(النداء الأخير) على شاكلة (العشاء الأخير)، من حيث المبنى والمعنى والمآل، وهو مفهوم لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل... والغاية من النداء الأخير، لفت الانتباه، والتحذير من الوصول إلى مآلات (العشاء الأخير) المعلومة للجميع. وذلك بسقوط اليمن (الإنسان والهوية والأرض) من الوجود الحقيقي، ودخولها دائرة الغياب والأحاديث والروايات التي تعيد تاريخ المؤامرة والخيانة، بالإضافة إلى تاريخ الخراب والتشرد والتمزق، (ومزقناهم كل ممزق). المهم، لم يعد لدينا وقت لتزييف الحقائق والتدليس على الناس، أو للمناورة اللفظية والسياسية، فالوضع الراهن الذي يعيشه الشعب اليمني مأساوي في كل حالاته وصوره، وينذر بكارثة حقيقية لا تبقي ولا تذر. ومن ثم، فهو لا يحتمل المداهنة أو الصمت من قبل النخب الثقافية والاجتماعية والسياسية المستقلة والوطنية. وذلك في أثناء تعاطيها مع النخب السياسية والعسكرية والدينية، مصدر الصراعات والحروب الأهلية، بحيث يتم نصحها باستشعار المسؤولية والخطر المحدق بالوطن، ودفعها بكل الوسائل الممكنة إلى التراجع عن حساباتها الخاطئة، ومغامراتها اللامعقولة، وتقديم التنازلات قبل سقوط المعبد فوق رؤوس الجميع، خصوصا وأن هذه الأطراف والنخب السياسية والدينية جميعا تحمل شعارات فارغة وعبثية نتيجتها الوحيدة والحتمية شق الصف، وتمزيق النسيج الاجتماعي. ولها خطابات مسمومة، تقتل الأجيال والمستقبل. وهي بلا برامج سياسية، أو مشاريع وطنية جامعة توحد الناس، وتضمن حقوق أبناء الشعب اليمني جميعا، أيا كانت آراؤهم أو مهما تعددت نحلهم وتوجهاتهم العقدية والسياسية والفكرية. لا شك في أن جميع أطراف الصراع السياسي شركاء في الإجرام بحق الوطن، لكننا نرى أن القوى المتحالفة مع العدوان، هي الأشد إجراما وفتكا. ولو تأملنا قليلا في هذه القوى لوجدناها غير متصالحة مع نفسها، فهي متنافرة ومتصارعة مع بعضها، ومتنافرة أيضا مع قوى العدوان الخارجي، وما يجمع بينهما هي المصلحة الآنية، فمثلا القوى الداخلية - وهم الإخوان وهادي والحراك وداعش- يستفيدون من دعم السعودية لمواجهة خصومهم السياسيين (صالح والحوثي)، ولتحقيق كل طرف مصلحته الخاصة. أما القوى الخارجية وهي السعودية ودول الخليج فهي تستفيد من الإخوان والحراك وداعش؛ لتحقيق مشاريعها وأهدافها الخاصة في اليمن، ضمن لعبة المشاريع الإقليمية والدولية المستعرة حاليا بقوة في المنطقة. إن كل ما يحدث هو تلاقي مصالح آنية، بدليل اشتعال الخصومات والمعارك بين أطراف الداخل في تعزوعدن، وليس آخرها ما حدث ويحدث من معارك بين كتائب أبي الفضل العباس من جهة، وكتائب المخلافي من جهة ثانية في تعز، وما حدث ويحدث أيضا من معارك ضارية وصراعات في عدن بين تيارات متعددة. وبروز الخلاف بين هادي والإمارات. أو بالأصح بين الإمارات والسعودية، وكذا عودة القاعدة من جديد إلى أبين، ومحاولة تمددها من جديد في الجنوب. إنه النداء الأخير لحلفاء العدوان في الداخل اليمني، الذين يريدون أو يرغبون في تحرير صنعاء، (كما يتوهمون).. إننا نقول لهم: شكرا لا نريد تحريركم، فتحريركم فوضى وخراب وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة واغتيالات. نعم، أنتم تتحركون بلا مشروع وطني، ولا قيم إنسانية، وأن الرابط الوحيد بينكم، هو المال السعودي الذي جمعكم وقلوبكم شتى، وكذا حقدكم المشترك الذي جعلكم شركاء في محاربة الوطن والانتقام منه، والتحالف مع العدوان لقتله وحصاره وتدميره. صحيح قد تكون لكم قضية ما، لكن ممارساتكم وحقدكم على الوطن وانتقامكم من أبنائه قد أضاع هذه القضية. وهل سألتم أنفسكم لماذا تصمتون أمام جرائم العدوان، وهو يقتل الأطفال والنساء والأبرياء في المدارس والمنازل والطرقات؟!. ولماذا توافقون على الحصار وتتلذذون بتجويع الشعب كله، وعدم صرف المرتبات، مع أن الرئيس هادي التزم أمام العالم عند نقل البنك بتسليم مرتبات الموظفين، وها هي الأموال بين يديه، وهو يتلذذ وحكومته بتجويع الموظفين وإذلالهم لمدة خمسة أشهر؟!. إنه النداء الأخير، اجنحوا للسلم، وانزعوا أيديكم من يد العدوان، وعودوا إلى الوطن الذي يتسع للجميع، وإن لم يتسع فسنكون نحن وإياكم في جبهة وطنية واحدة لنجعله يتسع. عودوا إلى صوابكم، فأنتم لا تجهلون الحقيقة، التي تقول بأنكم أدوات بيد العدوان، ومهمتكم تجييش العوام، أي من لا يدرك الحقيقة؛ لبلوغ أهدافه لا أهدافكم، وتحقيق أحلامه ومطامعه ومشاريعه، لا أحلامكم ومطامعكم ومشاريعكم. إنه النداء الأخير، متى ترتوون من دماء أشقائكم، وأبناء شعبكم؟!. ومتى تصحو ضمائركم، وتعودون إلى رشدكم، وقد خسرنا الوطن الموحد والآمن والمستقر؟!. صحيح لستم المخطئين والمذنبين لوحدكم في حق الوطن، فهناك شركاء لكم في اغتيال الوطن وتمزيق هويته ونسيجه الاجتماعي، لكنكم بتحالفكم مع العدوان، وإصراركم على استمراره في قتل شعبكم وحصاره وتدميره، أكسبتموهم الشرعية والتعاطف؛ لمواجهتهم للعدوان، وتقديمهم التضحيات. ولولا العدوان لوجدت استحقاقات أخرى، حتما سيفرضها الشعب على الجميع. هل تعقلون؟!. يتبع النداء الأخير (2).