار، يعزفون بمنتهي الجمال والروعة سيمفونية متناغمة تنبض بالحيوية والحياة بأساليب عبقرية ما جادت به عقولهم فرادي ومجتمعين، وهم يجسدون علي الأرض موضوعات المحتوي العلمي لمادة مبادئ الحاسب الآلي، ويحولون ذلك المحتوي من مجرد قوالب صامتة جامدة جافة تحتويها المراجع العلمية المتاحة لهم إلي واقع تفاعلي منظور. وأجدني مُجبراً ومضطراً في معظم محاضراتي للجلوس في المدرجات بين أبنائي الأعزاء لأستمتع بمشاهدة ما يعرضه الذين تم اختيارهم للمشاركة الحية في المدى الزمني المحدد لكلٍّ منهم في موضوع كل محاضرة وهم يعتلون منصة الأستاذ الجامعي، وكم تمتلئ روحي بالأمل والفخر والزهو والاعتزاز بوجودي بينهم، وكم أتمني في تلك اللحظات التي تتكرر أسبوعياً أن يكون متاحاً لكل من في الكون مشاهدتهم معي لعلهم يشاركونني سعادتي وبهجتي وغبطتي بهم، لعلهم يدركون ويصلون إلى قناعة تامة ويقين مطلق بالدليل القطعي والبرهان العملي بأننا نحن اليمانيين دون أهل الأرض جميعاً تماماً كما جاء وصفنا في كتاب الله الكريم (أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ)، وأن شدة قوتنا وبأسنا لا تتجلي للعيان فقط في كسر أنف كل من يتطاول ويتأبط بوطننا الأغلى شراً في ساحات المواجهة الميدانية، ساحات البطولة والشرف والفداء، حتى لو تكالب علينا شُذاذ الآفاق المستأجرين من كل أقطار الكون، بل إن شدة قوتنا وبأسنا تتجلي أيضا في ثبات عزيمة وإرادة شبابنا المدنيين، وذلك لعمري يمثل دافعاً جديداً بالغ الأهمية لاستمرار محاولات تركيع (اليمن) كل (اليمن) مهما بلغت تكلفة ذلك التركيع، ومهما تطلب ذلك التركيع من الوقت، لكن هيهات هيهات لهم أن تتحقق لهم أماني نفوسهم المريضة في أرض (اليمن) العظيم مهما امتلكوا ومهما حشدوا ومهما استنفروا ومهما اشتروا أو استأجروا. ولا أعتقد أنني سأنسي ما كتب الله لقلبي أن يستمر بالنبض إصرار الكثير من بناتي الكريمات وأبنائي الأعزاء علي اختتام الكثير من مشاركاتهم الحية التفاعلية فيما يتعلق بموضوعات الحاسب ا?لي بترديد النشيد الوطني، إدراكا منهم لأهمية وضرورة تغذية وإحياء جذوة الروح الوطنية في هذا الظرف التاريخي الفارق الذي يئن فيها وطننا من أقصاه لأقصاه، باعتبار أن للحاسب ا?لي وتطبيقاته دورا مهما جداً وحاسما في تحقيق النصر المبين لوطننا بعون الله وبركته وإلحاق الهزيمة المنكرة بعلوج وجحافل المعتدين الجبناء، ومن المفارقات المثيرة التي اقْشعرّت لها كل جوارحي وسائر بدني ما حدث يوم الخميس الماضي تحديداً حينما وقفنا جميعا في مدرج (2) بالكلية لترديد النشيد الوطني في ختام إحدى المشاركات التفاعلية الحية وإذا بالنشيد الوطني المسجل يتوقف في بدايته بفعل انتهاء شحن بطارية الميكرفون فيستمر جميع الحاضرين بأفواههم وبصوت واحد وبحماس شديد باستكمال ترديد سيمفونية النشيد الوطني حتى نهايته. وأعلم أن هناك من أبنائي الأعزاء وبناتي الكريمات الذين أكرمني الله حين منحني نعمة أن يتتلمذوا علي يدي في تلك المادة خلال الأعوام