كنت أريد أن أحتفل في 11 فبراير ، وكنت لأفعل ذلك لو كانت تلك الثورة التي خرجت في ذلك التاريخ قبل سنتين، لا زالت هي نفسها ..تلك التي دخلناها ونحن عيال ناس ومحترمون، قبل أن نفاجأ بعد أشهر قليلة بثورة مختلفة تخرجنا كفارا ومندسين وبلاطجة و"أمن قومي"، وعيال(...). ووجدت نفسي أقترح على رفاقي الثوار أن نخرج في 11 فبراير بملابس سوداء، نضرب أنفسنا بالسلاسل ، ونمرغ رؤوسنا بالتراب ونصرخ "وااودافتاه ، واافضيحتاه!" . لأن ذلك هو الأنسب لما حدث لنا . المهم ، مضى 11 فبراير ولم أحتفل طبعا ..ثم جاؤوا يقولون لي أن هناك عيداً آخر في 21 فبراير ، بمناسبة مرور عام على تسلم هادي للسلطة !. أعلم أن الأعياد غالبا ما تطلق على مناسبات شعبية "ثورة، استقلال، مناسبة دينية" أي فرحة تشترك فيها أمة أو شعب بأكمله، أما تولي شخص لسلطة أو منصب ، فإن كان لا بد لأحد من الاحتفال به ، فلن يكون إلا الشخص نفسه ، فهي مناسبة خاصة به كعيد ميلاده أو تخرجه من جامعة ما مثلا!. إلا إذا كانوا يعتبرون هادي هو المخلص المنقذ ، الذي أتى لينقذ الأمة من الضلال ، فذلك شيء لا أعلمه ، ولا تشي به تلك الطريقة الطريفة التي تم انتخابه بها . ثم لنكن صريحين قليلا .. هادي لم يكن قائدا ثوريا ، وحتى لو تخيلنا أنه كان يضمر ذلك في نفسه حسب ما يقول البعض ، فما الذي فعله لنحتفل به ولنجعل من يوم تسلمه للسلطة عيدا وطنيا ؟ ..نحن لا نرى فخامته إلا عندما يكون هناك أمر مرتبط بإيران . لقد انتظرنا ولا زلنا ننتظر مواقفه من قضايا كثيرة ، ولكنه دائما يصر على أن يخيب أملنا . وأنا لا أقصد التقليل من شأنه لا سمح الله ، ولكننا نحتاج رئيسا ظاهرا وليس ضميرا مستترا تقديره رئيس، رغم أنه يمتلك من الدعم الأممي والدولي ما يسهل عليه كثيرا من الأمور ، ولكن يبدو أنه لا يهتم لشيء!. لا زلت أذكر في 21 فبراير من العام الماضي حين كنت في ساحة التغيير مع بعض الأصدقاء "الثوار"، وأثناء نقاشنا عن الانتخابات وعن رئيس الجمهورية ، قال لي أحدهم "يا راجل اتق الله ، والله إن هادي مظلوم أزيد مننا كلنا!" . وبعد أن عرف أني لن أشارك في تلك "الانتخابات" ..وصفني بأني "عفاشي" وبلطجي..ياللهول !، هكذا بلحظة انقلبت الموازين وأصبحنا نحن من "أزلام النظام" وطلع هادي ثوري كبير ، وأصبح تولّيه للحكم عيدا ثوريا..! وبما أنهم قد حددوا يوم 18 مارس لانطلاق مؤتمر الحوار ، فلن أستغرب إن أصبح هذا اليوم أيضا عيدا وطنيا عند إخواننا المهووسين بالاحتفالات ، رغم ما يحمله هذا التاريخ من ذكرى أليمة على كل اليمنيين ، ويجدر بنا ألا ننسى يوم 21 مارس يوم أن أعلن علي محسن تأييده "السلمي" للثورة . لم يبق إلا أن يحددوا يوم محرقة تعز ، ومجزرة القاع ويجعلوها أيضا أعيادا وطنية ، ولا مانع من أن يخصصوا أسبوعا على الأقل لأحداث الحصبة ، مثل "أسبوع شمّ النسيم".. أتأمل أعيادنا ومناسباتنا الثورية ، فلا أراها إلا نكبات تاريخية ربما يجدر بنا البحث عن طريقة ما لنسيانها ، بدل أن نقوم بتخليدها !