ما أبشع السياسة وما أقذرها حينما تتجرد من كل القيم والمبادئ والأخلاقيات، وتزداد بشاعتها وقذارتها بما يعتمل في الكواليس والسراديب والغرف المغلقة بعيداً عن الأضواء ونور الشمس الساطعة، بما يمكن وصفه بممارسة (الدعارة) السياسية، التي تنتهك فيها تماما كل المقدسات، وتستباح فيها بالمطلق كل المحرمات، دونما كابح أو رادع أو زاجر أو ضابط أو سقف معين. و? يمكن أن يتقبل عقلي ما يذهب إليه الكثير من أن هذه هي السياسة وهذه هي مواصفاتها، كلها دس ووقيعة ومؤامرات ومكائد، و? محمود فيها، فهي شرٌ مطلق يتزعمه ويسيره شياطين الجن والإنس، وأن على من ولج عالم السياسة وامتطى صهوتها أن يوطن نفسه علي أنه إنما ولج عالماً مشبعاً بالمكر والخداع والاحتيال والمراوغة والمداهنة حسبما يقتضيه كل موقف علي حدة، وأنه بدون امتلاك الإنسان لكل تلك المواهب وبراعته في ممارستها، أو وجود استعداد فطري لديه لاكتسابها وتنميتها وصولاً لمرتبة الاحتراف، فإنه من سابع المستحيلات عليه أن يظل طويلاً في عالم السياسة المتعفن. حتى وإن كان واقع الحال اليوم وربما لقرون ممتدة مضت يتفق مع ما يراه أولئك، إلا أنني سأظل علي قناعتي بأنه يمكن للإنسان ممارسة فن السياسة، دون أن يكون مضطراً لتلويث ذاته بتلك القاذورات، ودون أن يلطخ نفسه بكل ذلك الوحل المقزز، صحيح أن السياسي ينبغي أن يتمتع بالذكاء الشديد، والدهاء والحنكة في القيادة، والمهارة في تسيير الآخرين وإدارتهم بالكيفية التي تجعلهم ينفذون كل ما يكلفهم به من مهام بمثابرة وهمة عالية وهم في قمة البهجة والسعادة، وتتجلي براعته وروعته وإبداعه في نجاحه بإنجاز كل ذلك بمنأى ومعزل تماماً عن أي إسفاف أخلاقي أو انحطاط قيمي، وهو حينما يجعل من الأخلاق القويمة والقيم الحميدة مرتكزاً ومنطلقاً له، فإنه يتحول لرمز وطني صاحب (كاريزما) قيادية بالغة التأثير في محيطه كمثل أعلي وقدوة حسنة لكل من له صلة به، ويحظى باحترام الأعداء قبل الأصدقاء. وفيما يتعلق بشأن العدوان على (اليمن) العظيم، نجد أن (المسوخ) البشرية التي قدر الله لها أن تحكم عالم اليوم تمارس بشكل علني سافر ووقح ما أطلقنا عليه من قبل (الدعارة) السياسية بكل ما تحمله الكلمة من معني، فإن لم يكونوا مساهمين أصيلين في دعم ومساندة العدوان، فإنهم يغضون طرفهم ويشيحون بوجوههم عن ما يرتكب من مجازر بشرية وحشية غير مسبوقة في التاريخ البشري في حق أبناء (اليمن) العظيم تشكل وصمة عار في وجه الإنسانية بمجملها تحت ذريعة جلب المصالح لأوطانهم، ولعل المستشارة الألمانية (ميريكل) قد نجحت في تصوير واقع الحال الذي نتحدث عنه هنا بكلمات محدودة، حتى وهي ذاتها مشمولة ضمنياً بما عبرت عنه حينما قالت أنها ? تعرف أحداً يدعم ويدافع عن (الجائرة الكبري) دون حصوله علي رشوة منها. والظاهر للعيان بفعل تلك (الدعارة) السياسية المخزية المقززة أن المال وحده هو من يحرك تلك (المسوخ) البشرية، لكننا ندرك أنهم يحكمون دولاً تدعي أنها عظمي تمتلك من القوة الضاربة ما يجعلها قادرة علي السيطرة علي كافة منابع النفط في كل دول الخليج الكرتونية فعلياً في أقل من ساعة بإرادة سياسية فقط، ودون تدخل عسكري مباشر، وتقاسمها فيما بينها بعد ذلك وفق اتفاق وتنسيق مسبق بين تلك (المسوخ) البشرية، لأن من يحجبون عقولهم بعقالاتهم أجبن من المواجهة معهم من جهة، ولأن كل منابع النفط تحت سيطرتهم الفعلية من خلال الشركات النفطية التي تديرها وجيوش الخبراء الأجنبية من جهة أخري، وبالتالي فإن ملوك وأمراء كل تلك الممالك الصورية المهترئة يدركون تمام الإدراك أنهم ? يملكون من أمرهم وأمر ثرواتهم شيئاً، حتى وإن منحهم سادتهم مساحة وهمية يبدون من خلالها ظاهرياً أنهم هم أصحاب الإرادة والقرار. ونعلم يقيناً أن تلك (المسوخ) البشرية التي تعتقد أنها تحكم العالم متجاهلةً أن للكون رباً يُسير شئونه، تحرك مطاياها من سفهاء الخليج كيفما تشاء، وأن تلك المطايا ? حول لها و? قوة، ونعلم بأن تلك (المسوخ) تنفخ فيهم كل بواعث الكبر والعنجهية للاستمرار في حماقتهم التي يدركون أنها ستفضي حتماً لزوالهم، لذلك فإنهم يتعمدون غرسهم في الوحل كلما حاولوا الانتفاض والفكاك، وما المشروع البريطاني الذي كان سيطرح في مجلس الأمن (الصهيوني) لإصدار قرار أممي بوقف غير مشروط للعدوان غير المبرر علي وطننا العظيم إلا أكبر دليل علي ذلك، ثم وبصورة مفاجئة يتم تجميد المشروع واستبداله بأكذوبة هدنة ال 72ساعة التي ? نعلم بالضبط من يقف وراءها، هل الرئيس المخلوع بطلب من بابا (شالومان) كما بثت فضائحياتهم؟!، أم بطلب من الأمم المتحدة؟!، ومن هي الجهة المحايدة ولو صورياً لمراقبة تلك الهدنة والمخولة بإعلان من اخترقها؟!، وتعمد ترك الأمر كما في كل مرة للمعتدي والمعتدي عليه ليعلن كل منهما أن الآخر هو المخترق والمنتهك لها. لا تنتظروا شيئاً من تلك (المسوخ) المشوهة، خصوصاً وأن هناك من يتحدث عن وجود صفقة مقايضة أُبْرِمَت مؤخراً لإطلاق يد (روسيا) في سوريا، مقابل إطلاق يد (أمريكا) في اليمن، و? نستغرب وفقاً لتلك الصفقة المشبوهة – إن صح وجودها – أن تنتشر القوات البرية الأمريكية قريباً في السواحل اليمنية بمحاذاة باب المندب تحديداً، لكننا لهم بعون الله بالمرصاد، وسينالهم من كرم ضيافتنا ما سبق أن ناله غيرهم من الجبارين المتغطرسين في الأرض، وسننتصر بعون الله لأننا عاجزون تماماً عن الهزيمة، وليس لنا من خيار آخر غير ذلك، وهم يدركون أن ? خيار ثالث أمامنا، فإما أن نعيش في وطننا العظيم أحراراً، أو أن ندفن في جوفها أحراراً، ولن تري الدنيا علي أرضي وصياً.