المجلس السياسي الأعلى هو السلطة الحاكمة الشرعية في اليمن.. خطوة المجلس السياسي أتت متأخرة أكثر من اللازم.. لكنها أتت وأخذت شرعيتها ولا يجوز أن تكون ورقة للضغط أو التلاعب السياسي.. ربما لو أتت هذه الخطوة مبكرا - قبل سنة ونصف مثلا - لكان يمكن أن تكون مطروحة للبحث والنقاش والتراجع لكنها تأخرت إلى الآن وأصبح الأمر مختلف تماما.. تأخر إعلان القوى الوطنية للمجلس السياسي لم يكن عفويا.. كما أن التوصل إلى الاتفاق بين المؤتمر وأنصار الله لم يواجه صعوبات معتبرة يمكن لها أن تكون سببا في تأخر الإعلان عنه طوال الفترة الماضية.. ليست القوى الوطنية بهذا القدر من الإحساس بعدم المسؤولية كما أنها ليست بهذا القدر من الغباء والتبلد حتى تستغرق عام ونصف العام من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق.. تأخر الاتفاق بين القوى الوطنية وبالتالي الإعلان عن المجلس السياسي ا?على كان مدروس ومتعمد، بل بإمكاننا القول أن أهم ما جاء في هذه الخطوة المفصلية هو التوقيت. كيري في السعودية يدين التعرض للحدود السعودية ويعتبر الحدود الدولية أمرا مقدسا وخطا أحمر (حلوة خط أحمر).ماذا يعني ذلك ؟ السعودية تستنجد وكيري يتوعد لكن الحقيقة هي التالي: التحالف السعودي الأمريكي استنفد خياراته مع اليمنيين ولم يعد يملك أي أوراق ليضغط بها عليهم خصوصا من الناحية العسكرية.. لنرى ماذا قال أيضا: بعد عام ونصف من حرب إجرامية دمرت كل شيء في اليمن إلا عزيمة اليمنيين وشجاعتهم وإصرارهم، يقر كيري ومعه السعوديون بعدم جدوى الحل العسكري وبضرورة الحل السياسي ويتحدث عن مبادرة لوقف الحرب.. تشكيل حكومة وحدة وطنية ثم تسليم السلاح لطرف ثالث.. هذا تقريبا ما كان مطروحا القوى الوطنية ومرفوض بشدة من الرياض.. الآن بدأ الأمريكيون بالترويج له وبرضا سعودي واضح.. التعنت والغباء والاستكبار السعودي جعل السعوديين غير مواكبين للواقع ولا مستوعبين للمتغيرات الكبيرة التي تحدث.. سواء على المستوى اليمني، أو على المستوى السعودي، أو على المستوى السعودي اليمني معا، وكل ذلك ليس بمعزل عن المتغيرات الإقليمية والدولية، جميع تلك المتغيرات لازالت السعودية عاجزة عن مواكبتها وتعاني من تبلد شديد حيالها.. يعني حاجة شبيهة بنكتة الحمار في حديقة الحيوان الذي لم يضحك للنكتة إلا في اليوم التالي بعد أن نامت جميع الحيوانات.. ولذلك ما كانت السعودية ترفضه بالأمس أصبحت تبحث عنه اليوم.. قبل الإعلان عن المجلس السياسي طرحت صنعاء مبادرة تسليم السلاح لحكومة وحدة وطنية لكن الرياض رفضت. بعد الإعلان عن المجلس السياسي طرحت أمريكا مبادرة صنعاء وإن برتوش سعودية لا تؤثر كثيرا على مضمونها، بمعنى أن السعودية قبلت (متأخرا) ما كانت تعرضه صنعاء غير أن الوضع في صنعاء اختلف بتشكيل المجلس السياسي صنعاء الآن تطرح مبادرة أهم وأقوى.. حوار مباشر بين اليمن والسعودية.. السعودية (كالعادة) ترفض، وهذا غباء صبياني مستفز.. ستقبل السعودية بالحوار المباشر مع اليمنيين، هذا ا?مر لا شك فيه، لكنها (وكعادتها دائما) ستكون متأخرة أكثر من اللازم، وقد تبحث عن ضغوط دولية لإقناع اليمنيين بالجلوس إلى طاولة الحوار المباشر، تماما كما تفعل الآن باستدعاء كيري للضغط باتجاه الحلول التي كانت ترفضها بالأمس..