الماضية من سيغضب ومن سيعتب حينما تطالع أعينهم كلماتي، فقد كان من بينهم الكثير والكثير من المبدعين الذين وقفوا من قبل في ذات المواضع ورسموا وصاغوا وسطروا وعزفوا في مشاركاتهم التفاعلية الحية لوحات وسيمفونيات مماثلة ولم أكتب عنهم حرفاً واحداً أو سطراً مما هو مدون في هذا المقال، ولا أملك أن أنكر أنهم فعلوا ذلك، وبتَمَيُّزٍ وإبهارٍ شديدين، غير أنني أطلب منهم جميعا أن يلتمسوا لي العذر، فزملاؤهم وزميلاتهم اليوم يقومون بالتفكير والإعداد والتجهيز لكل ذلك وهم يعيشون في أجواء مملوءة بالرعب والوجل في ظل أصوات تحليق الطائرات فوق رؤوسهم، واستباحتها لكل أرض الوطن لإفراغ حمولتها الشيطانية العنقودية والفراغية والهيدروجينية، وهم يشعرون أنهم بين يدي الله وبين كفي رحمته أكثر من أي وقت مضي من حياتهم، وأن أرواحهم الطاهرة البريئة قد تصعد إلي بارئها في أي جزء من الثانية، وبرغم كل تلك الأجواء الكئيبة القاتمة المحيطة بهم، وبرغم كل روائح الدماء والأشلاء المتناثرة حولهم، إلا أنهم بإرادة جبارة لا تلين، وإصرار لافت منقطع النظير، وعزيمة خارقة لكل ما هو مألوف ومتعارف عليه في مثل هكذا ظروف، نجدهم ماضين في عصر عقولهم وهم مستسلمون بكامل إرادتهم الحرة لحالة عصف ذهني مثيرة للإعجاب، لاستخراج واستنباط أجمل وأروع ما فيها بهدف تشكيل وصياغة وتجسيد ما ينشدونه ويسعون إليه من تفوق في ظل تنافس علمي شديد غير مسبوق، وكأنهم يفعلون ذلك في أوضاع طبيعية 100%، غير مبالين ولا ملتفتين لما يدور من حولهم، وكأنه ليس هناك ما ينغص عليهم صفو حياتهم. ومن خلال كل ما تقدم يوجه أبنائي الأعزاء وبناتي الكريمات الطلاب والطالبات بسيطرتهم علي كل بواعث الهزيمة والاستكانة والاستسلام ووضعها تحت أقدامهم ضربات قاصمة موجعة شديدة التأثير علي كبار شياطين الإنس الذين مازالوا يقودون عدوانهم علي (اليمن) بكل عناد وصلف وغرور، ويمتد ذلك التأثير للحمقي المغرر بهم المنضويين في ما يعرف بالطابور الخامس من النعال الرخيصة المستأسدة بما لدي أسيادهم وأربابهم من القوة الطاغية، أولئك الذين أرادوا لكل مظاهر الحياة أن تذوي وتموت تدريجياً، بهدف الوصول للحظة الحاسمة التي يحلمون بها ويخططون لها تلك اللحظة التي سيأذنون فيها لخلاياهم النائمة أن تصحوا وتنقض علي جثث أولئك الموتى وتفتح لهم بوابات النصر علي مصراعيها، ليتمكنوا من إعلان انتصارهم علي وطنهم، وتربعهم علي كرسي الحكم ليحكموا مملكة الأشباح وقد أبادوا وأحرقوا كل من ينتمي لهذا الوطن العظيم. شباب (اليمن) هم رأس المال الحقيقي، هم الثروة الفعلية ل(اليمن) العظيم، هم نصف الحاضر وكل المستقبل، هم الرهان، وهم وأبناؤهم من سيجنون ثمار ما يجري الآن، إما كؤوساً أشد مرارة من العلقم ذُلاً وهواناً لا قدر الله، أو أكاليل مرصعةً عزةً وشموخاً وكبرياء بمشيئة الله إن هم ظلوا علي نقاء قلوبهم وطهارة أرواحهم وثباتهم وعزيمتهم وإصرارهم علي مجابهة واقتلاع الغزاة، وعدم السماح لهم بتدنيس أي مليمتر من أرض (اليمن) العظيم.